في بيتنا فتح وحماس !

عبارات كثيرة تفوه بها هذا الرجل الستينى صارخا من وين جانا الإنقسام ؟ ويقطع الإنقسام وسنينه ، وقاطعته زوجته الأخوة لا يتقابلون على مائدة واحده ، ودائما متخاصمين ، وكل واحد منهم يعيش لوحده ، وذهبت للقول بآسى وحزن عميق لا أحد يوافق على زواج أخته ، لأن كل منهما يضع شرطا تعجيزيا بشرط ان لا يكون من حماس او فتح . هذه العبارات وغيرها كثير كانت محور حوارى مع هذا الرجل وزوجته ، والذى عاد بى إلى الوراء سنوات بعيده ، وافقته علي القول إن الإحتلال ورغم معاناته ، وذله ، لكنه فشل في أن يقسم الأسرة الواحدة إلى افراد متنافرين متنازعين بل وأحيانا كثيرة متصارعين ،وسألته لماذا ؟ قال ببساطة المواطن الفلسطينى الذي عاش على فطرته ألأولى لأننا لم نعرف حكم أو سلطة ، او تنازع على ثروة أو قوة ، الكل يعيش تحت كنف الوحدة الفلسطينية التي كنا نتباهى بها أمام كل الشعوب ألأخرى أننا الشعب الوحيد الذي لا يعرف أى شكل من الإنقسامات المذهبية أو الطائفية أو حتى السياسية ، وهذا لا يعزى للإحتلال فقط ، ولكن لقوة وتجذر قيم التسامح والمحبة الواحده، وقيم الإحساس باننا أسرة واحده , وقاطعته كيف ذلك ؟ هل نحن شعب مثالى ملائكى ؟ قال لي مبتسما قليلا ما تقوله صحيح ، ولكن لو قلت لك ذلك ، قد لا تصدقنى القول لكثرة الخلافات التي نعيش فيها ، ولكثرة القتل ،والدم الذي سال بسبب الإنقسام الذي ما زال يمزق الجسد الفلسطينى الذي لم يتبقى منه جزء سليم بسبب الفرقة والإنقسام الذي لم نعرفه في تاريخنا ، وأضاف لقد كانت قيم التوحد والتكافل وألأسرة الواحده أقوى من أى خلاف لدرجة إنه في حالة ما تحدث خلافات عائلية تصل إلى حد الدم الكل يتجاوز ذلك ويعفو ، ويغفر ، بل إن العلاقات العائلية تعود أقوى من ذى قبل ، وتصل إلى حد المصاهرة من جديد. تأملت فيما يقوله هذا الرجل ، وقلت له أنك على حق ، ولولا هذه القيم الأصيلة التي تقف وراء قوة الشعب الفلسطينى لأندثر وذاب هذا الشعب في كيانات سياسية وإجتماعية أخرى ، وهنا تكمن قوة إستمرار الشعب الفلسطينى في الداخل والخارج ، وهى التي تفسر لنا الترابط والتواصل بين أبنائه ، وحتى الإحتلال وكل السياسات التي مارستها إسرائيل فشلت في تمزيق وحدة الشعب الفلسطينى ، واليوم بقرار فلسطينى داخلى ، وبسبب الإنقسام بتنا امام شعب آخر لدرجة أن حالة الإنقسام وصلت إلى بنية المجتمع ألأولى وهى ألأسرة ، وحولتها ما بين منتمى لحركة فتح وآخر لحركة حما س، وقد تصل الأمور داخل الأسرة الواحدة إلى حد الصراع والخصومة ألأبدية ، وهذا من شانه سقوط أهم ركائز قوة المجتمع ووحدته ، والأمر لن يقف عند هذا الحد أى حدود ألأسرة الواحده بل يمتد إلى كل مكونات المجتمع الفلسطينى لنجد أنفسنا أمام فسيفساء عنكبوتية متنافرة . والسؤال أى ثمن سياسى وإجتماعى بل وإقتصادى مقابل الإنقسام السياسى ؟ لو كان الثمن هو قيام الدولة الفلسطينية ، أو إنهاء الإحتلال لقلنا أن هذا الإنقسام مبرر ولو لفترة مؤقته . وفى الحقيقة الذي يؤرقنى كثيرا كيف سنعيش هذا الإنقسام الذي أشبه بالغول الهائل الذي يفتح فاه للمزيد من إبتلاع أبنائه ، وسيظل هذا الوحش فاتحا فاه يفترس ويبتلع من يقف في طريقه ، وهذا هو حال الإنقسام السياسى الذي يبتلع كل خطوة صغيرة في طريق المصالحة، وهو ما يفسر لنا هذا التعثر بل الشلل في عملية المصالحة ، لأن ألأساس والركيزة الحقيقية لآى مصالحة ليست المصالحة السياسية ، بل مصالحة ألأسرة مع نفسها ، وعودة الوئام وقانون المحبة الفلسطينى ، وإستعادة عملية التلاحم الإجتماعى من خلال المصاهرة ، وروح ألأسرة الواحده ، ومن خلال إدراك ان هناك حتلال ، وحقوق وطنية مسلوبة وإدراك إن هناك إمتهان للكرامة الوطنية الفلسطينية يعانى منها المواطن الفلسطينى ليس في أروقة السلطة والحكم الفلسطينية ، وليس فقط على المنافذ الحديدية التي تفصل بها إسرائيل بين ابناء ألأسرة الواحدة ، وليس فقط داخل السجون الإسرائيلية ، بل أيضا في المنافذ والبوابات الخارجية التي يضطر المواطن الفلسطينى أن يقف أمامها للدخول او الخروج ، وكل هذا سببه الإنقسام السياسى الذي جعل هذا الرجل الستينى يصرخ بأعلى صوته يقطع الإنقسام وسنينه ، ولا أملك إلا أن أردد معه هذه العبارة التي إقتحمت حياتنا بقوة البندقية ، وبقوة الإعتقال الذي أعاد القضية الفلسطينية دهاليز التقوقع والإندثار. دكتور ناجى صادق شراب \ أستاذ اللوم السياسية \غزة drnagish@gmail.com