حكم بلا رؤية

ليس في دولة اليهود خطة سوى الخطة الامريكية في تأييد الدولة الفلسطينية
أفيشاي عبري
كشف براك ربيد النقاب في «هآرتس» عن الخلاف الاخطر في المجلس الوزاري الكابنيت، الخلاف الذي من شأنه أن يحل الحكومة، هو الخلاف بين لفني ويعلون بالنسبة للسلطة الفلسطينية والمسيرة السياسية مع ابو مازن. مفاجيء جدا، لماذا؟ صيف كامل قاتلت اسرائيل فصيلا فلسطينيا واحدا في غزة، وفي نهاية هذا الصيف المرير، بعد أن فقدنا 70 من أفضل ابنائنا، يصر لبيد ولفني على «مفاوضات للسلام» مع الفصيل الفلسطيني الثاني، الذي يوجد في نفس الائتلاف مع الاول. لم تنتهي بعد الجنازات والذكريات، وبعض من الشواهد ليس جاهزة بعد، ولكن الخلاف الاكثر حدة في الحكومة هو بين المؤيدين لمنح جائزة سياسية للفلسطينيين الان وبين المؤيدين لمنح جائزة للفلسطينيين بعد ذلك.
بعد أن تلقى الفلسطينيون في غزة كل ما حلموا به بل وأكثر من ذلك؛ بعد أن انسحبت اسرائيل الى حدود 49، خربت البلدات اليهودية التي بنيت بالعرق، بالدموع والكثير من الدم، وسلمت كل الارض للفلسطينيين وبعد أن واصلت تزويدهم بالكهرباء بالمجان (!) عندما عندما واصل هؤلاء اطلاق النار عليها بقذائف الهاون وقتلوا مواطنيها (!!)؛ بعد كل هذا، فان الخلاف الاساس في الحكومة ليس كيف الثأر من الفلسطينيين، كيف القتال للفلسطينيين او كيف حماية اليهود من الاجرام الفلسطيني. الخلاف الاساس هو متى يمنح الفلسطينيون كل مطلبهم. هل فورا وعلى التو، مثلما تطلب الولايات المتحدة (اليسار) او تأجيل منح الجائزة للمستقبل (اليمين). هذه هي حدود الخطاب السياسي في اسرائيل
2014 تأييد الدولة الفلسطينية الان أم معارضة الدولة الفلسطينية الان.
كيف حصل أن في دولة اليهود، والتي لكل مواطن فيها رأي منمق في كل موضوع، ليس لنا سوى خطة سياسية واحدة، وكل اليهود يمكنهم فقط أن يؤيدوها أو يعارضوها؟ الى أن اختفت كل الخطط السياسية الاخرى؟ والاكثر عجبا: كيف حصل ان ليس لليمين خطة سياسية خاصة به؟ «اليمين في الحكم منذ عشرين سنة»، يقولون لنا كل الوقت، إذن كيف حصل أن ليس هناك خطة سياسية يمينية وخطته الوحيدة هي معارضة الخطة التي اقترحها اليسار؟
واذا كنا ذكرنا الولايات المتحدة، فعندها ينبغي السؤال: كيف حصل أن الخطة التي يتبناها اليسار تحظى بدعم امريكي مكثف جدا؟ أين هناك في العالم يسار يتماثل بهذا القدر مع اهداف وزارة الخارجية الامريكية؟ والاهم من هذا: هل ما هو جيد للولايات المتحدة بالضرورة جيدا لاسرائيل ايضا؟ الخطة الامريكية للدولة الفلسطينية تشبه بشكل أليم الخطة الامريكية للدولة العراقية: يوجد عرب «معتدلون» لا يستخدمون العنف وسنبني لهم «دولة» و «جيش» بالكثير من المال (السلطة الفلسطينية تتلقى من الولايات المتحدة 400 مليون دولار بالمتوسط في السنة) كي تقاتل العرب العنيفين.
كيف حصل ان بالتوازي مع الانهيار الرائع للخطة الامريكية في العراق، الانهيار الذي خلقته داعش وقضت عليه، يصر وزراء اسرائيليون على تحقيق خطة مماثلة لها عندنا؟ ليس لمعظم هذه الاسئلة جواب. وفي السطر الاخير: لاسرائيل خطة سياسية واحدة فقط- الخطة الامريكية. الى أن تبلور اسرائيل خطة سياسية جديدة وأصلية، لا أمل في تحسن الوضع في المنطقة.
معاريف