"العربي غشاش وذو رائحة كريهة"!

تل أبيب: الضابط في الاحتياط، آري شيرابي، عمل سنوات طويلة في جيش الاحتلال الإسرائيلي في وحدة مكافحة كما تُسمى في الدولة العبرية الإرهاب، ولكن بعد أنْ أنهى الخدمة، توجه للدراسات العليا وقدم رسالته للحصول على الدكتوراة بالعلوم النفسية- الاجتماعية قدمها إلى معهد لندن للعلوم الاقتصادية، وفي رسالة الدكتوراة عرض الضابط الإسرائيلي المتقاعد نماذج لرسائل من أطفال يهود في المدارس الابتدائية داخل الدولة العبرية إلى نظرائهم من الأطفال الفلسطينيين طلب منهم كتابتها للتعرف على مشاعرهم تجاه الفلسطينيين فكان منها على سبيل المثال ما يلي: من طفل يهودي عمره 9 سنوات إلى طفل فلسطيني سماه (محمود): أسألك عن شيء لا أفهمه فهل تجيبني؟ لماذا نبدو دائما بمظهر حسن وجميل، وأنتم تبدون سود البشرة وبشعين ولكم رائحة؟ لماذا عندما أكون خارج البيت وأشم رائحة كريهة ألتفت دائما وأرى أنها من واحد منكم يمر قربي، وكتب آخر في العاشرة من عمره رسالة لطفل سماه (محمد): إلى محمد المسموم، أتمنى لك أن تموت، شالوم لي وليس لك. وكتب آخر في التاسعة من عمره لطفل فلسطيني سماه (ياسر): يا عربي .. يا حقير وغبي، لو رأيتك قرب بيتنا فسأشرب من دمك يا ياسر، ومن طفلة يهودية في التاسعة من العمر كتبت لطفلة فلسطينية: إلى الغبية والحمارة، لا أريد أن أذكر اسمك في مقدمة الرسالة كي لا أتسخ، توقفي عن رمي الحجارة علينا وإلا فإن نتنياهو سيزوركم في البيت ويحمل معه عقارب وأفاع وفئرانا، وكتبت أخرى في الثامنة من عمرها تقول: نتنياهو سيقتلكم، أنتم وجميع سكان القرية، سيحرق أصابعكم بالنار.

أخرجي من قرب بيتنا يا قردة. لماذا لا تعودون من حيث جئتم ؟ لماذا تريدون سرقة أرضنا وبيوتنا؟ وها أنا أقدم لك هذا الرسم لتعرفي ماذا سيفعل بكم نتنياهو... ها ها ها، ولم يكن الرسم سوى لنتنياهو وهو يحمل بيديه رأس طفلة فلسطينية ينزف دمًا. جدير بالذكر أن كتب التدريس في مناهج التعليم الإسرائيلية شكل في مختلف مراحل الدراسة المدرسية جزءًا من الفكر الصهيوني والاحتلال بعناصره (العنصرية، الإرهاب، الكراهية). وفي غالبية كتب التدريس لا يزال اليهودي يوصف بأنه جالب الحضارة والعربي هو البدائي والمتخلف، وفيما يلي أمثلة على ذلك وفق الدراسة التي أعدها الباحث الإسرائيلى الدكتور، أيلي فودا، في كتاب (ديرخ هميليم) (عن طريق الكلمات) للصف الرابع: جاء الطلائعيون (اليهود طبعا) لحراثة أرضهم بسلام وطمأنينة لكن جيرانهم العرب لم يعجبهم ذلك وحاولوا طردهم من أرضهم ومن مرة لأخرى كانوا يحرقون الحقول ويسرقون الأبقار أو المواشي من القطيع وحتى إلحاق الأذى بأعضاء المجموعة. لكن الطلائعيين لم يتمكنوا من العيش بهدوء دائما فقد كانت رياح شريرة تهب عند الجيران (العرب) وكانت شوكة المحرضين تتقوى باستمرار وظل العرب يحاولون المس بأرواح اليهود وممتلكاتهم. وتسعى كتب تدريس التاريخ العبرية إلى إنكار وجود الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين بل وفي العالم، حتى الكتب التي صدرت حديثا في العقد الأخير من القرن الواحد والعشرين لم تذكر عبارة الشعب الفلسطيني على الإطلاق بل تذكر العرب في أرض إسرائيل.

يُشار إلى أن د. فودا أعد ضمن دراسة أجراها، تحليلاً عميقاً وموثقاً للكتب التعليمية الإسرائيلية، التي يصفها بأنها قادت إلى تكوين أفكار مسبقة عن العربي الموصوف في الكتب بأنه غشاش ومتخلف ولص، يستحيل التعايش معه. ويورد الباحث الإسرائيلي 12 قصة يعتبرها محطات بارزة في التكوين التربوي التي اعتمدته إسرائيل في كتب التاريخ، ويدعم الباحث دراسته بنصوص وصور ورسوم للكاريكاتير تظهر كيفية إخضاع التاريخ للسياسة الإسرائيلية بحيث تُظهر هذه النماذج عمق النظرة العنصرية إلى العرب، وبصورة يشير فيها المؤلف إلى أن الفتاة الإسرائيلية تاتيانا موسكين التي رسمت في العام 1997 النبي محمدا (صلى الله عليه وسلم) بشكل بذيء ليست حالة استثنائية أو هامشية في المجتمع الإسرائيلي، بل هي إفراز طبيعي للحقن العنصري التي قامت عليه إسرائيل.

ويقول الباحث أيضًا إن أهم ما يميز التربية والتعليم في الدولة العبرية هو عسكرتها لدرجة تجعل الطالب خصوصا في المراحل الإعدادية والثانوية جنديا، وبهذا تتكامل المناهج مع التربية لتؤدي دورا واحدا هو خلق جيل متطرف معبأ بكافة المبررات ليسلب ويغتصب حق الآخرين. ولا يخف مدى ارتباط المدارس الإسرائيلية بالجيش، بل إن الأمر يفوقه إلى حد تسلم ضباط متقاعدين من الجيش وجهاز المخابرات (الشاباك) وظائف إدارية في المدارس والعمل كمربين لطلابهم، وما زالت أيديهم ملطخة بدماء الفلسطينيين وخصوصا طلاب المدارس منهم، حيث تمول وزارة المعارف مشروع (تسافا) الذي يؤهل ضباطا متقاعدين من الجيش وجهاز المخابرات (الشاباك) للعمل كمربين. وقد التحق المئات من الضباط يحملون الشهادات الجامعية الأولى ليندمجوا في السنوات الأربع عشرة الأخيرة في مدارس مختلفة في جميع أنحاء إسرائيل بعضهم درس لمدة سنة واحدة فقط للحصول على رخصة التدريس وزاروا المدارس يومين فقط وعينوا فورا في وظائف إدارية، البعض منهم عينوا معلمين وآخرون درسوا سنة إضافية وعينوا في وظائف تربوية، ومنم أيضا من تولى وظائف كبيرة في جهاز التربية دون أي أعداد، على حد تعبير الباحث الإسرائيلي.

القدس العربي

________

آ ج