"باردو" تحفة فسيفسائية

تونس: لا يكتسب متحف باردو الواقع في العاصمة التونسية قيمته الفنية فقط بما يعرضه من قطع وكنوز أثرية، بل كذلك من جمالية مكانه الذي بني في عهد الدولة الحسينية (1705-1957)، كما أنه يحتوي أكبر مجموعة من لوحات الفسيفساء في العالم تعد دليلا على حقبات تاريخية طويلة ومختلفة عاشتها تونس.

ويقع متحف باردو في ضاحية تونس العاصمة (4 كلم عن قلب المدينة)، وكان في الماضي مقرا لبايات العهد الحسيني، ليصبح فيما بعد متحفا ومقرا للبرلمان التونسي. ويقول مدير متحف باردو طاهر بن غالية إن المتحف شيّد في البداية ليكون قصرا لحريم العائلة الحسينية، وأشار إلى أن هذا القصر الذي يسمى بالقصر الصغير شيد في عهد الحسين بن علي باي، بنمط معماري تونسي أندلسي.

وأوضح أن المتحف العلوي كان متحفا مهما للتراث التونسي، حيث ضم عددا من الاكتشافات الأثرية والوثائق التاريخية النادرة ذات الشهرة العالمية.

ويمكن لزائر المتحف أن يطلع على أجزاء مهمة من الحضارة التونسية، في فترات ما قبل التاريخ، والفترة البربرية اللوبية، والفينيقية البونية، والرومانية القديمة، والبيزنطية، والوندالية المسيحية، والعربية الإسلامية.

وبمرور السنوات وتعدد الاكتشافات الأثرية أصبح المتحف أكثر ثراء وتنوعا، خاصة أنه يضم أكبر عدد من لوحات الفسيفساء في العالم. ويقول بن غالية إن متحف باردو يضم "أكبر مجموعة فسيفساء في العالم من حيث العدد والقيمة"، مشيرا إلى أن هذه اللوحات تعد أحسن وسيلة لمعرفة الإطار التاريخي والاجتماعي الذي عاشته تونس في العهد الروماني، منذ سقوط قرطاج إلى دخول العرب في القرن السابع الميلادي.

وأوضح أن هذا المخزون الكبير من لوحات الفسيفساء ناجم عن كون مخزون العمران كان كبيرا والمعالم كثيرة، والأفارقة (سكان أفريقية التي كانت تشمل أساسا تونس والشرق الجزائري والغرب الليبي) كانوا بارعين في تصميم لوحات هذا الفن.

وقال بن غالية إن لوحات الفسيفساء تضم صورا ومشاهد، تعبر عن الأيديولوجيا والتفكير في ذلك العصر، فضلا عن تجسيدها لطريقة العيش في تلك الحقبة التاريخية.

وأضاف أن هذه اللوحات تغطي مساحة تعادل خمسة آلاف متر مربع، مقسمة على آلاف اللوحات. ومن أكبر هذه اللوحات لوحة سوسة التي تبلغ مساحتها 130 مترا مربعا، وتزن 4 أطنان. ويقول بن غالية إن هذه اللوحة اكتشفت في سوسة، وفيها تجسيد للبحر و"لإله البحر نبتون"، مشيرا إلى "أن نبتون كان الإله الحامي للمدينة في تلك الفترة"، حسب المعتقدات الأسطورية وقتها.

يذكر أن كل ما اكتشف منذ 80 سنة تم حفظه في متحف باردو، الذي يضم عددا من تماثيل الآلهة والأقنعة التي أبدع الرومان صنعها، كما يضم المتحف عددا من النقائش والقطع الخاصة بالحضارة العربية الإسلامية، التي تجسد في معظمها ثراء الحضارة التونسية.

آ ج