مهزلة إيرانية

يتجاهل القادة الذين يستعدون للتوقيع على الاتفاق الرجل الذي حذر طوال سنوات من قنبلتها
إسحق بن نير
متى سيوقعون في لوزان مع إيران على «اتفاق اطار، وثيقة تفاهمات أو ملخص مرحلي لتفاهمات جزئية؟». غدا؟ هل سيكون الاتفاق فظيعا كما تنبأ شتاينيتس؟ والأهم من ذلك فان زعماء الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، المانيا وفرنسا، سيكونون هناك من اجل تقرير مصير العالم، ولكن كيف يكون أن رئيس الدولة العظمى السابعة، رئيس حكومتنا العتيد، لم يُدع اطلاقا لتلك المناسبة؟ يبدو أن الستة سيوقعون على أوراق الهزيمة من خلف ظهر نتنياهو، أو العكس مباشرة في وجهه.
أهكذا يتجاهلون الزعيم الذي حذر طوال سنوات من فوق كل منصة وفي كل ميكروفون؛ هدد وتآمر ولم يُقنع، وعرض على العالم وضعا يبرر صدق اقواله مع مخططات علمية من فوق منصة الامم المتحدة؟ أهكذا يفعلون مع سياسي ضحى من اجل انقاذنا بعلاقاته الشخصية مع رئيس صديقتنا وحليفتنا؟ وركل المفاوضات مع الفلسطينيين وقلص العلاقات الثنائية فقط من اجل التركيز على نضاله المحق؟ وتجاهل ضائقة الأمة ـ الاقتصاد، السكن، الصحة، التربية ـ من اجل التفاني لصالح هذا الهدف المقدس؟ أهكذا يضائلون من قيمة الرجل الاستراتيجي الذي بدد حوالي 12 مليار لاعداد الضربة القوية على المفاعلات الإيرانية (هل هذه القوات والمعدات ما زالت قابلة للاستخدام عند اعطاء الامر أو أن المال تبدد؟). هل هذا هو التقدير لمن سيطر من جديد على قلوب أتباعه وعلى كرسي الحكم في اسرائيل بالكراهية والاكاذيب؟ وقحون لاساميون.
لقد فعل بيبي ما عليه فعله، ولكنه لم يذهب إلى أي مكان. عندما خرج (حسب خطة التخويف النبوئية له) من الملجأ النووي في جبال القدس ويده بيد زوجته، والغبار والدخان وصمت الموت الجهنمي سيتلاشى عن الانقاض سيهدر بصوته المؤثر ويقول للعالم ولأشلائنا (فقط مُقبلي المازوزة والساجدين أمام القبور وطلاب المدارس الدينية الذين يدرسون التوراة بدلا من الخدمة): «ألم أقل لكم».
جميع مؤيدي شتاينيتس الذين يخرجون ايضا من الملجأ أحياء يهزون رؤوسهم خلفه تأييدا. هو بالتأكيد سيقول ذلك، حتى اذا لم يتم التوقيع على الاتفاق في اللحظة الاخيرة ـ ايضا حتى اذا تم توقيعه. وفوجئنا بذلك بصورة ايجابية.
علينا قول الحقيقة. يعترف محللنا لشؤون حل الشيفرات أن العقل اليميني (الذي لم ينجح في ايجاد برنامج أو رؤيا للمستقبل)، ما زال يرى اوباما نفس حسين الذي طلب مرة في القاهرة العفو من الأمة العربية. بعده جاء الطوفان، أي «الربيع العربي» الذي تحول إلى الشتاء السوري والعراقي واليمني وأمطار ودم داعش.
اوباما ومستشاروه لا يفهمون في الإرهاب، العقلية العربية، الإسلام المتطرف وعملية السلام. هم لا يفهمون شيئا ولا يتعلمون شيئا. فعندما يستبعدون من الخيارات تهديدا امريكيا باستخدام القوة من اجل ألا يقتل جنود امريكيون ثانية كما حدث في افغانستان والعراق، فانهم بهذا يُعرضوننا نحن وكل العالم للخطر.
لكن كيف يستطيع اوباما ادارة مفاوضات واعدة غير تنازلية مع إيران بدون إشراك قامع الإرهاب رقم واحد؟ وكيف يتجاهل هو وكيري الجانب التآمري النشط لإيران في الثورات والحروب في الشرق الاوسط، وتسريع سباق التسلح النووي، ومن تطلعاتها الامبريالية في مختلف أرجاء العالم؟.
كيف يجيب محللنا على نفسه. كان بامكان نتنياهو أن يخون ويلتف ويستخف بمكانة وقوة رئيس الولايات المتحدة، أسطوانة الأوكسجين وقناعنا الشخصي، حتى تحول إلى شفاف تام وجر على نفسه بصفاقته فشل صراعه، هدف حياته، وأوصلنا إلى الوضع الاضطراري هذا؟.
الآن يمكننا الجلوس بصبر، مثل اهود اولمرت الذي ينتظر عقابه، وننتظر الاتفاق مع الإيرانيين. ليس مثل رئيس الحكومة السابق، يوجد لنا خيار فشل، يتعلم من أخطائه ويستطيع أن يسافر ثانية إلى واشنطن ويعود بصوته الهادر للقول «ألم أقل لكم»، ليُلعن العالم.
معاريف