العراق رمز فوضى إسلامية

العراق

بقلم: رؤوبين باركو

إن نجاح قوات داعش في جعل الجيش العراقي يهرب من مدن شمال شرق الدولة، وتقدمها الى الجنوب نحو بغداد عرض الاستراتيجية الامريكية في العراق كأنها أداة فارغة. وقد أظهرت قوات داعش المسلحة تفوق النظرية القتالية التي صاغتها في مواجهة قوى عسكرية محافظة صيغت في العراق بتوجيه امريكي وفي اطار المعايير والقيم الاخلاقية والعملياتية لحروب الماضي.

نشأ اتصال جغرافي خطير بين سوريا والعراق يربط أجزاء اسلامية محتلة في شرق سوريا بأكثر مساحة الارض العراقية في غرب الدولة وجنوبها. وتخضع هذه المناطق لسيطرة المنظمات الارهابية السنية التي تحقق حلم الخلافة الاسلامية بحسب خطط القاعدة وتوابعها حقا.
يظهر في المواجهات العسكرية المستمرة بوضوح تفوق عمليات حرب العصابات والارهاب المصمم والمسلح بسلاح متقدم وبأيديولوجية اسلامية متطرفة على الكتائب الشيعية العراقية التي تفر في كل اتجاه. وذلك أمر يثير الاهتمام لكن اسلوب القتال هذا المسمى «الكر والفر» هو جزء من النظرية القتالية الاسلامية منذ عصر محمد والذي مكّن على مر مئات السنين مسلحين رحالين يلبسون خرقاً ويحملون سيوفا محنية من التغلب على جيوش استعمارية ذات خبرة كبيرة.
إن نوايا الامريكيين الخيرة قادت منطقتنا الى الجحيم. وقائمة الفوضى التي أحدثوها في مصر وسوريا وافغانستان والعراق وايران وكوريا الشمالية وافريقيا طويلة، بل كادت اسرائيل تدفع ثمنا باهظا في الجولان ويهودا والسامرة بسبب مغامرة الامريكيين. وقد دفعت امريكا نفسها ايضا في اطار نواياها الخيرة قتلى ومالا كثيرا وخسارة حلفاء وسلاحا ذهب هدرا بسبب مغامراتها. وقد انسحبت مثل ولد مصفوع يشعر بالاهانة لتدير العالم من المقعد الخلفي لمركب التاريخ، وتعلمون أن القيادة من هناك داعية الى حوادث السير بيقين.
استُدعي الامريكيون وعرضوا الحاجة الى صد جهود «داعش»، وتضطر الولايات المتحدة في نفس الوقت الى اجراء صلة معوجة بدول اسلامية «زميلة» تدعم بالسلاح والمال هذه المنظمات الاسلامية المتطرفة خاصة بحجة أنها تعمل على مواجهة ايران عدوتها الشيعية وتوابعها (حكومة المالكي الشيعي، وادارة الاسد في سوريا وحزب الله في لبنان)، في حين تخشى تهديدات حركات «التكفير» هذه لها.
وفي اثناء ذلك يمد الامريكيين «المسلمين المعتدلين الاخيار» الذين يعملون ضد الاسد بسلاح متقدم، في حين تحول الهزائم والتحولات في ميدان القتال وفي الولاءات وتنقل الاسلاميين بين الجبهات، تحول هذه المساعدة الى عصا مرتدة. وهو ما يعزز آخر الامر المنظمات الاسلامية التي على شاكلة داعش والقاعدة.
توجب الشيفرة العملية الاسلامية التي توجه القاعدة وداعش العمل على «العدو القريب» وعلى «البعيد» بعد ذلك فقط. ولهذا يحتار «قادة» الخلافة الجديدة هل يُتمون في اطار «الربيع العربي» اجراءات السيطرة على النظم العربية السنية «الكافرة» في مصر واليمن والاردن ودول الخليج وأن يواجهوا ايران الشيعية بعد ذلك فقط أم يستمرون على المواجهة العسكرية بينهم وبين «حرس الثورة» في سوريا والعراق ولبنان.
في اطار التزام اوباما لحلفائه يجب على الامريكيين الحائرين أن يعززوا معاقلهم في خط صد الاسلاميين على الحدود الاردنية وفي الجولان وغزة وشبه الجزيرة العربية والخليج وتمكين الايرانيين (الذين يحكمون العراق أصلا) من علاج التهديد السني وحدهم.
اذا أراد الايرانيون مساعدة امريكية على الارهابيين السنيين في العراق وسوريا فليدفعوا بـ «عملة ذرية» واقليمية مبرهن عليها وإلا فانه يجب على امريكا أن تتنحى وتجلس جانبا.

اسرائيل اليوم

 

حرره: 
م.م