خطر الإرهاب الإسلامي

التحذيرات الصادرة عن رجال الاستخبارات البريطانية تعد في غاية الأهمية في هذا الخصوص
بقلم زلمان شوفال
رؤساء الاستخبارات البريطانية خلافا لنظرائهم الاسرائيليين الذين يقومون بذلك من حين لآخر، يمتنعون بصورة عامة عن تصريحات علنية أمام الجهات الخارجية لا يقومون بالبصق بعد خروجهم في البئر التي شربوا منها. مع ذلك عندما يتم تسريحهم من أعباء وظائفهم الرسمية فانهم يسمحون لأنفسهم احيانا (بصورة عامة بعد المصادقة لهم، واحيانا حتى بتشجيع من المسؤولين عنهم في الماضي)، بأن يقوموا باعطاء تصريحات بصورة اكثر حرية حول مواضيع لم يكن موقعهم السابق يسمح لهم بالحديث عنها.
هكذا فعل المسؤول السابق في جهاز الأمن العام البريطاني، وهكذا تصرف مؤخرا السير جون سواريس الذي كان رئيسا للموساد البريطاني، الذي وظيفته معروفة من افلام جيمس بوند. اقواله كانت محددة وواضحة: الفوضى والإرهاب في الشرق الاوسط تشكل تهديدا على اوروبا ليس اقل من التهديد الذي كان يشكله الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة.
علينا الافتراض أن اقوالا مشابهة قالها المسؤول السابق للمسؤولين عنه في الوقت الذي كان يخدم فيه في الوظيفة (تسرح فقط في تشرين الثاني الماضي)، لكن كما يبدو اعتقد، أو ربما المسؤولين عنه اعتقدوا، أنه الآن يجب عليهم اشراك الجمهور الواسع في التهديد المتعاظم سواء من اجل التوضيح بأن الحديث لا يدور عن ظواهر منفردة أو حوادث عابرة، بل عن هجوم شامل، أو من اجل اطلاق تحذيرات بأن النضال ضد الإرهاب الإسلامي يقتضي القيام بخطوات وجهود ليس أقل شمولية من تلك التي تم اتخاذها في حينه في اطار الحرب الباردة.
لم يكن صوت رئيس الموساد البريطاني منفردا تماما في الحرب ضد الإرهاب الإسلامي. يمكن أن بريطانيا على الرغم من تجربتها مع الإرهاب الايرلندي حذرة واكثر وعيا بالنسبة للتهديدات الإرهابية لكن لدى معظم حلفائها ما زالت تنتشر الفوضى وقلة التمييز الصحيح بالنسبة للخطر الماثل امامها، ربما بسبب انعدام التصميم السياسي لمواجهة الإرهاب.
هكذا في فرنسا مع مشاكلها الخاصة، وكذلك في المانيا لكن بصورة خاصة يبرز التوجه ألا نوجه نظرنا مباشرة إلى الواقع في امريكا.
في هذا الشأن بالتحديد هناك مفاجأة: المحلل السياسي لـ «نيويورك تايمز»، توم فريدمان، الذي يؤيد دائما سياسة ادارة براك اوباما أطلق سهما مؤخرا في مقاله الاسبوعي في الصحيفة تحت عنوان «علينا تسمية الولد باسمه»، وذلك ضد المقاربة المتملصة للرئيس في مسألة الإرهاب الإسلامي. «هذه الادارة تخشى من اتهامها بالإسلامفوبيا (كراهية الإسلام). وقد كتب «إنه يرفض أن يشير إلى العلاقة ما بين الإسلام المتطرف وبين الاعمال العنيفة التي تنفذ باسمه على أيدي بوكو حرام في نيجيريا وطالبان في باكستان والقاعدة في باريس والجهاديين في اليمن والعراق». (خسارة أنه نسي حماس).
«لقد دخلنا إلى مسرح اللامعقول»، أضاف فريدمان مستهزئا باقوال متحدث البيت الابيض غوش آرنست الذي ليس فقط أنكر وجود حرب لامريكا مع الإسلام المتطرف، لكنه ايضا حاول أن يشرح المذبحة التي حدثت في «شارلي ايبدو» وفي الحانوت اليهودي في باريس وكأنها نفذت على أيدي «مجرد» إرهابيين عابرين، الذين تذكروا فيما بعد الحدث أنهم مسلمون…
فريدمان الذي يعتبر ذلك اضحوكة «لا وعي للادارة»، أكد «الرئيس اوباما يعرف الحقيقة، لكنه يستمر في انكار أن العنف الجهادي المتزايد جاء من وسط طائفتهم الدينية (الطائفة الإسلامية)». هل اقوال التحذير هذه من لندن ونيويورك ستجد لها آذانا صاغية؟ هذا يجيب عنه فقط التاريخ، لكن علينا أن نأمل أن هذه تنضم إلى التحذيرات السابقة لها.
إسرائيل اليوم