مطلوب استراتيجية اختطاف

بقلم: حاييم آسا
أمام تهديد الاختطافات مطلوب استراتيجية، سياسة يفترض أن تمنع أو تردع مثل هذا العمل. لاسفنا، بدلا من بلورة مثل هذه الاستراتيجية، سمحت القيادة الاسرائيلية للخصم بان يهاجم ويهاجم الى أن نجح.
من أجل خلق استراتيجية مناسبة، يجب أن نفهم أولا ماذا يحصل للخصم، حين يكون القصد هو قبل كل شيء الجمهور الفلسطيني. ليس جنرالاته، ليس الوزراء الذين في حكومته، بل وليس حتى رئيسه. الشارع هو اللاعب الرئيس. ففهم الامزجة السائدة هناك وحده يمكن أن ينتج استراتيجية ذات صلة حيال التطورات العنيفة، التي يعد الاختطاف في مركزها.
ولكن كيف نرى ميدان المعركة في نظر اولئك المسؤولين عن تعريفه؟ فقد تركز في الموقف السياسي للسكان الاسرائيليين الذين يسيرون يمينا. فحسب استطلاع الشهر الاخير، فان الجمهور الاسرائيلي يميني جدا (بتعابير عددية، اذا كان الوسط السياسي تمثله القيمة 3، فان اليمين المتطرف هو واحد واليسار المتطرف السياسي 5، فان الجمهور الاسرائيلي يوجد في 2.2. هذه الاستطلاعات يراها نتنياهو وبوغي ومستشاروهما. ويتضمن هذا العمى عدم النظر الى ما يحصل في الشرق الاوسط، ولا سيما في العراق وله تأثير معنوي على نشطاء الارهاب، وعلى السكان الذين يأتون من داخلهم أيضا. السكان الذين يمكن وصفهم كبرميل نفط مشتعل يتدحرج نحونا بسرعة متزايدة. ان اتخاذ القرارات السليمة ينبغي أن يتضمن فرضية العمل التالية: إذا لم أكن أرغب في المفاوضات السياسية (كما ينعكس من فشل المحادثات)، اذا كنت اواصل البناء في المناطق، واذا كنتيجة لهذه الامور وغيرها تعصف الخواطر في السجون – فاني ملزم بان أرفع الجاهزية العسكرية، الاستخبارية، التواجد في المنطقة الاشكالية، حظر حركة اليهود في الليل في المناطق الاشكالية، السماح بالنقل الآمن للجنود والمواطنين، وهكذا دواليك. اما اتهام السلطة؟ فهو كاتهام الخصم في النزال باطلاق النار. هذا ما يفعله نتنياهو. وهذا سخافة.
بالمناسبة، فان انعدام الفهم في موضوع الاختطافات، وهو التهديد الحقيقي والمعروف، ليس بذنب الجيش أو المخابرات الاسرائيلية. فهذان هما جسمان رائعان يعملان أكثر من «الممكن» على المستوى التكتيكي والعملياتي. ولعل هذه القدرات بالذات هي التي دفعت القيادة السياسية الى الرهان على أنه يمكن مواصلة دحرجة برميل النفط المشتعل لانهم هم – الاولاد العجيبون – سينجحون في اطفائه. وهم لم يكلفوا نفسهم عناء الفحص والاستيضاح العميق لعشرات محاولات الاختطاف التي احبطت في السنة الاخيرة. فلو فعلوا ذلك لاكتشفوا بان غير قليل من هذه احبطت بفارق شعرة: إما بالصدفة، أو بسبب اخطاء الخصم. وربما أيضا كانوا سيكتشفون بأنهم ذات يوم سينجحون في الاختطاف.
لماذا؟ بسبب الدافع المتعاظم لدى النشطاء، المنظمات، أشباه المنظمات، وبالاساس الدافع المتعاظم لدى السكان الفلسطينيين. فالعنصر السياسي أضاف النفط الى البرميل المشتعل، ولكن زعماءنا لم يتمكنوا من تشخيص هذا. لماذا؟ لانه لا توجد لديهم استراتيجية. ولهذا لم يكن هناك من يقرأ العنوان على الجدار.
٭ مستشار استراتيجي سابق لاسحق رابين
معاريف