الفلسطينيون لم يحضروا دروسهم جيدا

عومر دوستري

«انضمام الفلسطينيين إلى لاهاي: اسرائيل في طريقها إلى تعقيدات قانونية مربكة» هذا هو عنوان «هآرتس» بعد توقيع رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن على ميثاق روما الذي يُمكنه من تقديم دعاوى في محكمة الجنايات في لاهاي، ويبدو أن كل تهديد فلسطيني أو دولي في المؤسسات الدولية يؤدي إلى جدل ساخن في وسائل الاعلام الاسرائيلية يثير أجواء من الانهيار والكارثة الدبلوماسية. ولكن أمواج التضليل والديماغوجيا تتحطم مرة اخرى على مذبح الواقع.
إن التحليل القانوني الدولي للوضع يشير إلى أن تهديدات السلطة الفلسطينية ستبدو فارغة – حتى لو تضمنت نوايا حقيقية لامكانية الاضرار باسرائيل. ويبدو أن السلطة نفسها لا تعرف وليست خبيرة بالمؤسسات الدولية. فمثلا صحيفة «الشرق الاوسط» الصادرة في لندن ادعت في يوم الجمعة أن الممثل الفلسطيني في هولندة أوعز بالتقدم فورا بدعاوى رسمية إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي على اعمال اسرائيل التي تعتبر جرائم حرب.
وبما يتعارض مع روح الامور التي تظهر في التقرير فان محكمة الجنايات لا تنشغل باتهامات وبتحقيقات حول جرائم الدول، وإن أبو مازن لا يستطيع مقاضاة اسرائيل. ومحكمة الجنايات الدولية تنشغل باتهامات وتحقيقات موجهة لأفراد فقط، وهناك شروط معينة قد تثقل على الفلسطينيين في الدعاوى ضد ضباط اسرائيليين وموظفي حكومة لهم علاقة بأمن اسرائيل. ومن اجل مقاضاة اوساط اسرائيلية على السلطة أن تكون دولة في كل شيء، وهذا شرط الزامي يتطلبه التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية.
وبالاخذ بالاعتبار حقيقة أن مجلس الأمن رفض طلب السلطة الفلسطينية اقامة دولة، فانه من الصعب جدا على رئاسة المحكمة الجنائية أن تعتبر السلطة دولة – حتى لو اعتبرت السلطة دولة مراقبة حسب قرارات الجمعية العمومية في الامم المتحدة. كما أن السلطة لا ينطبق عليها ميثاق مونتيفيديو المتعلق بتعريف «ما هي الدولة»، حيث أن معيار «الاقليم المحدد بحدود دائمة غير متجسد في هذه الحالة».
وهناك أمام الفلسطينيين عقبة اخرى هي أن المحكمة في لاهاي تعتبر نفسها آخر جهة يمكن التوجه اليها، للقيام بتحقيقات ضد دولة متهمة لا يوجد لديها هيئة قضائية ملائمة تفحص بنفسها تلك الدولة. في اسرائيل توجد هيئة كهذه وهناك محكمة عدل عليا وهي تحظى بمكانة واعتراف دولي، وبذلك سيكون على الفلسطينيين بذل جهود كبيرة لاقناع القضاة في لاهاي بأن اسرائيل لا تحقق في سلوكها، ومن المشكوك فيه أن هذه الجهود ستثمر على ضوء التحقيقات الكثيرة التي تجري لدينا في أكثر من وسط.
واضافة إلى هذه القيود الجوهرية يتكون انطباع بأنه ما زال أمام الفلسطينيين طريق طويلة إلى أن ينجحوا في مقاضاة شخصيات اسرائيلية. يجب أن لا ننسى أن شخصيات فلسطينية معينة وبالذات أبو مازن الذي شكل حكومة ارهاب في هذا الوقت ونفذ في الماضي اعمال ارهابية، سيكونون مُعرضين لدعاوى متبادلة.
والى جانب البلبلة في كل ما يتعلق بالنشاطات القضائية ضد اسرائيل، اتهمت اوساط فلسطينية اسرائيل بـ «الاضرار بالقانون الدولي»، في أعقاب وقفها تحويل اموال الضرائب إلى السلطة. هكذا مثلا ادعى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات أن الحديث يدور عن «سرقة في وضح النهار وعمل قراصنة وليس حكومات»، وأن «هذه الاموال ليست صدقة اسرائيلية للشعب الفلسطيني، بل هم يمنعون عنه أموالا هي أصلا له».
إلا أن السلطة الفلسطينية هي ايضا مدينة لاسرائيل بأموال تبلغ 1.5 مليار شيكل – وهي ديون نتيجة رفض السلطة دفع بدل استخدام الكهرباء المزودة لها في السنوات الاخيرة. وهذه الاموال هي قانونيا لاسرائيل وبامكانهم في القدس أن يصرحوا بذلك أنهم يجبون جزءً من هذه الديون. ويحتمل أن يضطر الفلسطينيون على التعود في المستقبل القريب على النقص الدائم في التدفق النقدي اليهم حيث أنه في الكونغرس الامريكي هناك قانون يدعو إلى وقف نقل المساعدات الامريكية في حال توجه الفلسطينيون إلى محكمة الجنايات الدولية ضد اسرائيل.

إسرائيل

حرره: 
م . ع
كلمات دلالية: