خفض مستوى توقعات الجمهور

بقلم: عاموس هرئيل
بدأ رئيس هيئة الاركان بني غانتس بعد اسبوعين تقريبا من خطف الفتيان في غوش عصيون، يخفض بالتدريج مستوى توقعات الجمهور لنتائج عملية «عودوا أيها الاخوة». فقد قال غانتس أمس أمام السماعات وعدسات التصوير قرب المنطقة التي تنحصر فيها اعمال التمشيط قرب الخليل: «كلما مر الوقت زاد الخوف على حياة المخطوفين».
إن اعداد الرأي العام لامكانية أن تنتهي العملية الى اسوأ حال – وجود جثث المخطوفين أو، وهو أفظع من ذلك، استمرار اللغز شهورا كثيرة – ليس من عمل الجيش الاسرائيلي بالضرورة. لكن في وقت يكرر فيه سائر المتحدثين الرسميين مرة بعد اخرى الصيغة الملزمة وهي أن «فرض العمل أن الثلاثة أحياء»، وسع غانتس النطاق قليلا فقال إن هذا هو الفرض حقا مع عدم وجود أدلة قاطعة اخرى، لكن الوقت الذي يمر والاعتماد على تجربة الماضي ومعطيات مختلفة يثيرها التحقيق الحالي لا تبشر بالخير. إن عدم وجود دليل على حياة المخطوفين قد يشهد على أن الخاطفين في حال فرار بل قد يكونون انصرفوا من المنطقة برغم أن هذا الامكان الثاني ليس هو التقدير الذي يغلب على جهاز الامن.
وأعلن الجيش الاسرائيلي في نفس الوقت بأن العملية نفسها ستستمر لكنها ستعود للاقتصار على غايتها الرئيسة وهي العثور على المخطوفين والامساك بخلية حماس المسؤولة عن العملية. وبهذا أُعلن رسميا عن التوجه الذي بدت تباشيره في مطلع الاسبوع وهو مضاءلة النشاط الذي صاحب العملية في الاسبوع الماضي فعُرضت على أنها معركة شاملة على حماس.
إن اعتقال نحو من 300 من رجال المنظمة واعادة من أُفرج عنهم في صفقة شليط الى الاعتقال، وحملة مداهمة مكاتب جمعيات «الدعوة» الموالية لحماس – كل هذه الاتجاهات استنفدت نفسها. وقد أزال الجيش ايضا أمس عددا من الحواجز التي نصبت في منطقة الخليل. وفي الليلة بين يوم الاثنين والثلاثاء اعتقل اربعة فلسطينيين في الضفة الغربية وهو عدد أقل كثيرا من متوسط الاعتقالات اليومية في الفترة التي سبقت الاختطاف.
يبدو أن الجيش الاسرائيلي نزل عن الشجرة في حكمة. فقد نشأت هذه الاهداف من العدم تقريبا حينما بحثت الحكومة في الاسبوع الماضي عن رد مناسب على الاختطاف. لكن منذ اللحظة التي أفضت فيها عمليات الاعتقال الى احتكاك متزايد مع السكان الفلسطينيين في المدن والقرى، ولأن أكثر الاعتقالات خارج منطقة الخليل لم تخدم دفع التفتيش قدما، فضلوا في الجيش الكف عن ذلك. وصدرت الاشارة بذلك حينما أُرسلت ألوية المشاة لتمشط المنطقة المفتوحة شمال غرب الخليل على حساب النشاط الآخر.
وتم كل ذلك بضبط للنفس دون مواجهات سافرة بين هيئة القيادة العامة والمستوى السياسي من النوع الذي حدث في عدد من المراحل الحرجة من عملية «الرصاص المصبوب» في غزة في 2009.
لكن معضلة الحكومة الآن أكثر تعقيدا بكثير من معضلة الجيش. لأنه مع عدم وجود منفذ استخباري قد يزيد الضغط العام للبرهنة على انجازات للعملية التي بدأت أصلا من موقع متخلف اسرائيلي بسبب نجاح حماس في تنفيذ الاختطاف نفسه.
وفي غضون ذلك تسجل تصريحات اخرى من المجتمع الدولي منها انتقاد ما زال منضبطا الى الآن لنشاط الجيش الاسرائيلي ولقتل اربعة شباب فلسطينيين في المواجهات.
وانضم الى ذلك أمس توني بلير، مبعوث الرباعية الدولية. وبرغم الجهد الاسرائيلي اكتفت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي الى الآن بالتعبير عن العطف على مأساة عائلات المخطوفين لا أكثر من ذلك. وفي الوقت الذي سيطر فيه الاختطاف تماما على برنامج العمل الوطني الاسرائيلي لا يبدو الامر كذلك في واشنطن أو في لندن. ويبدو في نظرة من هناك أن خطف الفتيان يبدو مثل نذير سوء آخر من منطقة انحرفت كلها عن سكة الحديد.
في نظرة من بعيد تختلط الاخبار من اسرائيل بتقارير صحفية عن اختطافات وعمليات انتحارية قاتلة واعمال ذبح جماعية في سوريا والعراق وفي لبنان بقدر أقل.
وحينما يُقصف مشاهدو التلفاز في الغرب كل يوم بأفلام فيديو توثق اعدام مدنيين تُطرح جثثهم في أخاديد كما يفعل رجال القاعدة في العراق وسوريا يضعف الأسى لاختطاف الفتيان وبين يديه الفوضى العارمة. وفي حالة سفر أمهات الفتيان الثلاثة الاسرائيليين الى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، كان عدم الاكتراث وبلادة الحس أكبر بازاء التوجه المعادي لاسرائيل المعلن الذي تلتزم به المنظمة منذ سنين كثيرة.
هآرتس