كانت سويسرا حتى الآونة الأخيرة هي المكان الأكثر أمنا للودائع المالية

صورة توضيحية

كشف ثمين
بقلم يهودا شاروني

 

حتى السنوات الاخيرة حظيت سويسرا بسمعة جيدة في ثلاثة مجالات عمل اساسية: نوعية الشوكولاتة، دقة الساعات والسرية البنكية. حتى قبل بضع سنوات تدفق إلى هذه الدولة المحايدة تريليونات الدولارات بفضل امكانية الاشخاص من كل العالم على ادارة حساباتهم بصورة سرية في ظل السرية البنكية المشهورة.

كل اسرائيلي رأسمالي يعرف أن سويسرا هي المكان الآمن لوضع نقوده. واذا وصل بحقيبة مليئة بالنقود لا يتم سؤاله عن مصدر هذه النقود أو اذا ما كان دفع الضرائب عنها. الحسابات كانت لها ارقام سرية واحيانا حتى موظف البنك لا يعرف شكل زبائنه. شارع بانهوف شتراسا، شارع البنوك المركزي في زيوريخ تحول بالنسبة للاسرائيليين إلى مكان لقاء اجتماعي، ليس أقل من شارع ديزنغوف. حتى 1998 أُديرت بصورة سرية اموال تم تهريبها إلى خارج البلاد لأن بنك اسرائيل وضع قيودا على نقل الاموال إلى خارج البلاد. في هذه السنة أزيلت القيود وأصبح فتح الحسابات في البنوك خارج البلاد مشروعا. وهكذا يستطيع الاسرائيليون ايداع اموالهم بشرط أن يقدموا تقريرا سنويا عنها.

في 2003 تغيرت قواعد اللعب وقوانين فرض الضرائب. تم تقرير فرض ضريبة على الارباح حسب الاسلوب الشخصي من غير علاقة بالمكان الذي يُدار فيه الحساب. أي حتى من يدير حساباته خارج البلاد تم الزامه بدفع ضريبة على الفائدة أو على ارباح رأس المال.

رغم هذا، فقد مال الاسرائيليون إلى الاستهزاء بسلطة الضرائب وتجاهلوا اقتضاء تقديم التقارير. في القوائم التي كشفت في الاسابيع الاخيرة بالنسبة لزبائن البنوك مثل «يو.بي.اس» أو «اتش.اس.بي.سي» اتضح أن المال أدير في سويسرا ليس فقط من خلال اصحاب الاموال الاغنياء حقا مثل بينو تصديق أو بني شتاينمتس.
من بين اصحاب الودائع التي تضمنتها القائمة هناك مستأجرون مثل الاطباء، المحامين، أصحاب مصالح صغار واحيانا قضاة. أحد الاسباب الاساسية لتهريب الاموال إلى الخارج كان الخوف من الاستقرار السياسي المتضعضع والرغبة في الابقاء على جزء من المال النقد في مكان آمن.

مع ذلك، كان هناك حالات كان فيها مصدر الاموال هو مخالفات مالية أو اموال رشوة. حتى السنوات الاخيرة كان هناك تفاهم على أنه مسموح ادارة الاموال في الخارج دون تقديم تقرير عن المداخيل، لأنهم لن يصلوا اليك بتاتا. كما سلف فان السرية البنكية السويسرية اعتبرت كخزنة محصنة أمام أي ساطٍ. كما أن الخزنات يتم اختراقها فكذلك ايضا قواعد السرية. قبل خمس سنوات تم تسريب تفاصيل حسابات زبائن امريكيين أداروا حساباتهم في سويسرا. السلطات الامريكية «جُن جنونها» وطلبت من السويسريين خرق قسم الثقة والكشف عن اسمائهم. واستمرارا لذلك تم تسريب، للشبكة العنكبوتية، تفاصيل حسابات.

إن كشف اسماء 6554 من الزبائن الاسرائيليين الذين اداروا حسابات تقدر بنحو 10 مليارات دولار في «اتش.اس.بي.سي» هو استمرار لكشوفات مالية كانت موجودة في «يو.بي.اس» وفي بنوك اخرى. ومع ذلك جدير بالذكر أنه ليس كل من ادار حساباته في سويسرا يعتبر بصورة تلقائية مخالفا للقانون. من لم يجن ارباحا أو انه ادار حسابا حتى 2003 كان خارج الشبهات، كما أنه سيخرج بريئا حتى اذا ربح، لكنه أبلغ عن ذلك كما ينص القانون.

المشكلة تبدأ مع اولئك الذين أداروا حسابات وربحوا لكنهم لم يقدموا تقارير عن ذلك. سلطة الضرائب أعطتهم امكانية لأن يقدموا تقريرا ويدفعوا كامل الضريبة المستحقة عليهم وفقا للقانون، ويحظوا بعدم تقديمهم للمحكمة الجنائية (في عملية تسمى كشف برغبة ذاتية التي ستستمر حتى ايلول 2015). كم هو المبلغ الذي سيدفعونه؟ سيتم اجبارهم على دفع كامل الضريبة على الارباح المتراكمة.

الموضوع يمكن أن يصبح معقدا اذا لم يستعدوا لتفسير مصدر الاموال (أي الحديث عن مال اسود لم يتم التبليغ عنه)، المشكلة يمكن أن تكون اكثر صعوبة خاصة اذا لم يتم التبليغ ذاتيا عن المبلغ، ولكن جابي الضرائب وصل اليه. في هذه الحالة المبلغ الذي سيجبرون على دفعه سيكون ليس فقط عن الارباح ولكن ايضا عن صندوق الايداع نفسه الذي سيجبر على دفع غرامة تبلغ 15 ـ 20 بالمئة. اضافة إلى ذلك فان اصحاب الودائع من شأنهم التورط في اجراءات جنائية، كما حدث مع زبائن «يو.بي.اس»، الذين تجري الآن بحقهم اجراءات قضائية.

عندها ماذا يفعلون؟ ليسوا مجبرين للركض فورا إلى سلطة الضرائب. من الموصى به أن يستشيروا محاميا أو مدقق حسابات متخصصا في هذا المجال، وحينها يقررون العمل.

أحد الاخطاء الشائعة هو اغلاق الحساب بسرعة وأن يتم نقل الاموال إلى بنك آخر. ايضا في حالات كهذه من شأن محققي الضرائب اقتفاء أثر النقود. عندها سيضاف إلى لائحة الاتهام اتهامات اخرى. من يريد حقا النوم بهدوء يفضل أن يغلق الصفقة مع سلطة الضرائب بالسرعة الممكنة.

معاريف

حرره: 
س.ع