المضطر الحذر

نتنياهو

بقلم: براك ربيد

قرار المجلس الوزاري السياسي – الامني في موضوع حكومة الوحدة الفلسطينية كان بعيدا جدا عن التصريحات الحادة التي اطلقها في الاسابيع الاخيرة بنيامين نتنياهو وبعض من وزراء حكومته في هذا الشأن. ففي الكلام لم يبخل نتنياهو في التزلف للشعب وفي الحماسة. اما في الفعل فقد اتخذ جانب الحذر وضبط النفس. واذا أخذنا بالاعتبار تركيبة حكومة اسرائيل الحالية، فانه يمكن وصف القرار الذي اتخذه المجلس الوزاري أمس حتى بالمعتدل. فلم تعلن اسرائيل بانها لا تعترف بالحكومة الفلسطينية الجديدة، ولم تقرر مقاطعة اعضائها ولم تجمد تماما العلاقات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن).

سيكون مشوقا بالمناسبة أن نرى اذا كان سيمتثل الرئيس بيريس الاسبوع القادم كتفا بكتف مع ابو مازن والبابا للصلاة من اجل السلام في الفاتيكان في روما. واذا كانت مبادرة فرنسيس ادت الى العجب قبل اسبوع، فهي اليوم تبدو ليس أقل من هاذية. وفي هذه الاثناء يقولون في مقر الرئيس ان نتنياهو لم يطلب من بيرس الا يطير، والتنسيق بين الاطراف كامل.

كما أن المجلس الوزاري لم يتخذ قرارا عمليا سيطبق صباح غد. وبدلا من قرار دراماتيكي بتجميد أموال الضرائب الفلسطينية، ستكتفي اسرائيل باقتطاع 20 مليون شيكل آخر في الشهر لتغطية الدين الفلسطيني لشركة الكهرباء. ورغم الضغط الشديد الذي مارسته على نتنياهو قيادة مجلس «يشع» للمستوطنين، لم يتخذ قرار بزخم بناء في المستوطنات. بل ان الوزراء خولوا نتنياهو بأن يتخذ بنفسه القرار بكل عقاب آخر. عمليا، أتاحوا له ابداء المرونة وكبح الجماح.

باقي القرار تضمن مواقف مبدئية: عدم اجراء مفاوضات سياسية مع الحكومة الجديدة، الامر الذي على اي حال ليس مطروحا على جدول الاعمال في المستقبل المنظور، ورفض السماح لحماس بالتنافس في الانتخابات للبرلمان الفلسطيني. ولكن مشكوك جدا أن تجرى هذه الانتخابات بعد نصف سنة، مثلما تقرر في الاتفاق بين فتح وحماس.

الامر الاساس الذي يفهم من قرار المجلس الوزاري هو تخوف نتنياهو من التصعيد. فاذا كان ثمة شيء لا يريده هو أن تنهار السلطة الفلسطينية. والامر التالي الذي يعنى نتنياهو بمنعه هو انتقاد أو ضغط دولي على اسرائيل. فقرار المجلس الوزاري سيسمح له بان يحقق حاليا الهدف الاول. اما الهدف الثاني فهو لم يفكر حقا بامكانية أن يحققه. والدليل هو أنه في غضون خمس ساعات أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها العمل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة. وموقف الاتحاد الاوروبي لن يكون مختلفا.

أكثر من اي شيء آخر كشف سلوك نتنياهو في موضوع حكومة الوحدة بين فتح وحماس حقيقة أن ليس لديه استراتيجية أو خطة في الموضوع الفلسطيني. وحسب النمط الدائم في السنوات الخمسة الاخيرة، فان نتنياهو يرد فقط على الخطوات الفلسطينية ويودع مصير اسرائيل في ايدي ابو مازن. وبدلا من المبادرة والامساك بالثور من قرنيه نجده ينجر المرة تلو الاخرى.

مع كل حذر نتنياهو، فان الجمود السياسي لا يبشر بتطورات ايجابية. حكومة اسرائيل بقيادته هي اليوم رهينة. وهي خاضعة لرحمة المعتدين من جماعة «شارة الثمن» ومخربي حماس أو المعارك الفلسطينية الداخلية. كما أن كل الهجمات الاعلامية التي لا بد أن نتنياهو يخطط لها ضد ابو مازن لن تعفيه من السؤال – ما العمل.

 

هآرتس