أشرف مروان بين العمالة والنضال

القدس: بعد اربعين عاما من اندلاع حرب رمضان التي تطلق عليها اسرائيل حرب "يوم الغفران" قررت النيابة العامة الاسرائيلية وضع نهاية لاحد القضايا التي اثارت عواصف من الانتقادات في اسرائيل على مدار سنوات طويلة، باغلاق ملف التحقيق ضد اللواء المتقاعد رئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلية "امان" السابق ايلي زعيرا بسبب كشفه هوية جاسوس الموساد المفترض اشرف مراون الذي كان متزوجا من احدى كريمات الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وتؤكد المصادر المصرية حتى الان ان مروان كان جاسوسا مزدوجا لصالح بلاده تمكن من خداع الموساد لعقود طويلة.

العاصفة بدأت في الرأي العام الاسرائيلي حول هذه القضية عام 2004 عندما اشتكى تسفي زمير رئيس جهاز المخابرات الاسرائيلية على زعيرا بسبب كشفه هوية مروان بالاشارة، وكان زمير وظف مروان لصالح الموساد.

واتهم زمير زعيرا انه كشف هوية مروان الذي تعتبره اسرائيل المصدر الارفع لجهاز الموساد في صفوف القيادة المصرية في تلك الفترة، الامر الذي بحسب زمير له قدرة على تجنيد جواسيس في المستقبل لصفوف من القيادات العليا في الدول العربية.

وتقدم زمير بشكوى الى المستشار القضائي للحكومة وخلال عملية الاستضاحة التي ادارها نائب رئيس المحكمة العليا "ثيودر اور" تبين ان زعيرا هو من سرب هوية مراوان الى اربعة صحف مختلفة في اسرائيل والعالم.

ومن بين الاسباب التي ساقها النيابة لتبرير اغلاق الملف ضد زعيرا هو تقدم سن زعيرا الذي يبلغ من العمر الان 84 عاما.

وصدر في اسرائيل كتاب "اسرارجديدة" قبل بضعة اعوام يروي قصة مروان من وجهةالمخابرات الاسرائيلية ويشير اليه بلقب "الملاك" وهو الاسم الذي أطلقه الموساد على أشرف مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، و الذي تدعي إسرائيل أنه تعامل مع الموساد لمدة 30 عاما، وزودها بمعلومات عن موعد بدء حرب رمضان.

ومن بين الأسرار أن مروان واصل تعامله مع الموساد حتى بعد توقيع اتفاقيات السلام مع مصر، وأن العلاقة معه قطعت في نهاية التسعينيات، ما يعني أنه كان فعالا عند صدور كتاب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إيلي زعيرا، عام 1993، الذي كشف معلومات يمكن الاستدلال منها أن أشرف مروان هو العميل المسمى بالملاك.

ويؤكد الكتاب الرواية الرائجة بأن مروان زود الإسرائيليين يوم 5 اكتوبر عام 73 بمعلومات عن موعد بدء الحرب التي نشبت في اليوم التالي، الأمر الذي مكن إسرائيل من استدعاء الاحتياط، والحؤول في النهاية دون سقوط هضبة الجولان بكاملها، بأيدي السوريين، وفق وجهة النظر الإسرائيلية.

ويدعي الكتاب أيضا أنه خلال 30 عاما من تعامله، دفع الموساد لمروان مبلغ مليون دولار، إضافة إلى 100 ألف دولار (علاوة)، على المعلومة التي زود إسرائيل بها حول حرب 73 وذلك بأمر من رئيس الموساد في حينه تسفي زمير، إضافة إلى تزويده بفتيات مرافقات، حيث يكشف أن الموساد تساعد برجل يهودي يملك نادي ليلي في لندن، قام بتزويد الفتيات المرافقات لمروان وشريكه في أعمال التجارة، رئيس الحكومة الليبية السابق عبد السلام جلود.

محاولة تجديد الاتصال مع مروان، تمت على حد ادعاء الكتاب، عام 97 بأمر من رئيس الموساد، في حينه "داني ياتوم" وذلك بعد كشف قضية "يهودا جيل"، الذي نقل على مدى سنوات معلومات كاذبة عن علاقته مع عميل كبير في سوريا، إلا أن مروان رفض ولم يحضر إلى اللقاء الذي قرر مع الإسرائيليين، الأمر الذي جمد الاتصال معه على مدى فترة تولي "ياتوم" رئاسة الموساد.

"أفرايم هليفي" والذي استبدل ياتوم في رئاسة الموساد، اعتقد ايضا-على حد ما يدعيه الكتاب- أن الفائدة من تجديد الاتصال مع مروان، أقل من المخاطرة، وتخوف من أن يضر انكشافه بعلاقات الثقة مع مصر، ولذلك اكتفى بتكليفه تقديم تقييمات عن التطورات السياسية في مصر والعالم العربي.

وعن الحادثة التي أنهت العلاقة مع مروان، وقعت في العام 1998 عندما التقى به مشغله "دوبي" في روما، قام الأخير بتسجيل اللقاء وبسبب عطل فني معين انكشف أمر التسجيل ما وضع حدا للعلاقة بشكل نهائي، حسب ما يدعي الكتاب.

يشار إلى أن أشرف مروان كان قد لقي حتفه، بعد أن سقط من شرفة منزله في لندن في 27 حزيران سنة 2007، بعد أقل من شهر من قرار القاضي الإسرائيلي تيودور أور، الذي أكد أن رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، إيلي زعيرا، قد كشف في كتابه "زمن الحرب" تفاصيل تفيد أن أشرف مروان هو عميل الموساد الذي كان يطلق عليه الملاك.

 

أرملة مروان ادعت أن الموساد يقف وراء عملية القتل، بينما كشف تقرير "السكوتلاند يارد" أن رجلين بملامح عربية وامرأة كانوا قد تسللوا صبيح عملية القتل إلى شقة مروان واختفت اثارهم.

مجلة روز اليوسف المصرية ادعت في تقرير نشرته ، أن الرئيس المخلوع حسني مبارك هو من أعطى امرا بتصفية مروان، بعد أن اعتقدت المخابرات المصرية أنه ينوي نشر مذكراته، وبعد تصفيته اهتم مبارك بتنظيم جنازة عسكرية له في القاهرة، ولفه بالعلم المصري والإعلان أنه مناضل مصري، الأمر الذي دفع ببعض الجهات في إسرائيل إلى الاعتقاد بأن مروان كان عميلا مزدوجا.

وتقول "سمدار بيري" التي تضيف أن الأسرار الجديدة التي يكشفها الكتاب بأن مروان تم تشغيله سنوات طويلة، تؤكد عكس ذلك. مؤلف الكتاب بروفيسور بار يوسيف يقول إنه اعتقد دائما أن المخابرات المصرية هي التي قتلت مروان بأمر من مبارك، ولكن طالما مبارك في السلطة فإن القضية ستبقى مطوية، في إشارة إلى تقرير روز اليوسف.

كما يعرض الكتاب أيضا وجهة نظر إسرائيلية، من المفيد معرفتها ومقارنتها مع وجهة النظر المصرية أو العربية وقد تكون أكثر من واحدة قبل الحكم على الرجل.

زمن برس

ـــــــــ

أ م/ م ف