مصر تحتاج إلى حاكم قوي وحازم بعد الفوضى التي شهدتها في السنوات الثلاث الأخيرة

السيسي

بقلم: رؤوبين باركو

مع نشر انتخاب الفريق عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر، أعلن نائب رئيس الحركة السلفية أنه لا يحل أن تتم محاربته لأنه فاز بتأييد الشعب الشرعي. ويصور ذلك تفسير الاصوليين لأمر القرآن الذي يوجب الطاعة المطلقة لولي الأمر المنتخب إلا اذا كان «ظالما» يعارض الاسلام في عمله. وعلى العموم يفضل التراث الاسلامي ألف سنة حكم ظالم على يوم واحد من الفوضى بلا حكم. وقد حدد الخليفة معاوية ماهية السلطة الحساسة ذات الصلاحية حينما قال: «بيني وبين الناس شعرة ممدودة اذا أرخوها شددتها واذا شدوها أرخيتها».
في مقابل اسلوب معاوية، يعرض الحجاج بن يوسف حاكم العراق في العصر الأموي، اسلوبا مختلفا. ويعتبر الحجاج بسبب صرامته وقسوته واحدا من أشهر الحكام المسلمين في التاريخ، وقد هزم المتمردين الذين اعتصموا في مكة على الخليفة الشرعي ولهذا عُين حاكما للعراق المتمرد. وحينما وصل خطب في خصومه قائلا إنه يرى رؤوسا «قد أينعت» و»حان قطافها»، وقضى عليهم وحكم العراق بيد من حديد. وبعد ذلك أجرى الحجاج اصلاحات زراعية، وبنى جسورا وأقرض الفلاحين، وأجرى اصلاحا في النقد. وبنى الحجاج مدينة واسط وجعل اللغة العربية رسمية وأقر نسخة قانونية واحدة للقرآن. وتصفه الرواية الاسلامية بأنه حسم الفوضى التي كان الشعب يُظلم فيها على أيدي وُلاة الامور.
إن الوضع في الشرق الاوسط وفي مصر خاصة فوضى نشأت نتاج «الربيع العربي» وتوجب توجها جديدا في الحكم. وإن عمل السيسي صعب بصورة خاصة بسبب التحديات الموضوعية ولا سيما الاقتصادية والاجتماعية، وبسبب المعركة العنيفة التي لا هوادة فيها التي تقوم بها عليه حركة الاخوان المسلمين.
ويزعم الاخوان برغم أن مراقبي الاتحاد الاوروبي صادقوا على شرعية الانتخابات، أن مرسي هو الرئيس وأن اجراء الانتخابات التي شارك فيها أكثر من 44.5 بالمئة من سكان مصر ومنحت السيسي أكثر من 90 بالمئة من الاصوات غير قانوني.
لا يعرف رجال الاخوان المسلمين لحظة واحدة ضئيلة، مع الدعاية التي ترفض شرعية انتخاب السيسي. فقد قاطع الانتخابات التي حصل فيها المرشح المنافس حمدين صباحي على نحو من 3 بالمئة من الاصوات (أقل من عدد الاصوات الملغاة) ويقومون في مواجهة النظام الذي أخذ يتشكل باخلال بالنظام وانتفاضة عنيفة كثيرة المصابين واضرابات عن الطعام في مواجهة السلطات في السجون. وتنبع اعمال الشغب من زعم أن أكثر من 22 ألفا من سجناء الحركة سجنوا بلا محاكمة ويخضعون لاعمال تنكيل. وزاد الغليان بعد أن ألغى السيسي العفو الذي اعطاه مرسي للسجناء والمحكوم عليهم بالاعدام.
هنأ السيسي في مقابلة صحفية للصحيفة الكويتية «الجريدة» في وقت قريب من فوزه، قوات الامن وبين: «لن نرجع الى الوراء ولا وقت للصراعات والجدل».
وقال إن يده ممدودة الى الجميع وأنه مصمم على احتواء الشباب ومطامحهم الى وظائف. والتزم السيسي العارف بالاخطار على حياته أن يقضي على الاخوان المسلمين وعلى مؤيدي الجهاد وحماس في سيناء، وأن يختار «محاربين» يعطون الامن والاستقرار لبسطاء الشعب الذين يطلبون حلولا «بالاعمال لا بالاقوال». وصدق القائمون بحملته الانتخابية الرسائل التي وردت في تقرير «الجريدة» لكنهم انكروا اجراء المقابيحتاج السيسي اكثر من كل شيء الى الاستقرار في مصر التي تتدحرج الى الهاوية باعتبار ذلك شرطا وجوديا يفضي الى استثمارات اجنبية وقروض من البنك الدولي فورا. وهو يحتاج الى مساعدة مستمرة من السعودية ودول الخليج من اجل أن تتنفس مصر الاوكسجين. وهو يحتاج الى السياحة التي هي اساس مهم في اقتصاد مصر الذاوي، وهو يلتزم باقرار الامن في قناة السويس وانبوب الغاز في سيناء باعتبارهما مصدرين آخرين للدخل.
ويحتاج السيسي الى مساعدة من الغرب ولا سيما الولايات المتحدة، الموجودة في «المقعد الخلفي» لعربة التاريخ. وهو يفضل أن تكون له صورة الحاكم العادل لكن لا بكل ثمن لأن الاخوان المسلمين يقفون في طريقه. وينبغي أن نأمل أن يدرك الامريكيون المنافقون برغم عدم رغبتهم، أنه يجب عليهم أن يساعدوا السيسي وأن ينقذوا مصر. وسيضطر في ضائقته الى أن يختار طريقة الحجاج المكيافيلية ويفضلها على شعرة معاوية الممدودة لأنه ليس له خيار آخر ببساطة.

اسرائيل اليوم