دم ودم

دم ودم

جدعون ليفي

لقد حدثت مجزرة في القدس أول أمس، خمسة قتلى اسرائيليين. وفي غزة كانت حرب، 2200 قتيل فلسطيني، معظمهم من المدنيين. المجزرة تخلق حالة من الزعزعة، الحرب – أقل. في المجزرة يوجد متهمون أما في الحرب فلا يوجد. القتل بواسطة البلطة يزعزع أكثر من القتل بواسطة البندقية، وأكثر بكثير من القاء القنابل على الأبرياء في الملاجيء. الإرهاب يكون دائما فلسطيني حتى وإن قُتل مئات المدنيين الفلسطينيين. إسم ومعلومات الولد دانييل ترغرمان ذُكرت في البلاد وفي العالم بحالة من الزعزعة، وحتى براك اوباما عرف إسمه. فهل يعرف أحد ما الحديث عن ولد واحد من غزة من بين المئات الذين قُتلوا؟.

بعد عملية القدس ببضع ساعات قالت الصحفية اميلي عمروسي على منصة «مؤتمر ايلات للصحافة» إن حياة ولد يهودي واحد أهم بالنسبة اليها من حياة آلاف الاولاد الفلسطينيين. والجمهور رد بالتأييد علنا. أعتقد أنه رد بالتصفيق. بعد ذلك حاولت عمروسي أن توضح بأن كلماتها تتحدث عن التغطية التي يجب على الاعلام الاسرائيلي أن يقوم بها، الامر الذي هو أقل خطورة. كان ذلك خلال النقاش حول السؤال المخجل: هل الاعلام الاسرائيلي يساري. ولم يحتج أحد على كلمات عمروسي وقد استمر النقاش وكأن شيئا لم يحدث. وعكس النقاش الاتجاه العام في اسرائيل 2014: الدم اليهودي هو الذي يثير السخط والزعزعة فقط.

القتلى الاسرائيليين يفطرون قلوب الاسرائيليين أكثر من القتلى الآخرين، وهذا تضأمن طبيعي وانساني. مشاهد الدماء في القدس زعزعت كل اسرائيلي وكل انسان ايضا. فهذا المجتمع يُقدس أمواته إلى درجة عبادة الموت تقريبا سواءً من خلال قصص الضحايا، حياتهم وموتهم، في العملية في الكنيس أو في قمم نيبال الثلجية. هذا المجتمع يُخلد أمواته بالنصب التذكارية ومراسم الذكرى السنوية ويطلب الاستنكار بعد كل عملية ، وهو يتهم العالم بالمسؤولية عنها – بالذات من مجتمع كهذا يجب طلب التطرق للدم الفلسطيني الذي سُفك بدون مبرر. تفهم ألم الطرف الآخر بل درجة من التضأمن، لكن تفهم الطرف الآخر يعتبر خيانة في اسرائيل.

لكن هذا لا يحدث، باستثناء حالات خاصة لاعمال قتل وجرائم كراهية نفذها أفراد، فان غض النظر هو مطلق، والانغلاق مخيف. القتل على يد الجنود والشرطة لن يزعزع اسرائيل. الدعاية الاسرائيلية قادرة على التغطية على هذا الامر، والاعلام سيكون بوق الدعاية، ولن يطلب أحد ما الاستنكار ولن يعبر عن الزعزعة. القليلون سيخطر ببالهم أن الألم هو نفس الألم والقتل هو نفس القتل.

بعض الاسرائيليين مستعدون للتفكير بوالدي يوسف شوامرة، الولد الذي ذهب لقطف بعض الثمار فأطلقت النار عليه من قبل الجنود. لماذا من المبالغ به توقع حالة من الزعزعة أو على الأقل بعض الاهتمام، وفي عملية قتل خليل العناتي، إبن العشر سنوات في مخيم الفوار. لماذا لا يمكن التضأمن مع ألم الوالد عبد الوهاب حمود الذي قتل ابنه في سلواد، أو مع أبناء عائلة القطري من مخيم الأمعري التي قُتل اثنين من أبنائها على يد الجنود خلال شهر. لماذا نعتقد أن اعمال القتل هذه في الاشهر الماضية ليست صعبة جدا، وأن الكارثة حدثت فقط في الكنيس.

صحيح أن هناك امتحانا للنوايا. الزعم الاسرائيلي المعتاد هو أن الجنود على عكس المخربين ليس في نيتهم القتل. واذا كان الامر كذلك فما الذي كان يقصده القناص عندما أطلق الرصاص الحي في الرأس أو الصدر على متظاهر بعيد عنه ولا يهدد حياته، وعندما يطلق النار على ظهر ولد وهو يحاول الهرب، ألم يكن يقصد قتله.

العملية في القدس جريمة بشعة لا يمكن تبريرها. ولكن الدم الذي سُفك فيها ليس الدم الوحيد الذي سُفك هنا في القتل. ومن المفاجيء الادراك إلى أي حد محظور قول هذا الكلام.

 

هآرتس

حرره: 
ز.م