حماس الخارج لم تشارك في الاختطاف

اختطاف الجنود

بقلم:عاموس هرئيل

بدأ الاسبوع الثاني من عملية «عودوا أيها الاخوة» بحشد كثيف لقوات الجيش الاسرائيلي في القرى غربي الخليل وشمالها وفي المناطق المفتوحة بينها.

ويمشط الجنود مناطق واسعة محاولين الوصول الى معطيات تشير الى المكان الذي أُخفي فيه الفتيان الثلاثة المخطوفون. وليست تلك حربا برغم أن بعض الصور واللغة الدرامية لتقارير التلفاز الاخبارية الملونة كلها باللون الاخضر الذي تمليه وسائل الرؤية الليلية، قد تضلل المشاهدين.
تحول الجيش الاسرائيلي منذ كان الاختطاف عن نشاط شرطة وأمن جارٍ الى عمليات اعتقالات وتمشيط مخطط لها.
ولا ينتظر حتى الآن في الطرف الآخر عدو مسلح، فحماس التي يخضع رجالها للمطاردة تتهرب من كل مواجهة مباشرة أما اجهزة أمن السلطة الفلسطينية فتقدم لاسرائيل مساعدة متواصلة في الجهد للعثور على المخطوفين.
والذين يخرجون للمواجهة هم فتية وشباب فلسطينيون يرشقون قوات الجيش الاسرائيلي عند دخولها القرى والمدن بالحجارة والزجاجات الحارقة، وقد قُتل في هذه الاحداث الى الآن ثلاثة فلسطينيين أحدهم في نهاية الاسبوع.
تُبين زيارة ليلية قصيرة للواء المظليين الذي يعمل منذ اسبوع في منطقة الخليل أن العملية التي يقودها قائد منطقة الوسط نتسان ألون تجري على نحو عام بمسؤولية وضبط للنفس وأن القوات حُذرت من المس بالسكان الفلسطينيين دونما حاجة. لكن دخولا كثيفا جدا وغير عادي بالنسبة للسنوات الاخيرة لقوات الى الارض يفضي الى مواجهات محلية اخرى. وفي واحدة منها في فجر يوم الجمعة في بلدة دورا جنوب الخليل قُتل فتى فلسطيني في الـ 15 من عمره هو محمد دودين برصاص حي أطلقته وحدة مظليين على رُماة حجارة.
إن الجدل العاصف في مقدار التعاطف بين المستوطنين و»دولة تل ابيب» لا يصل الى المظليين في الخليل وهذا أمر حسن. وكما لوحظ في قضايا اختطاف سابقة – مزارع شبعا، وجلعاد شليط، واختطاف رجال الاحتياط الذي أشعل حرب لبنان الثانية – يشتغل المقاتلون في الخدمة النظامية في الأساس بقضية ما هو مصير الفتيان الذين هم أصغر سنا منهم بقليل. وفي لواء المظليين لم يسافروا في يوم السبت الى البيوت وكان جنود تلقوا بتفهم ايضا تأجيل عطلة تسريحهم. وليست الرسالة موجهة الى الداخل فقط، أي الى المجتمع الاسرائيلي، بل الى الفلسطينيين ايضا وهي أن اسرائيل تبحث عن مخطوفيها على هذا النحو، وهي تخصص لهذا الهدف جهدا طويلا عنيفا احيانا حتى لو كلف الاضرار بحياة سكان منطقة الخليل اليومية.
إن ضباط الجيش الاسرائيلي الذين يتحدثون الى نظرائهم في اجهزة الامن الفلسطينية يلاحظون هناك عدم ارتياح بسبب هوية ضحايا الاختطاف. وفي الجو العام في المناطق ربما كان أصعب على رئيس السلطة محمود عباس أن يوجه نقدا معلنا لاختطاف جندي. لكن صور الفتيان التي تنشر في وسائل الاعلام تشهد على مبلغ إثم ذلك العدوان على فتية.
تم تقبل كلام عباس الصارم بصورة جيدة في جهاز الأمن واقتبسه كل الضباط الذين تحدثت اليهم في الايام الاخيرة. وحافظت حكومة نتنياهو على تجاهل مطلق تقريبا لتلك الاقوال في حين تحول وزراؤها الكبار أمس الى عدد من الاعمال المعلنة الغامضة. فقد سارع وزير الدفاع موشيه يعلون لسبب ما الى تسجيل خطبته وصوره مع مقاتلي الوحدة الشرطية الخاصة ودورية هيئة القيادة العامة، وهم الذين ربما يرسلون آخر الامر للسيطرة على الخاطفين، ونشرها وكأنه لا يوجد ما يكفي من الوقت لهذه الاشياء بعد انتهاء العملية. وسحق وزير المالية يئير لبيد من أجروا لقاءً معه في القناة الثانية بتبرئته الشرطة من المسؤولية عن التقصير في العناية بالمكالمة الهاتفية الى مركز الطواريء.
وفي جبهة الدعاية تقوم الحكومة بعمل مزدوج هو استعمال ضغط على السلطة في محاولة لابعادها عن مصالحة حماس والبحث عن أدلة تشهد بأن قادة حماس الكبار من خارج الضفة الغربية كانوا مشاركين في سلسلة القيادة المسؤولة عن الاختطاف.
وفي القسم الاول يشهد تصريح عباس ورجاله بأن الاختطاف جعل المصالحة بطيئة بل إنه قد يوقفها تماما. وفي القسم الثاني ما زالت الأدلة ضعيفة الى الآن. إن خطبة خالد مشعل في قطر قبل شهر التي توجه فيها الى حسن سلامة، سجين حماس المسجون في اسرائيل، يمكن أن تعتبر بصعوبة شبه توجيه الى استمرار اعمال الخطف.
تنشر الآن معلومات عن صلاح عاروري، نشيط حماس الذي وافقت اسرائيل على اطلاق سراحه من اعتقال اداري عوض ابعاده عن الضفة منذ اربع سنوات، وهو يركز منذ ذلك الحين من بعيد النشاط الارهابي للمنظمة.
والتوجيهات والاموال التي يحولها عاروري من مكان اقامته في تركيا في المدة الاخيرة الى خلايا عسكرية كثيرة لحماس في الضفة تصور اسلوب عمله. وهي لا تربطه في هذه المرحلة بالعملية نفسها. ويقول شخص عسكري رفيع المستوى إن الخلايا الميدانية تحلل لنفسها سياسة المنظمة بالاعتماد على تصريحات ظاهرة ورسائل سرية تُنقل اليها.
إن قطاع غزة ما زال الى الآن جبهة ثانوية قياسا بالضفة. ويشهد سلوك قادة حماس هناك بأنهم يخشون دخول معركة بسبب الاضرار المحتملة لهجوم اسرائيلي وبسبب الضغط الثقيل الذي تستعمله مصر عليهم. لكن هذه الجبهة ايضا تغلي بنشاط تحت السطح، ففي يوم الخميس قتل خمسة من رجال حماس بانفجار غامض في نفق هو واحد من عشرات الانفاق التي حفرتها المنظمة في القطاع، وفي كل ليلة تقريبا تطلق بضع قذائف صاروخية من القطاع على النقب.
واذا تبين أن المخطوفين قتلتهم الخلية من الخليل أو اذا لم يحرز تقدم في العملية على مر الوقت فقد ترى اسرائيل احتمال أن تجبي من غزة ثمنا آخر من حماس.
وفي ما بين أيدي ذلك يجري في غزة مسار قوي محسوب لانتاج قذائف صاروخية لمدى متوسط. وقد قدر رئيس قسم البحث في «أمان» العميد إيتي باروم في بداية الشهر في خطبة له في مؤتمر هرتسليا أنه أصبح يوجد في قطاع غزة مئات القذائف الصاروخية القادرة على اصابة غوش دان.
ما زالت العملية في الضفة مستمرة في انتظار شق طريق استخباري يساعد على العثور على المخطوفين والاجابة على سؤال ماذا كان مصيرهم. ويوجد الى الآن موعدان في الفترة القريبة ستضطر اسرائيل الى اعتبارهما، ففي 28 حزيران يبدأ شهر رمضان وفي 30 حزيران تنتهي الدراسة في المدارس في الضفة. والعطلة الكبيرة تخرج الى الشوارع مئات آلاف الطلاب وتزيد في الاحتكاك بجنود الجيش الاسرائيلي عند دخولهم الى المدن والقرى في داخل اراضي السلطة الفلسطينية.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م