«عليا» ذات الـ 123 سنة ..قصة جريمة إسرائيلية لن ينساها تراب خزاعة

جريمة اسرائيلية

سعيد قديح / خاص زمن برس

عمياء لا تُبصِر، ولا تسمع جيدًا، كانت قد بسطت سجادة الصلاة لركعتي الفجر في الخامس والعشرين من يوليو المنصرم في الوقت الذي كانت فيه قذائفُ اسرائيل تنهال من كل حدب وصوب اتجاه منطقة أبو صبح ببلدة خزاعة شرق خان يونس.

« عليا » الجدة التي قارب عمرها 123 سنة، عايشت حقبة العثمانيين والانجليز والنكبة والنكسة وحروب أخرى، قدر الله لها أن يطيل في عمرها لتلقى ربها شهيدة بعد كل هذه السنين في مجزرة خزاعة شرق خان يونس.

استغاثت، صرخت، لم يجبها أحد، حملت بيدها شيئًا من الخبز والماء، حاصرها الجنود وحدها، تلمسّت أناملها جدران كثيرة في الطريق الى منطقة مكشوفة، حتى كانت الضحية التي كانت واضحة أمام مرأى القوات الاسرائيلية الخاصة، عاجلوها برشقة رصاص اخترقت أجزاء من جسدها الضعيف، وأعطوا أمرًا لطائرة استطلاع كانت في أجواء المنطقة لإطلاق صاروخ فتّت ما تبقى منها.

ولم يكتفوا بجريمتهم لهذا الحد، بل حاصرتها جرافة عسكرية ثقيلة، تقدمت صوبها، دهست عظامها، وفرّقت أطرافها فوق الرمل وتحته، متجاهلين أنها عزلاء، ورحلت.

تفقدت زمن برس غرفة الحاجة عليا قديح التي لم تسلم من قذائف المدفعية، حيث سجادة الصلاة المتروكة على حالها، وفراش نومها، يقول حفيدها يحيى (23 عامًا ) وهو يتصفح أمامنا بعض صورها: "انه وبعد أكثر من أسبوع، بعد أن ضاعت ملامحها، وجدنا شيئًا من جسدها بين الرمل، كان عكازها متروكًا، وبعض ما حملته من الطعام والماء قربها، تحلل جسدها، لم يرحموها، قتلوها بصورة بشعة". ويضيف:" بعد يومين وجدنا قدمها بعيدًا عن مكان استشهادها، دفناها سريعًا دون ترتيب لخطورة الوضع في البلدة وقرب انتهاء الهدنة الانسانية التي استمرت لثلاثة أيام".

ويتابع:" كانت صائمة حينها، سحورها الماء والتمر، وكذلك فطورها، كانت طيبة، لم ولن أنسى ضحكتها الخفيفة حين كانت تعاجلني بالسؤال كم الساعة ؟ أو هل حان وقت الافطار ؟ وأجيبها في كل مرة:" مالك يا جدّة مش متحملة"، كانت تنادينا بعد كل عشاءِ يوم لاحتساء كوبٍ من القهوة أو الشاي تنجح يداها في اعداده". وبحرقة دمٍ تجري فيه يضيف:" نكّل الكلابُ بجثتها، لم تحمل سلاح، الماء والطعام وعكازها فقط".

تفقدت زمن برس المكان ذاته الذي كان شاهدًا على جريمة إعدامها كما وصفه حفيدها، ظهر لنا مدى حجم الدمار الذي سببته الجرافات في المكان، والقذائف والطلقات النارية الثقيلة التي اخترقت جدران المنازل، ومدى تكشّف المنطقة لنيران القناصة والطائرات، لتضاف هذه الجريمة لمجموع جرائم بحق الانسان بغزة ارتكبها جيش يدعّي الأخلاق والإنسانية.

حرره: 
م.م
كلمات دلالية: