تدمير الأبراج سياسة إسرائيلية ممنهجة للتشريد والاقتلاع!‎

أبراج غزة
سناء كمال
(خاص) زمن برس، فلسطين: ليلة رعب حقيقية عاشها الغزيون تحت وطأة انفجارات ضخمة هزت كافة محافظاته من شماله ببيت حانون إلى جنوبه في مدينة رفح، فلم يتوقع أحد أن ينجو من هذه الهجمة الشرسة على محافظات القطاع حيث لم تكن الجهود حينها قد وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من التوقيع على اتفاق لوقف اطلاق النار الذي أتمته مصر بالتوافق مع الطرفين. 
 
فكان برج الباشا على مفترق "رمزون الطيران"، وبرج المجمع الإيطالي الذي سمي على اسم الشركة الإيطالية التي بنته على موعد مع التدمير والقصف بصواريخ من طائرات حربية من نوع أف 16، كانت انفجاراتها ضخمة جدا، هزت أرجاء المدينة وتوقع المواطنين أنها حرب إبادة جماعية لهم.
 
وما إن بزغ نور الفجر وهدأت وطأة الانفجارات على تسابق الغزيون على الذهاب إلى البرجين الأضخم ليروا حجم الدمار الذي خلفته ليلة القصف العنيفة، وكانت الصدمة التي ما كانوا يتوقعوها فسويا بالأرض كما حدث مع البرج السكني "الظافر 4"، ويتساءلون ماذا فعلوا كي يقصفوا هكذا؟!.
 
لم يجد المخرج خليل المزين إجابة لهذا سوى أن إسرائيل فقدت صوابها، وكل ما تريده تدمير الشعب الفلسطيني بأكمله لا المقاومة وحدها، وتريد أن تنقص من رصيد المقاومة في الشارع، وهي تتجه اليوم إلى المباني السكنية لتسويها بالأرض، انتقاما للمستوطنين النازحين من غلاف غزة إلى وسط دولة الاحتلال.
 
ويقول المزين لزمن برس:" إسرائيل تريد تشريدنا من بيوتنا، وكأنها تقول لنا أنتم شردتم مستوطنينا فلن نترككم تهنأون في منازلكم وسندفعكم الثمن".
 
ويمتلك المزين مكتباً في برج الباشا، ولم يتوقع ولو للحظة واحدة أن يتم استهداف البرج الذي لا يضم سوى مكاتب إعلامية وعيادات أطباء وشركات تجارية، لكنه في الوقت ذاته يحمد الله على سلامته وأطفاله وعائلته حتى الآن.
 
ويضيف:" مهما تم تدمير مباني وسيارات ومهما تشرد الناس هذا كله لا يهم لأننا بالنهاية سنعيد البناء، ونستعيد حياتنا لكن ما يؤلم حقيقة هو أن نفقد أعزاء علينا ويرحلون عنا وأتمنى ألا يحدث ذلك".
 
أما جمال أبو القمصان وهو فنان فجاء يتفقد البرج الذي انهار ووقف ليس ببعيد عنه يتأمله ويحاول أن يعرف أين هو مكان مكتبه او ما كان مكتبه قبل ساعات قليلة فقط، ويتابع الأطفال الذين يتراكضون فوق الركام لعلهم يجدون ما يمكنهم إنقاذه من بقايا القصف.
 
ويقول أبو القمصان لزمن برس:" انه جنون حقيقي ولا نمتلك أي تعبير عن هذا سوى بالجنون والسادية".
 
أما سكان حي النصر شمال مدينة غزة فكانت ليلتهم ليست بالهينة وهم ينتظرون الساعة التي يقصفون بها برج المجمع الإيطالي بعد تهديده مع ساعات العصر من يوم أمس، ومع إطلاق أول صاروخ تحذيري على المجتمع تيقن الأهالي أن ليلتهم لن تكون بالهينة.
ساجي عبيد (37 عاماً) لم يجد سبيلا لحماية طفله سوى الانبطاح أرضا بعد اندلاع نيران هائلة طالت مئات الأمتار من المنازل المحيطة للبرج بعد قصفه بصواريخ من طائرة أف 16.
 
برج مكون من 15 عشر طابقاً لم يتبق منه سوى المكان المخصص للمصعد، حيث لا يمكن الاستفادة منه، كما لا يمكن أن يبقى هكذا فهو يشكل خطراً على حياة الناس والمنازل المحيطة به.
 
ويقول عبيد:" من أهدى منطقة في غزة سابقا لم أتوقع في يوم من اﻻيام اني سأنهار وابني عبد الله الذي لم يتجاوز 3 سنوات بين أحضاني وأثناء تدمير المجمع اﻻيطالي ومع السنه اللهب ويقول لي:بابا انا لسه ما انحرقت، حسبي الله ونعم الوكيل".
 
من جانبه يرى السياسي تيسير محيسن أن إسرائيل وفي عدوانها المستمر، وما تفتقت عنه عقلية الإجرام المنظم في "معركة الأبراج والمربعات السكنية الدائرة حاليا"، لازالت تمارس سياسة الاقتلاع والتشريد".
 
ويقول:" وتحارب روابط الجماعة الفلسطينية التقليدية عبر تشتيت الأهل والأقارب والجيران، والروابط الحداثية عبر تدمير الأبراج، الرمز المديني الأهم في هذه الأثناء وتشتيت علاقات المواطنة "، مشيرا إلى نيتها في إعادة الجميع إلى مربع الوصف القديم "جماعات من اللاجئين والنازحين". كي تبقي البعد الإنساني بعدا وحيدا للمسألة الفلسطينية.
 
ويوضح أن "إسرائيل بذلك تلغي البعد الحقوقي والتاريخي المتمثل في الوجود الفيزيائي والكياني والسياسي، إسرائيل لا تريدنا جماعة لها هوية مشتركة ورموز مشتركة، تعي ذاتها وتعي واقعها فتطابق بين العقل والكون".
حرره: 
م.م