فلننفصل عنهم

نتنياهو

بقلم: تشيلو روزنبرغ

قول رئيس الوزراء، في احاديث خاصة او في الغرف المغلقة انه لا سبيل آخر غير الانفصال عن الفلسطينيين يعتبر أمرا لا يقل عن الدراماتيكية. فالتقرير من جلسة لجنة الخارجية والامن في الكنيست والتي كان شارك فيها هذا الاسبوع رئيس الوزراء وجاء فيه ان نتنياهو مصمم على أن يخرج الى حيز التنفيذ الانفصال، هو أمر ذو مغزى اكبر ايضا.
ضمن أمور اخرى، قال رئيس الوزراء في تلك الجلسة المغلقة: «لا اريد دولة واحدة من البحر وحتى النهر… حتى لو كان الميزان الديمغرافي لا يعمل ضدنا وتوجد اغلبية يهودية، يبقى واضحا أن هناك حاجة الى ان تكون الاغلبية اليهودية جلية وتكون دولة ديمقراطية». وواصل نتنياهو وألقى القنبلة في ضوء افواه النواب المفتوحة: «وعليه فينبغي الوصول الى الانفصال… هكذا نحصل على أغلبية يهودية مضمونة وكذا قدرة مناورة معينة في مواجهة بعض من دول العالم العربي لفترة زمنية معينة».
هذه ليست مجرد أقوال تقال من أجل وسائل الاعلام. ونشرها ليس صدفة إذ انها تشكل سابقة ذات مغزى هائل. ثمة بالتأكيد احتمال معقول في أن يكون نتنياهو اجتاز الروبيكون ونظرته الى الواقع بعينين مفتوحتين تفوق الايديولوجيا التي أكل الدهر عليها وشرب. ثمة وجه شبه كبير جدا بين اقوال نتنياهو هذه واقوال شارون في ندوة هرتسيليا اياها التي أعلن فيها عن «فك الارتباط في العام 2005. وهكذا قال: «رؤيا الدولتين تنطوي على تنازل هائل لكل واحد من الطرفين. نحن اتخذنا قرارا تاريخيا في أننا مستعدون لهذا التنازل. وأنا اشدد – هذا، لا للتنازل باي حال عن كل موضوع بامن مواطني اسرائيل وبامن دولة اسرائيل. في هذه المجالات لن يكون اي تنازل – لا الان ولا في المستقبل. وذلك لان بديل الدولة الواحدة، التي يحكم فيها شعب شعبا آخر، ستكون مصيبة فظيعة للشعبين. هكذا فقط سيكون بوسعنا منح أمل حقيقي لشعبنا».
ان الواقع السياسي الناشيء صعب جدا على اسرائيل. يكفي أن نقرأ ونسمع أقوال الدبلوماسيين الامريكيين او الاوروبيين كي نفهم بان اسرائيل تدير حربا دبلوماسية شاملة. وحتى لو لم تكن اسرائيل مذنبة في الواقع الناشيء، فلا مفر لها غير أن تواجهها وان تخرج منها الافضل لمواطنيها. نتنياهو مسؤول عن رئاسة الوزراء ليس كي يرضي هذا الجناح أو ذاك بين السكان، بل مسؤول عن مستقبل اسرائيل بأسرها. مفهوم جدا موقف نتنياهو الذي يرى في حكومة الوحدة الفلسطينية استفزازا ومنح شرعية لحماس التي تحتفظ بايديولوجيا ابادة اسرائيل. المشكلة هي ليست اذا كان نتنياهو محقا بل حقيقة ان كل دول اوروبا والولايات المتحدة تعترف بالحكومة الجديدة.
المهم هو السلام، اذا كان ممكنا الوصول اليه. ولا يمكن لنتنياهو أن يغير هذا الموقف حتى لو خاض حملة دبلوماسية لامعة. وهو يوجد تحت ضغط كبير جدا وقراراته في هذه الاوقات ليست هي الاحسن على أقل تقدير. فالاعلان عن البناء في المستوطنات جيد تجاه الداخل كرسالة لمواطني اسرائيل. اما تجاه الخارج فهو ضار فقط، وأصداؤه السلبية يمكن ان نسمعها من كل أطراف المعمورة. فهل في نظرة استراتيجية جيد أن تكون اسرائيل تتلقى الضربات، وعزلتها آخذة في الاتساع؟ بالتأكيد لا.
ان الانفصال عن الفلسطينيين هو مصلحة اسرائيلية صرفة. كل النظريات الاخرى لا تصمد. اسرائيل ملزمة بان تنفصل عن الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن، سواء بالتسوية أم بغيرها. وكلما بكرنا كان أفضل لنا.