الفلسطينيون تائهون

بسبب الاحداث في المنطقة أصبحوا يفقدون تأييد العالم بعامة والعرب بخاصة
بقلم:رؤوبين باركو
ينقشع غبار دمار عملية الجرف الصامد في غزة ويطغى التوتر بين كبار قادة م.ت.ف وكبار قادة حماس مع تبادل الاتهامات. وفي الوقت نفسه يستعرض اسماعيل هنية بعين جريحة أنقاض ما كان بيته، ويواصل متحدثو حماس انكار الواقع وطلب ثمرات «النصر». ويهدد الشتاء القريب اولئك الذين يأوون الى خرب غزة وأخذ ينفد الوقت الذي حدد للمحادثات في القاهرة، لكن كبار قادة حماس مستمرون في غيّهم، وهم يواصلون لأنهم «انتصروا» طلب رفع الحصار وانشاء الميناء والمطار والافراج عن السجناء ويرفضون نزع سلاح المقاومة للقضاء على اليهود.
وتُصرف السلطة الفلسطينية ايضا خطاب انتصار في وسائل الاعلام، ويثير طلب نتنياهو الى أبو مازن أن يختار بين السلام وحماس، غضب المطالبين بحكومة «الوحدة» المسلحة التي يفترض أن تهزم اسرائيل.
وفي حين يشخص كبار قادة السلطة الفلسطينية على عجل الى الولايات المتحدة وينظمون أنفسهم ليدعوا على اسرائيل أنها مجرمة حرب، يحتجون على ضم الارض في غوش عصيون، ويرفضون نزع سلاح القطاع ويؤيدون التمسك بسلاح «المقاومة» مع حماس. ويزعم كثيرون أن تأييد الجمهور لحماس في يهودا والسامرة تزيد على تأييده للسلطة الفلسطينية، ولولا اسرائيل لقضي على أبو مازن العاجز في غزة ايضا. ويقولون إن مسيرة اوسلو «ماتت»، ويتباحثون في ابتهاج في «الوحدة»، وانتفاضة ثالثة والكفاح المسلح للقضاء علينا. فهل يوجد أحد ما زال مستعدا لأن يسميهم «شريكا»؟.
يبدو أن قلوب وأفواه «شركاء السلام» الفلسطينيين غير متواطئة. وقد رفض ممثل السلطة الفلسطينية في محادثات القاهرة، عزام الاحمد، نزع سلاح حماس مخالفا التزام السلطة الفلسطينية.
وعبر أحمد غانم، وهو من كبار قادة فتح، في «الجزيرة» عن معارضة نزع سلاح المقاومة الفلسطينية من حماس. ويؤيد قادة كبار آخرون مثل نبيل شعث وصائب عريقات ومصطفى البرغوثي، يؤيدون استمرار النضال حتى «تحرير الارض» و»عودة اللاجئين» بواسطة «المقاومة الشعبية»، وهم يعملون على انشاء دولة فلسطينية من طرف واحد، ويعملون على تجريم اسرائيل كمجرمة حرب.
يستمد الفلسطينيون القوة من مظاهر المشايعة المتفرقة في العالم على إثر عملية الجرف الصامد، لكن يبدو أنهم يدركون جيدا أنه بازاء فظاعات داعش والتشابه بينها وبين حماس، أصبحت تقوى المشايعة الدولية والعربية لاسرائيل خاصة التي ضربتها في حين فشلت دول مثل الولايات المتحدة في مواجهة «أختي» القاعدة الآثمتين: جبهة النصرة وداعش.
لم يعد من الممكن ايضا الاعتماد على الامم المتحدة في اطار التسويات المستقبلية. وذكّرنا الاخفاق الذي أُسر في اطاره مراقبو الامم المتحدة على أيدي الاسلاميين في سوريا وهرب رفاقهم الابطال الى اسرائيل من وجه جبهة النصرة، ذكّرنا باخفاقات مشابهة منها اخفاق الامم المتحدة بفرض القرار 1701 المتعلق بنشر حزب الله في لبنان. وفي ضوء ذلك يبدو الاقتراح الاوروبي أن تراقب الامم المتحدة السفن من قبرص الى الميناء في غزة شيئا متناقضا.
في الوقت الذي تستعد فيه حماس للتسلح بوسائل قتالية متطورة استعدادا للجولة التالية في غزة ويهودا والسامرة، يبدو أنه حتى صناع أوهام السلام في اسرائيل سيحجمون عن منح الفلسطينيين «المتحدين» ميناءا ومطارا وسيطرة على حدود الاردن وممرا آمنا من غزة الى يهودا والسامرة «تحت رقابة الامم المتحدة». إن التطورات في منطقتنا ليست في مصلحة الفلسطينيين وليست «فلسطين» المتنازعة ذات صلة بالواقع وقد أصبحت أمرا مضايقا. وهم يحتاجون ايضا الى ما يشبه «ألتلينا» لتحسم من هو السيد عندهم.
اسرائيل اليوم