حل المعسكر الصهيوني

الكنيست

سياسات اليمين تؤدي إلى حل غير وطني بدولة واحدة من النهر إلى البحر
 

بقلم: نحميا شترسلر

هل من الممكن ان تكون هناك اية علاقة بين ناتان شيرانسكي وكارل ماركس؟ بين المعارض الكبير للشيوعية وبين مبدعها؟ فالسياسة تستدعي شركاء غرباء إلى سرير واحد.
بدأت أبحث في هذه العلاقة عندما سمعت رئيس الوكالة اليهودية يرد على دعوة بنيامين نتنياهو يهود فرنسا بالهجرة إلى البلاد في اعقاب العملية في باريس. فقد قال نتنياهو ان «دولة إسرائيل هي الوطن» وسنساعدكم على الاستيعاب ونتلقاكم باذرع مفتوحة». فما هو السيء في ذلك؟
شرانسكي لم يوافق. وقال: يجب الا ندعوهم للهجرة الآن «ويجب الا نرقص على الدم. ففي الخارج الكثير من التجمعات التي تخشى التفكك، ويجب ان نحافظ عليها قوية».
وحينها فهمت بعمق المقولة الشهيرة لماركس:»الوجود المادي هو الذي يحدد الوعي»، ها هو رئيس الوكالة اليهودية، الذي كان اسير صهيون، يرفض الهجرة. وهو ذلك الشخص الذي سجن في سيبيريا وهو يناضل من اجل حقه في الهجرة إلى البلاد، ها هو يقول: اتركوا الصهيونية، اتركوا الهجرة ابقوا في فرنسا، لان الوكالة اليهودية (التي قامت لتشجيع الهجرة) معنية بكم اكثر في الخارج. وهذا جيد لرجال الاعمال وجيد لجمع التبرعات. وماذا بالنسبة للصهيونية؟ لا داعي للعجلة، لربما تأتي في المستقبل.
قد يكون البعض نسي، ولكن احد الاسباب الاساسية لقيام دولة إسرائيل هي ايجاد ملجأ للشعب اليهودي. وقد صوتت دول العالم مع قرار التقسيم في نوفمبر 1947 بسبب شعورهم بالذنب تجاه الكارثة. وهاجر الصهاينة إلى الدولة الصغيرة، الضعيفة والفقيرة، بسبب فهمهم ان هذا هو المكان الوحيد الذي يستطيعون به العيش باحترام.بدون ان يناديهم احد بـ «اليهودي القذر» وبدون ان يخشوا المشي في الشارع وقبعة على رؤوسهم، او يقتلوا بسبب كونهم يهود. كما عبر عن ذلك بشكل جيد محرر «شارلي ايبدو» :»الموت وقوفاً على الرجلين افضل من الحياة ركوعاً على الركب» .
لذلك فانه من الغريب سماع مجموعات مختلفة في حزب العمل وخارجه مثل « حفل منظمات السلام» التي تقدم ادعاءات ليتسحق هرتسوغ وتسفي ليفني لدعوتهم إلى الاتحاد بينهم»المعسكر الصهيوني» اي صهيوني؟ فهم يقولون ان هذا يستثني العرب.
ماذا يريدون بالضبط عن الادعاءات الهزلية لنفتالي بينت ونتنياهو التي تتهم اليسار بانه غير صهيوني وغير وطني؟ ما هو هدفهم من جلد هرتسوغ وليفني؟ لتقوم هنا مرة اخرى حكومة يمينية متطرفة؟
ان الاتحاد بين هرتسوغ وليفني هو في الحقيقة اتحاد بين تيارين مركزين في الصهيونية، التيار البيتاري الذي يؤمن بمباديء جابوتنسكي، والتيار الاشتراكي الديمقراطي الذي يؤمن بنظرية كتسنلسون. فصهيونيتهم ليست السلب والقهر. ان هرتسوغ وليفني يؤمنون بحل الدولتين.وان تبقى إسرائيل ملجأ للشعب اليهودي، بمن فيهم يهود فرنسا ان رغبوا في ذلك. وان تواصل كونها دولة صهيونية، يهودية وديقراطية.كما هو مكتوب في وثيقة الاستقلال. ان تمنح المساواة في الحقوق الكاملة لجميع مواطنيها العرب – ما عدا حق العودة.
والدولة الثانية تكون دولة الشعب الفلسطيني، التي تعيش بسلام إلى جانب دولة إسرائيل، وتقرر لوحدها ماهيتها، وان تشرع لنفسها اذا ارادت قانون عودة فلسطيني. لذلك فان الاسم «المعسكر الصهيوني» لا يستبعد فقط عرب إسرائيل، بل يعطيهم الفرصة الوحيدة في تحقيق حل سياسي يحافظ على شعبهم وعلى كرامتهم .
ان اليمين الذي تملك الصهيونية الوطنية يذهب فعلياً بالاتجاه المعاكس. فسياساته تؤدي إلى حل غير صهيوني وغير وطني إلى حل الدولة الواحدة من النهر إلى البحر «دولة جميع مواطنيها» التي هي وصفة حمقاء للحروب الاهلية الدائمة.على خلفية دينية ووطنية واقتصادية وثقافية.
لذلك فان هرتسوغ وليفني قد اختاروا الاسم المناسب. وهو «المعسكر الصهيوني» الحقيقي. وشيرانسكي جدير بان يتذكر الاهداف الاساسية للوكالة اليهودية.

هآرتس

حرره: 
م.م