التعايش: جسر على أمواج عاصفة

ياعيل غفيرتس
بالنسبة لقدر كبير من الاسرائيليين لا يزال عرب اسرائيل هم ذات العرب والبحر هو ذات البحر الذي يريدون ان يلقونا فيه، نحن الدولة الصغرى التي لم تتعلم السباحة ابدا. صعب علينا ان ننزل باللائمة على الجمهور اليهودي بعد سنوات طويلة جدا استثمر فيها نتنياهو وشركاؤه كل مالهم السياسي في تشجيع هذا الخوف الدفين. ولكن بالتأكيد يجدر بنا ان ننزل باللائمة على قادة احزاب الوسط – اليسار وعلى المحللين ومقدمي البرامج في استديوهات الانتخابات على أنهم يقصون الاحزاب العربية كشركاء شرعيين في الائتلاف التالي.
امور طيبة تحصل امام ناظرينا منذ حبذ نتنياهو باعتداده تقديم موعد الانتخابات: برلمانيون تصرفوا وكأنه لا يوجد غد في مواضيع سلب ونهب الميزانية او القانون يستيقظون ليواجهوا تحقيقات الشرطة. واصبح تعزيز التمثيل النسوي شعارا مطلوبا، وباتت القوائم تنتعش وبانتظار لجنة الانتخابات سياقات اخرى تساعد على تطهير واشفاء منظومة السلطة التي غرقت في غرور قوتها. وفي سياق الصحوة التي تمر على الجمهور الاسرائيلي من الحيوي ان تفتح عين اخرى اغمضت في ظل طوفان التشريع المناهض للديمقراطية الذي اجتاح الكنيست في السنتين الاخيرتين والتحريض الخطير الذي بلغ ذروته في اثناء «الجرف الصامد» – العين التي ترى الاهمية التي في تقريب واشراك الممثلين المنتخبين لعرب اسرائيل في الحكم كمصلحة يهودية.
لا بد أن لافيغدور ليبرمان، الذي قاد التشريع لرفع نسبة الحسم بهدف اقصاء عرب اسرائيل عن الكنيست، افكارا ثانية عن الخطوة في ضوء انهيار حزبه في الاستطلاعات. ولكنه في اقدامه على تصفية الاحزاب العربية يبدو أنه حقق بركة إذ ان هذه الاحزاب هي الاولى التي نهضت لتتبنى ما اصبح تحديا في الانتخابات الحالية من حيث تراص الكتل. ومن المكان الذي اراد فيه قصف سد التعايش الذي صاغه موقعو وثيقة الاستقلال تنشأ الفرصة لبناء جسر مع مواطني اسرائيل العرب على اسس ديمقراطية حقيقية.
ان اقامة جسر انساني هي الابداع الاكثر تحديا في حياة المجتمع. هذا ما عمل عليه مؤسسو الدولة في مساعيهم لخلق «اتون الصهر» – بطرق طيبة وبطرق تعيسة، ولكن انطلاقا من الفهم لاهمية خلق باب الشراكة هنا. كما أن هذا ما قصف في الاحباط السياسي المركز ويحتاج إلى اصلاح عاجل: الكف عن الاقصاء والعودة إلى بناء الشراكة. وأولا وقبل كل شيء بالفعل السلطوي: الكف عن الملاحقة والابعاد والعودة إلى تقريب من «طردوا إلى الخارج» الاصوليين والعرب على حد سواء. وهذه المهمة ملقاة أولا وقبل كل شيء على رؤساء احزاب الوسط واليسار وعلى المحللين ومقدمي البرامج في الاستديوهات ممن يواصلون اقصاء كتلة الاحزاب العربية عن كل ائتلاف سلطوي وكأن الحديث يدور عن توراة ما من سيناء، وليس عن توراة مناهضة للديمقراطية تحتاج إلى اقتلاع.
فضلا عن أنفنا اليهودي الغارق في انتخاباتنا ينشأ ميل لدى نظرائنا العرب للخروج والتعلم، وهذا الجديد وجد تعبيره ايضا في المنتخب المثير للانطباع الذي قدمته الجبهة الديمقراطية حداش. فناخبوها بدلوا وحدثوا بالشباب كل قيادة الحزب: المحامي أيمن عودة سيقود القائمة. وفي المكان الثاني النشيطة النسوية عايدة توما سليمان، وفي المكان الثالث دوف حنين وفي الرابع القانوني د. يوسف جبارين. وليس هذا فقط: حنين، الذي يجمع الكل على نوعيته كبرلماني في كل الاحزاب، تنافس على المكان الثاني في القائمة ونال 75 في المئة من أصوات الناخبين، ولكنه حبذ اخلاء مكانه في صالح امرأة.
وهكذا نتج أن الجبهة الديمقراطية حداش بالذات، الحزب الوحيد الذي يقود تمجيد الشراكة العربية اليهودية والذي لغرض اقصائه من الكنيست رفعت نسبة الحسم – هي التي حققت المستوى الاكثر ثورية بين كل الاحزاب. وهذا بالضبط هو المستوى الذي يلزم الان باجلاس مندوبي اكثر من مليون مواطن اسرائيلي كشركاء مناسبين وشرعيين في المعادلة السلطوية.
يديعوت أحرونوت