نفاق حماس

المنظمة تتميز بالنفاق لأنها انشأت حكومة الوحدة مع فتح من جهة ثم خطفت الفتيان الثلاثة
بقلم: شاؤول بارطال
يقوم الفتيان الثلاثة المخطوفون من وجهة النظر الاسرائيلية العسكرية والسياسية في مركز حادثة غير عادية يجب أن تنتهي الى عودتهم الى بيوتهم في أسرع وقت ممكن، سالمين معافين – وبحق. وكل سجين فلسطيني من وجهة النظر الفلسطينية لسبب أمني أو سياسي هو بمنزلة مخطوف. فالتقارير الواردة عن اعتقال نشطاء ارهاب فلسطينيين في بيوتهم توصف على نحو عام بأنها اعمال خطف ومنها الاعتقالات الاخيرة.
من الصحيح الى اليوم أنه يوجد في السجون الاسرائيلية 12 ألف معتقل فلسطيني يُعرف 5 آلاف منهم بأنهم معتقلون أمنيون. والحديث من وجهة النظر الفلسطينية عن أبطال يقضون أفضل سنوات عمرهم في السجون الصهيونية لأنهم قاموا بواجبهم القومي، وكل عمل للافراج عنهم مبارك. وهذا هو الاجماع الفلسطيني الذي تشترك فيه كل الفصائل الفلسطينية ومنها فتح. وينبع الاختلاف بين المنظمات اذا في الطريقة والثمن الذي ينبغي دفعه للافراج عنهم.
ما الذي حفز حماس الى العمل على تنفيذ اختطاف الفتيان الثلاثة بعد اتفاق الوحدة الفلسطيني وانشاء حكومة وحدة لاول مرة منذ سبع سنوات؟ كانت صفقة جلعاد شليط نقطة الذروة في شرعية منظمة حماس. وأحدثت الصفقة باعثا قويا جدا على تكرار تنفيذ عملية مشابهة يفرج فيها عن سجناء كثيرين يعانون في السجون. في 23 كانون الاول 2013 أفرج عن سامر العيساوي وهو نشيط ارهاب مركزي من الجبهة الديمقراطية. وقد دعا سامر في يوم الافراج عنه في مسيرة تمت تكريما له في العيسوية، دعا كل الفصائل الفلسطينية الى خطف جنود للافراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون قبل أن يموتوا. وأذيع كلامه بتوسع في كل الشبكات الاعلامية ولم يقع على آذان صماء. وفي نصف السنة الماضي هاج الشارع الفلسطيني بسبب قضية المعتقلين الذين كان عددا منهم في اضراب عن الطعام طويل ويخشى على حياتهم كما يقول متحدثون فلسطينيون.
اعتُقل قريبا سامر شيرين ومدحت العيساوي بسبب ادارة مكتب محاماة في شرقي القدس هدفه نقل رسائل تنظيمية بين السجناء الامنيين من حماس والجهاد الاسلامي دون علم مصلحة السجون. وتنشر في كل يوم في المواقع الفلسطينية تقارير عن حالة السجناء المضربين عن الطعام منذ 56 يوما.
بعد انشاء حكومة الوحدة الفلسطينية تحدث متحدثون كثيرون من حماس مثل موسى أبو مرزوق وسامي أبو زهري واسماعيل هنية وغيرهم بأن حماس لن تترك طريق مقاومة اسرائيل. وبرغم أن الحكومة الفلسطينية قبلت شروط الرباعية كما أعلن أبو مازن، وفي ضوء أن حماس توشك أن تشارك في الانتخابات التي ستجري في كانون الثاني 2015 بحسب اتفاق المصالحة، كان يجب عليها أن تبرز نفسها وأن تستعمل طريق الجهاد.
ولهذا اختار نشطاء حماس تنفيذ عملية اختطاف يمكن أن يجند لها شرعية من الرأي العام الفلسطيني وتقبلها كل الفصائل الفلسطينية. وينشر في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية فيلم يعرض فيه ثلاثة مخطوفين اسرائيليين مخبئين في كهف في مكان ما في قطاع غزة. وفي أول الفيلم يعرض الحساب التالي وهو أن اسرائيل افرجت عن 1050 فلسطينيا عوض جلعاد شليط، فما هو عدد السجناء الذين ستفرج عنهم اسرائيل عوض ثلاثة مخطوفين؟.
هذا ما مهد لتنفيذ اختطاف الفتيان الثلاثة الذين يُدعون في مواقع حماس والجهاد الاسلامي في الشبكة «جنودا صهاينة». وإن حقيقة «جعلهم جنودا» في سن صغيرة (16) تشهد على الهدف النهائي لعملية الخطف وهو استبدال جنود فلسطينيين بجنود صهاينة. ليس من الواضح هل كانت منظمة حماس عالمة بالآثار الاستراتيجية لهذه العملية التي قد تفضي الى تفكيك حكومة الوحدة. وقد وجدت مقدمات ذلك أمس في خطبة أبو مازن الذي تحدث عن التنسيق الامني واعادة المخطوفين الى عائلاتهم.
إن أبو مازن وسائر مؤيدي حكومة الوحدة مع حماس يجربون الآن على جلودهم استعمال حماس لصفات المنافقين التي ذكرها النبي محمد حينما وصف المنافق بقوله «اذا حدّث كذب واذا وعد أخلف واذا اؤتمِن خان، واذا خاصم فجَر».
اسرائيل اليوم