مسار يتجاوز الانتخابات

بقلم: ليمور سمميان درش
إن الصراع الذي يخوضه اليسار من اجل تغيير السلطة كان يمكن أن يكون صراعا ديمقراطيا جديرا لمعارضة محاربة، لولا أن الطريق كانت مقرونة بمحاولة لتجاوز موقف الناخب. أراد القدَر والشعب بأغلبيته الساحقة أن لا يصوت لليسار. هكذا تُبين الاستطلاعات وعلى الاغلب الانتخابات ايضا. ما العمل؟ نخلق فانتازيا تتجاوز الناخب: اقامة حكومة مكونة من جهة من احزاب يسارية مختبئة حتى تشكيل الحكومة، ومن جهة اخرى احزاب انتهازية، تأخذ المقاعد من اليمين ولكن عمليا تنضم الى حكومة يسار بعد الانتخابات.
لا يمكن تصور أن مصوت أو ناخب يسار يعتقد أن ليبرمان الذي ينادي بمقاطعة العرب في اسرائيل تحول فجأة الى حمامة سلام ومساواة. وبالتأكيد لا أحد ينجر وراء كحلون فقط لأنه يعلن عن برنامج سياسي مكمل لاوسلو. مصوتوهم يصلون فقط من الجانب اليميني للخريطة السياسية. وبطريقة غير صحيحة وتقريبا غير ديمقراطية فان أصواتهم قد تؤيد السياسة التي صوتوا ضدها بالكامل. الاحزاب المؤرجحة تحظى براحة كبيرة. ليبرمان الذي سمي في وسائل الاعلام «مهووس الحرائق» يُقدم على أنه الصوت الطبيعي في الحكومة. لا أحد ينتقد كحلون حول القائمة الغير معروفة وحول غياب الديمقراطية في اختيارها. وقبول درعي من جديد بعد أن خرج من السجن بما في ذلك التأييد الاعلامي الذي يحظى به مقارنة مع ايلي يشاي يرتبط كثيرا بذلك الأمل الابيض.
وحزب العمل – الحركة؟ يُشعل الشموع في حائط المبكى. اذا أعلن مسبقا عن برنامج سياسي يساري، أو عن اقتراح لفني – اولمرت لأبو مازن الذي يشمل تقسيم القدس واخلاء غور الاردن واعادة 50 ألف لاجيء – فانه يقينا لن يحظى بعدد أصوات تضمن له السلطة. برنامج يساري يحظى اليوم بـ 7 – 8 مقاعد وهذا ايضا في يوم جيد لحزب ميرتس.
صحيح أن هذا جزءً من اللعبة السياسية. مسموح أن تقول إنك وسط وأنت في أحد الجانبين، ولكن كيف يمكن أن الاستطلاعات تُظهر اغلبية ساحقة لمعسكر اليمين، وفي نفس الوقت تعطي فرصة حقيقية لاقامة حكومة يسار؟ هل كلاب حراسة الديمقراطية ستصمت لو كان اليسار لديه 70 مقعدا وفي النهاية يتم تشكيل حكومة يمينية؟.
المشكلة ليست طريقة الانتخابات، المشكلة هي الاخلاق السياسية المتدنية. ولا سيما وسائل الاعلام، التي تسمح بكل وسيلة بشرط أن تُفرض علينا طريق سياسية واحدة. اليسار بدلا من أن يقنع الشعب بصحة طريقه كي يتم انتخابه بأحقية، مرة يقول «فقط ليس بيبي» ومرة «غلاء المعيشة» ومرة يقدم «رجل أمن» الذي يغير جلده. كل ذلك من اجل عمل ما لا يستطيع قوله: «فقط ليس اليمين». هذه الرسالة لا يقبل بها الجمهور كثيرا. وايضا لا يقبل برسالة: «طريق اليسار». علينا فقط أن نأمل أن الجمهور، الذي هو ليس غبيا، يعطي صوته لمن يقدم ايديولوجيا واضحة وحقيقية، وليس لاولئك الذين يتجاوزون الانتخابات.
اسرائيل اليوم