الرئيس فوق الشبهات

بين الحين والاخر، تاتي الرسالة، من جهات مشبوهة، في محاولة للنيل من القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس ابو مازن. الغريب في الامر، ان هذه الرسائل تروج عبر اشخاص، او مؤسسات فقدت مصداقيتها امام شعبنا والرأي العام. والاغرب ان مروجيها يحاولون اقناعنا بصحتها وكذبهم، على طريقة كوبلز الالماني مستشار هتلر الاعلامي الذي قال اكذب ، اكذب واكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس. سبع سنوات من رحيل القائد الرمز ياسر عرفات، وكلنا نعرف انه مات اغتيالا، وهذا كان هدف عدونا اسرائيل وامريكا، بغض النظر عن الوسيلة. نحن من افتقده وخسره، واعني الشعب الفلسطيني وكل احرار العالم بشكل عام والفتحاويين بشكل خاص. ونحن الاكثر حرصا على جلاء الحقيقة.

لم تهمل القيادة الموضوع، وشكلت لجانا لمتابعة الموضوع، بغض النظر عن حجم النتيجة التي وصلت اليها، ولكن هناك جهودا تبذل لذلك. الكثير من المصادر الاسرائيلية والتسريبات، اعترفت عن ضلوع العدو الاسرائيلي وبغطاء امريكي بقتل الشهيد الرمز ياسر عرفات، نتيجة موقفه البطولي بالتصدي والصمود، والتمسك بالثوابت الوطنية، هل اصبح تفكيرنا الى هذه الدرجة من السطحية حتى نبرأ الاسرائيلي، الذي حاصر مقر المقاطعة، وقصف ودمر ووصلت فوهة مدفعه الى غرفة الرئيس الشهيد عرفات. وهذا الحصار الذي فرض عليه الى درجة تخلي اخوة يوسف عنه حتى من اتصال اطمئنان. عندما كان على فراش الموت، هو من طلب الرئيس ابو مازن وبعض القيادة الى باريس، وتحدث معهم عن مرحلة ما بعد الرحيل. وهذا يدل ان الغيمة كانت اصغر بكثير من حجم العلاقة النضالية والاخوية التي تربط الرئيسين.

ما تعرض له الرئيس عرفات، واتخاذ قرار بتصفيته، هو القرار نفسه الذي اتخذ بالرئيس ابو مازن، ولو اختلفت الوسيلة، يبقى الهدف واحد، ازاحة كل من يتمسك بالثوابت الوطنية. أن التخلص من الرئيس عرفات كان سياسيا بامتياز، ولم تتوقف دعوات وتصريحات اسرائيلية تعود إلى عام 2002، تعتبر الرئيس عرفات عقبة في طريق السلام وتدعو إلى التخلص منه. الرئيس ابو مازن الباحث دائما عن خيارات تحقق الاهداف الوطنية، بعدما وصلت الافاق في العملية السلمية والتفاوض الى مكان لم يعد يخدم سياق تحقيق الهدف من المفاوضات، اوقفها، وحدد موجبات عودتها، وهي الاعتراف بالشرعية الدولية وحل الدولتين ووقف الاستيطان. وذهب الى الامم المتحدة، والفشل لا يعني النهاية، وفزنا بعضوية الاونيسكو، وادرجنا كنيسة المهد في التراث الدولي، وبنى المؤسسات في لبنان، وحافظ على شعبنا في لبنان وسوريا من خلال السياسة الحكيمة بالنأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للاشقاء العرب، رغم المطبات الكثيرة التي حاولت توريطنا. قناة الجزيرة التي ارادت ان يكون انطلاقة الربيع العربي من فلسطين، واستغلت تقرير غولدستون ووثائق مسربة تم تزييفها حول المفاوضات، لاجهاض القضية الفلسطينية، وانهاء السلطة واشاعة الفوضى، لاسقاط الشرعية وضم المناطق الفلسطينية الى اراضي الامة وفق المخطط الاخواني الامريكاني، في خط كان مواز مع طرح الدولة في حدود مؤقتة والهدنة الطويلة الامد، وبالتالي تذوب القضية وتصبح جزءا من مفهوم الامة وليس الوطن، واليوم نخاف ان يعاد هذا العمل، من خلال ضم قسم من فلسطين الى الجوار الجديد. اليوم الجزيرة تاتي كأداة في سياق مشروع قديم جديد، بعد ان بدأت زميلتها العربية في الذاكرة السياسة المشوهة، وهما محطتان ساهمتا في تدمير الوطن العربي، ولعبتا دورا عنوانه دعم الشعوب، ومضمونه قتلها وتدمير اوطانها وثرواتها، واذا كانت القيادة الفلسطينية من موقع مسؤولياتها والاعراف الدبلوماسية لا تستطيع قول كل شيء، فنحن رجال الرأي العام قادرين على ذلك. بعد ان انفضحت سياسة الاعلام العربي وعلى رأسه الجزيرة، هل تريد استعادة بريقها المفقود، وثقتها من خلال الملف الفلسطيني.

اذا كانت الاجابة بنعم، فإن لدي الفلسطينيين من المعاناة ما يكفي لان تعجز الجزيرة عن تغطيته بدءا من الاستيطان الى الاسرى الى حصار غزة الى الاحتلال وسياسته التعسفية، الى تجاهل العالم والعرب عن الايفاء بالتزاماتهم، وهذا الشعب الفلسطيني تحت وطأة ازمة مالية. لم استوعب التوقيت، الذي يأتي والقيادة الفلسطينية، تبحث عن خيارات لمواجهة التعسف والتسلط الاسرائيلي، وبعد نجاح الدبلوماسية الفلسطينية، ورفض القيادة السياسية لكل الاملاءت والاشتراطات، واصرارها على انجاز المصالحة والوحدة.

لو كان ياسر عرفات حياـ لكان ردد قوله لاحدى الصحفيات( تسأليني عن نفسي وشعبي يموت)، ولو كانت لدى الجزيرة هذا الحرص لحولت انجازها الصحفي الى انجاز وطني وقومي، ووضعت ما تملكه من ادلة امام القيادة الفلسطينية، لتساعدها في كشف الحقيقة. لكن ما هو مقصود، خلق وعي جمعي ان الرئيس ابو مازن والقيادة مشتبه بهم الى ان تثبت برائتهم. وهنا بيت القصيد، بعد ان بدأ الاسرائيليون والامريكيون يعيدون سيناريو الرئيس عرفات، بأنه غير أهل للشراكة، واليوم ينطبق ذلك على الرئيس ابو مازن. ومع الجزيرة والعربية، وبطانة من يقول ان الرئيس ابو مازن سيئة من سيئات ابو عمار وكل الذين يحاولون انتاج الفوضى الامنية وغيرها لجر الاجهزة الامنية الى مربعات لا تريدها، ثم اتهامها بالقمع والاعتقال، او عليها ان تغض النظر وتسقط سياسة القانون، التي حسم الرئيس الامر فيها وقال ان القانون فوق كل اعتبار وسنضرب بيد من حديد ونار كل من يحاول العبث بهذه المسلمة. ليعرف ويدرك الجميع، ان الرئيس ابو مازن هو منتخب من الشعب، وهو قائد الحركة الاكبر، لا ينال منه تصريحات بعض الغربان هنا او هناك، وكلنا نوليه الثقة، ولا احدن يحاول ان يتجاوز هذه المعادلة، وربيعنا فقط ضد الاحتلال، ولكل من يركب موجة التحريض والتشوية نقول له، سيفك يغمد في خاصرتك، فهذا الاب الذي اثبت حسن قيادته وجدارته، سنبايعه ونقف خلفه. ونعرف حجم المؤامرة ضده والتي يشارك بها اطراف داخلية وخارجية ودولية. لكن من شعبه معه، يصنع الربيع، ولا يخاف اي ربيع.

واذا اراد احد ان يزرع في وعينا وهم، فإن الرئيس فوق كل الشبهات، ودليل ذلك محبة وتوصية ابو عمار بان يكون خليفته. وطالما قالت الجزيرة ان تحقيقها توصل الى مادة البلونيوم، وهي من مصدر المفاعل النووي، فأبحثوا عن من يمتلك ذلك، ودعونا نرى جرأتكم وموضوعيتكم ومهنيتكم. فالرئيس اصدر توجهاته ما دام ليس هناك عوائق دينية وقانونية وسياسية،في اخراج الجثة، فليتم عمل المقتضى. وهذا يقطع الطريق على كل المصطادين في المياه العكرة.