أوقفوا الباب الدوار

نداف شرغاي
«لامس الدمُ الدمَ». إن القاتل يبقى قاتلا والمخرب يبقى مخربا. هذه هي الصفقة وهذه نتيجتها. وهذا هو التفضل وهؤلاء قتلاه: إن زياد عوض الذي صفى متعاونين وأُفرج عنه في صفقة شليط قتل باروخ مزراحي في ليل عيد الفصح الاخير، فـ «كل من يقتل يهوديا يبلغ الى الجنة»؛ وكان عبد الله القواسمة من مطرودي حماس الى لبنان وممن أُفرج عنهم بعد ذلك من السجن الاسرائيلي، كان مسؤولا قبل 14 سنة عن قتل دانيال شافي ابنة الخامسة في أدورا حينما كانت نائمة في سريرها يوم السبت. وكان كريم راتب يونس ايضا الذي أُفرج عنه في اطار بادرة حسن نية، كان شريكا في تصفية متعاون وحكم عليه بالسجن المؤبد. وقتلت المخربة المنتحرة التي أرسلها الى شارع الملك جورج في القدس زوجين سعيدين هما غادي وتسيبورة شيمش وكانا قد بُشرا بأن تسيبورة تحمل في رحمها توأمين. وكان لناصر أبو حميد هواية هل القضاء على العملاء فقضى على خمسة.
في 1999 أُفرج عنه في اطار بادرة حسن نية. وشهدناه بعد ذلك ينكل بجثث جنديي الاحتياط فاديم نورزيتس ويوسي ابراهامي، وتبين لنا أنه قتل بنيامين وتاليا كهانا وايلي كوهين، وأنه هو الذي أشرف على قتل غادي رجوان وأنه كان مسؤولا عن عملية في مطعم «سي.فود ماركت» حيث قتل ثلاثة.
إن القائمة طويلة ودامية ويضيق المقام عن التفصيل. وكل صفقة وأيتامها. وكل بادرة حسن نية وأراملها. ولا يعني هذا أننا لم نكن نعلم لكننا كنا في كل مرة نوهم أنفسنا مرة اخرى، وكنت أنا وأمثالي نحذر ونصرخ ونكتب مرة بعد اخرى. وتجاوزت المعارضة المعسكرات السياسية فشملت اليسار واليمين: عوزي برعام واللواء اليعيزر شتيرن من جهة؛ وموشيه يعلون وعوزي لنداو وافيغدور ليبرمان من جهة اخرى، لكن صفقة شليط كانت صفقة «بأي ثمن». فالى أين نذهب الآن بالدموع وبالغباء؟.
من نحن اذا قورنا ببطارية رؤساء «الشباك»؟ ذكر الحالي في صدق كبير أن 60 بالمئة من المفرج عنهم يعاودون النشاط، وأيد الصفقة.
فلماذا؟ وأسلافه، داني يتوم الذي أوضح لنا أن الحديث عن مخاطرة محسوبة، وكارمي غيلون وعامي ايلون ويعقوب بيري الذي وعد بأن «دولة اسرائيل قوية بقدر كاف من جهة استخبارية وعسكرية لتعالج قتلة مع دم على الايدي ايضا اذا عادوا الى الاشتغال بالارهاب».
أحقا؟ في المدة الاخيرة فقط وعوض استعداد الفلسطينيين للجلوس معنا في غرفة واحدة والحديث، نفذت ثلاث دفعات أُفرج فيها عن قتلة ثقال، لكنهم «كبار السن» و»شيوخ». وسجلوا عندكم أن قاتل مزراحي كان «كبير السن» ايضا.
كانت اسرائيل منذ 1985 تفرج عن آلاف المخربين في اطار صفقات وبوادر حسن نية وخطط سياسية وتعجيل الافراج. وقد قتل على أيديهم مئات الاسرائيليين وجرح نحو من 3 آلاف. وقد تحول الـ 1150 من المفرج عنهم في صفقة جبريل في صيف 1985 الى العمود الفقري المركزي للانتفاضة الاولى، وعاود نصفهم النشاط.
واندمج نحو من نصف الـ 7 آلاف ارهابي الذين أُفرج عنهم على أثر اتفاقات اوسلو في اجهزة ارهاب فلسطينية وشاركوا في الانتفاضة الثانية، وعاد عشرات ممن أُفرج عنهم في صفقة تننباوم الى دائرة الارهاب ايضا. وما زال المطرودون من صفقة شليط يديرون منذ سنتين ونصف بتحكم من بعيد أمور حماس في يهودا والسامرة وهم مسؤولون عن عشرات محاولات الاختطاف التي لم تنجح لحسن الحظ. فهل عمينا وأصبحنا عميانا؟ أفلا تستطيع المحكمة العليا أن تستعمل العقل السليم؟ تجرأ شخص شجاع واحد هو المحامي آريه روتر الذي كان في الماضي المستشار القانوني «للشباك» على انتقاد المحكمة العليا وقال إنها ضيعت عملها («اسرائيل هذا الاسبوع»، 28/3/2014) ويحتاج الآن وبسرعة الى شجعان آخرين.
يجب أن يعلم الحقائق المتضررون من الاختطاف ايضا. فهذا قاس لكنه ضروري. كان الحاخام عدين شتايزليتس العظيم الروح والنفس الذين اختطف الآن طلابه من غوش عصيون، كان شجاعا بقدر كاف كي يتمسك في هذه الايام ايضا بمعارضته الافراج عن مخربين. وتُظهر عائلات فرانكل وشاعر ويفراح قوة صمود ومنعة رائعة ايضا. لكن الأمهات والآباء يجوز لهم غير ذلك ايضا، فيجوز للآباء أن يقلبوا العالم لاطلاق سراح ولد. فلا تحكموا اذا على عائلة شليط، لكن اذا حانت في المستقبل ساعة امتحان وابتزاز آخر فلا يستطيع رئيس الوزراء أن يصرف السياسة في هذا الشأن على أساس دموع الأم. لأنه توجد وسائل ضغط اخرى تفضي الى اطلاق سراح المخطوفين وتخفض السعر، والعالم لا يحبها. ماذا سيكون؟ هذا أفضل من دم آخر يسفك في شوارعنا يسفكه مخربون مُفرج عنهم.
اسرائيل اليوم