مقاتلون على بؤرة الاستهداف

جيش الاحتلال

عندما لا يكون هناك اتفاق سلام فإن الحاجة لبدائل تمنع التدهور الدبلوماسي ماسة

يوعز هندل

في نيسان 1996 وجدت نفسي أتسكع مع قوة عسكرية في لبنان. حزب الله أطلق النار على كريات شمونا، وشمعون بيرس قرر أن يرد. وكنا نحن نتاج القرار. كنت ابن عشرين، لم أخف الموت في الحرب، لم أخف فقدان الرفاق. الخوف يأتي فقط عندما نكبر، في الاحتياط.
حملة «عناقيد الغضب» استمرت نحو اسبوعين وانتهت بلا شيء، ذات التفاهمات مع حزب الله، ذات قابلية الانفجار الاقليمي وبالاساس حادثة نار واحدة. بينما كنا ننفذ الاقتحامات، اختبأت طواقم من وحدة ماغيلان في الميدان في مواقع بنوها لصيد مطلقي الصواريخ. وقد خطط لكل موقع واقر على الخرائط، وكل موقع نقل التقارير والاهداف إلى الوراء. في واحد من تلك المواقع التي تقررت، على مسافة غير بعيدة حيث كنت أتجول، كان قائد سرية شاب يدعى نفتالي بينيت.
بعد بضعة ايام في الميدان، لاحظ حزب الله قوة بينيت واطلق عليها نار قذائف الهاون من داخل مبنى مدني في كفر قانا. فرد الجيش الاسرائيل بالنار وقتل مواطنون. تعقيدات القتال على ساق واحدة: منظمات الإرهاب تستخدم المدنيين كدرع بشري. وعندما يصابون، تخسر اسرائيل النقاط.
قصة كفر قانا اصبحت مؤخرا انباء بسبب جدال داخلي حول اداء بينيت في ذاك الحدث. جدال زائد على حدث عسكري في القتال. كان بينيت ضابطا صغيرا في معركة عسكرية كبيرة. والقرارات التي اتخذها كانت تكتيكية فقط، خيرا كانت ام شرا. ومما اعرفه، كانت القرارات صحيحة. انهت اسرائيل «عناقيد الغضب» بعد ضغط دولي، إذ هكذا كانت تنتهي الحملات في لبنان، والمسؤولية كلها كانت للقيادة السياسية، إذ أن الجيش مهمته تنفيذ الاوامر.
وهنا ينبغي السؤال ما علاقة حملة عسكرية وقعت قبل 19 سنة وحملة الانتخابات الحالية؟ ما علاقة بينيت الضابط الشاب والمثالي الذي يعيش في عالم عسكري تبلغ فيه الحقيقة وبين بينيت السياسي الخبير الذي يعيش الان في عالم لا يبلغ فيه بشكل عام الا الكذب؟ الجواب هو لا شيء. لا علاقة. حين لا يكون جدال جدي على الحاضر يصل الناس إلى الماضي. الجميع يكسب من المشاعر المتفجرة، وبشكل عابث الرابح الاكبر من الجميع هو بينيت الذي يطور صورته كمقاتل وكهدف لوسائل الاعلام اليسارية.
كان يمكن اجمال هذا كدرس عن الشخصيات السياسية في دائرة العلوم السياسية لو لم يكن في الخلفية تهديد حقيقي على ضباط الجيش الاسرائيلي في المحكمة الدولية لجرائم الحرب في لاهاي. في الوقت الذي انشغلنا فيه في الانتخابات وبمسألة كم كان صوت بينيت متوترا حين تحدث في جهاز الاتصال (منطقي تماما عندما تتلقى على الرأس قذائف الهاون) أعد لنا الفلسطينيون عملية تخريبية دبلوماسية.
يصعب عليّ أن ارى كيف تصل قصة بينيت إلى لاهاي، ولكن مقابله ضباط سابقون في الجيش الاسرائيلي وسياسيون اسرائيليون يمكنهم ان يجدوا أنفسهم على بؤرة الاستهداف. فلا توجد حرب أو حملة في السنوات الاخيرة لم يقتل فيها مدنيون فلسطينيون. ودوما يوجد ضابط صغير مثل بينيت في الميدان ويقاتل. ودوما توجد منظمة إرهابية تحاول أن تجمع النقاط على حساب دم رجالها. ودوما توجد قيادة سياسية تبعث بالجنود.
اذا كان هناك جدال يجب ان يدار هو اين اخطأنا في السنتين الاخيرتين بحيث واجهنا المحكمة الدولية رغم أن هذا كان علما أحمر؛ وبالاساس، كيف يمكن ردع الفلسطينيين من رفع دعاوى في المستقبل القريب. بعد 19 سنة من عناقيد الغضب فان المسؤولية هي على حكومة اسرائيل الحالية، وفي داخلها بينيت. الجنود والضباط الذين قاتلوا في حينه – بمن فيهم الموقع أدناه – يمكنهم أن يجدوا انفسهم عرضة لصراع سياسي لا يتحكمون فيه. بلا حماية.
«الوضع الراهن المقدس» لا ينجح في هذا السياق. فالفلسطينيون لم يتأثروا بتهديدات نتنياهو، بينيت واوري ارئيل. واوروبا لم تقبل تفسيراتنا لماذا لا ينبغي الاعتراف بدولة فلسطينية، واسرائيليون مشوشون يساعدوننا. بالمقابل، لم نبادر في السنتين الاخيرتين لشيء كي نعرض بدائل سياسية.
هناك من يؤمنون باتفاق السلام، وانا لست بينهم. انا اؤمن بميزان القوى، الردع، المصالح وأخذ المبادرة، كحكم المبادرة التي يتعلمها الضباط الشباب في الجيش الاسرائيلي. عندما لا يكون اتفاق سلام هناك حاجة لبدائل تمنع التدهور الدبلوماسي. اقتراحات من اليمين او من اليسار. شيء ما يتخذ فيه قرار – وليس التجاهل.
اليساريون في تل أبيب لا يقلقوني. فرجال اليسار الراديكالي في لاهاي هم الذين يهددونني. هم، بتعاون من السلطة الفلسطينية، يطلقون الان قذائف الهاون. القوة في الميدان مع ضباط صغار ومع السياسيين – بمن فيهم بينيت – مطالبون بدلا من الشعارات بتفسير جيد ما الذي يخططون له كنار للانقاذ.

يديعوت 

 

حرره: 
م.م