اعتقال قاتل باروخ مزراحي

عملية ترقوميا

بقلم: عاموس هرئيل

إن الانباء المهمة في اليوم الحادي عشر من عملية «عودوا أيها الاخوة» ليست لها إلا صلة ضعيفة بالجهود لايجاد الفتيان الثلاثة الذين اختطفوا من غوش عصيون، لكن لها صلة قوية بلب الجدل العام في اسرائيل؛ فقد جاءت لحل لغز عملية اخرى في منطقة الخليل هي قتل ضابط الشرطة باروخ مزراحي في نيسان من هذه السنة.
إن الغاء أمر حظر النشر في هذه القضية مكّن من أن يُنشر أمس أن «الشباك» اعتقل قبل شهر ونصف مشتبها فيهما في القضية وهما أب وابنه. إن الأب وهو زياد عوض وهو نشيط من حماس في قرية إذنا واحد ممن أفرج عنهم في صفقة شليط. ويوجد هنا قبل كل شيء مادة متفجرة سياسية أكثر مما لهذا الكشف من معنى في صعيد العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
يخضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ كان خطف الفتيان لضغط كبير من اليمين لمعاملة حماس بشدة أكبر والسلطة الفلسطينية بقدر ما أيضا.
ويحدد اعتقال عوض نقطة ضعف نتنياهو التي تعرضه لدعاوى من قبل المستوطنين والجناح اليميني في الليكود ونعني موافقته في تشرين الاول 2011 على التراجع عن مواقفه الايديولوجية المعلنة والافراج عن 1027 مخربا فلسطينيا مقابل الافراج عن جلعاد شليط.
إن دعوى اليمين هي التالية: أفرج نتنياهو عن مخربين مسؤولين عن قتل مئات الاسرائيليين عالما أن كثيرين منهم سيعودون الى النشاط الارهابي. والمقدم مزراحي الذي قتل حينما كان مسافرا مع ابناء عائلته للاحتفال بليل عيد الفصح في كريات اربع، هو الضحية الاولى للقرار المتسرع. وسيوجد آخرون في المستقبل ولهذا لا يجوز لرئيس الوزراء أن يظهر أي ضعف آخر نحو الفلسطينيين.
ومن هنا يأتي طلب قرارات صارمة سابقة قد اتخذت وهي رفض الافراج عن سجناء عرب اسرائيليين في الدفعة الاخيرة من مبادرة كيري، وقانون بينيت – شكيد لحظر العفو عن مخربين قاتلين وقانون التغذية قسرا لسجناء امنيين مضربين عن الطعام.
وقد اعتقل المتهم بقتل باروخ مزراحي في مطلع شهر أيار وكان رئيس الوزراء يعلم حتى قبل اختطاف الفتيان أن حقيقة كونه ممن أُفرج عنهم في صفقة شليط يتوقع أن تنشر.
وهذا قد يفسر ايضا التشدد الذي يظهره الآن – من الرفض المعلن لمفاوضة خاطفي الفتيان (الذين لم يبادروا من جهتهم الى أي اتصال كهذا الى الآن)، الى اعتقال 56 ممن أُفرج عنهم في صفقة شليط مرة اخرى عقابا على الاختطاف، واستقرار الرأي على هدم بيت عائلة عوض، والاعلان آخر الامر عن بدء معركة شاملة على حماس.
يبدو في هذه المادة الاخيرة خاصة أنه قلّت الريح شيئا ما في أشرعة الخطة الاسرائيلية، فقد اعترف ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي أمس بعد الظهر علنا بما نشر في الصباح في صحيفة «هآرتس» وهو أن الجيش يعتقد أن الاجزاء الاضافية التي ضُمت الى العملية – وهي المعركة على حماس والاعتقالات الجماعية لنشطاء المنظمة ومداهمة مكاتب الجمعيات المدنية التي لها صلة بحماس – قد استنفدت نفسها. ويوصي الجيش الاسرائيلي بالعودة الى حصر العناية في الغاية الأصلية وهي استمرار اعمال البحث عن الفتيان الثلاثة ومطاردة خلية حماس التي خطفتهم. وتنحصر اعمال البحث الآن في مناطق مفتوحة شمال الخليل وغربها.
إن انجازات العملية في الصعد الاخرى محدودة جدا، فبرغم الاعتقالات الكثيفة يعترف عسكريون بأنه سيكون من الصعب عرض أدلة تُمكّن من سجن طويل لأكثر رجال حماس ومنهم المفرج عنهم في صفقة شليط؛ وفي مداهمة مكاتب «الدعوة» صودرت اموال ومعدات تقدر قيمتها بمليوني الى ثلاثة ملايين شيكل، لكن يبدو أن نشطاء المنظمة قد اتخذوا تدابير ترمي الى منع وقوع ضرر اقتصادي آخر بحماس؛ وبرغم اعمال التفتيش الواسعة لم يوجد الى الآن سوى القليل من الاسلحة. وقد يشهد ذلك على أن النشاط الجاري في الضفة في السنوات التي سبقت الاختطاف للجيش الاسرائيلي و«الشباك» واجهزة الامن الفلسطينية، هو فعال على نحو عام وقد نجح في «تجفيف» أكثر مخزونات السلاح والشحنات المتفجرة عند حماس.
وفيما يتعلق بحل لغز الاختطاف لم يتم الحصول الى الآن على معلومات تُمكن من الوصول الى الخلية نفسها. وبينوا في الجيش الاسرائيلي أمس أن الجهود في هذا الاتجاه ستستمر ما احتيج الى ذلك دون حساب للوقت الذي يمر أو لقيود القوة البشرية والموارد.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م