المشبوهون الفوريون

بقلم: ميخال أهروني
لولا النائبة حنين الزعبي لما حظي أي عربي بالحديث عن الاختطاف في وسائل الاعلام. في مثل هذه الايام، في مثل هذه اللحظات، يصبح العرب منكشفين أكثر مما هم بشكل عام. مشاعرهم لا تعني احداً، ما يفكرون به غير ذي صلة؟ من اجل أن يتم اقتباسهم يتعين عليهم ان يقولوا ترهات، مثل الترهات التي تخص النائبة الزعبي فيها.
ليس سهلا أن يكون المرء عربيا في مثل هذا الزمن، حين تكون دولة كاملة تقف على ساقيها. من جهة مواطنون اسرائيليون، من جهة اخرى مواطنتهم معلقة كل الوقت بشيء ما، معلقة بالشك. ، مواطنو اسرائيل العرب، الحاضرون الغائبون، يرقصون التانغو مع الساحة. يسيرون خطوة واحدة الى الامام، يكتوون، يعودون بسرعة خطوتين الى الوراء. وفي الشبكات الاجتماعية هم هدف متحرك. ردود الفعل على تعقيباتهم تتراوح بين التحريض وبين الجنون. شتائم، سباب، تمنيات بالموت، كل شيء يوجد هناك على الجدران. وكل هذا فقط لانهم يتجرأون على أن يقولوا ما يفكرون به، يتجرأوا على أن يكتبوا كلمة «احتلال»، يتجرأوا على أن يحاولوا المشاركة في الحوار.
من أجل أن تكون عربيا وأن يستمعوا اليك فانك ملزم بان تسير نحو التطرف. إما أن تكون زعبي أ أو أن تكون زعبي ب. ان تشجب، ان تركل، ان تبصق وأن تلفظ على حماس. وكأنه لا يمكن أن يكون لك موقف مركب اكثر، فكر متحدٍ وطليق اللسان لا يستند الى التطرف.
20 في المئة من سكان دولة اسرائيل هم عرب. ومن اصل اكثر من مليون مواطن، الكثيرون منهم مثقفون ومتعلمون ويعيشون في دولة اسرائيل ولهم قدرة وصول على مصادر معلومات بالعبرية وبالعربية ويعرفون الاسرائيليين والفلسطينيين ويوجدون معهم على اتصال، ألا يوجد حتى ولا عربي واحد يقول شيئا حكيما؟ ألا يوجد أحد ما ليس زعبي وليس ابن عم ثانٍ لها؟ الا يوجد من يمكنه أن يمثل موقفا منيرا أكثر بقليل للعيون من هذا الكليشيه البائس؟ الا يوجد كاتب يعنيه كيف يشعر خُمس سكان الدولة في مثل هذا الوضع؟ الا يوجد جمهور معني، يريد مع ذلك ان يسمع شيئا ما غير ايتان بن الياهو وهو يصف للمرة المليون وواحد كيف ندخل بريا الى غزة؟ الا توجد قطرة ابداع، قطرة جهد ثقافي، بعضا مما تبقى من الروح؟ فهل كل هذا هو المفهوم من تلقاء ذاته والواضح، القائمة العادية للاحداث الامنية؟
كلنا انتظرنا النائبة الزعبي لتقول شيئا ما كهذا. وعندما قالت أنزلنا كلنا الستار وسارعنا الى الشجب وقضينا نصف نهار آخر دون أي شيء جديد تعلمناه. ولكن ماذا كان يحصل لو أن وسائل الاعلام الاسرائيلية ببساطة تعاطت مع هذا وكأنه مجرد قول آخر؟ فلو كنا حقا نعرف مواطني اسرائيل العرب، لكنا نعرف بانه يوجد بينهم الكثير من الناس الذين لهم جملة واسعة من الاراء، قسمها الاكبر مشوق وباعث على التحدي أكثر من رأيها.
في الحياة اليومية الرأي السائد في الاعلام الاسرائيلي هو أن العرب ينزلون نسبة التوزيع والنشر. في هذه الايام يمكنهم أن يرفعوها – ولكن فقط اذا كانوا هم النائب حنين الزعبي.