ممثلو الحكومة يعترفون: فشلنا

احتجاجات

لا يدور الحديث عن قدرات عقلانية منخفضة للطلاب بل عن توجيه الجهاز التعليمي لهم
 

بقلم: اور كشتي

النقاشات المهنية المتخصصة التي عقدت في السنة الماضية حول بلورة سياسة حكومية جديدة تجاه المهاجرين من اصل اثيوبي تعطي فرصة استثنائية لتلقي معلومة نقية من اي كليشات وغير ملوثة بأحاديث العلاقات العامة، حول وضع 130 الف من مواطني إسرائيل من ابناء الطائفة. حساب النفس الذي ظهر من اقوال المسؤولين في الوزارات الحكومية المختلفة، واصحاب الوظائف الميدانية، والنشطاء من اصل اثيوبي وافراد المنظمات والجمعيات، هو لائحة اتهام متعددة الابعاد ولسنوات طويلة. هناك شئ منعش بالصراحة التي تحدث بها المشاركون في النقاش. انها مرحلة اولى إجبارية من اجل تعديل الوقائع، التي يحاول افراد المؤسسة نفيها، او تشتيتها او ان يقترح العناق بدلا منها.

اجرى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو يوم امس نقاشا طارئا حول وضع اليهود من اصل اثيوبي، وذلك في اعقاب المظاهرات التي جرت في الايام الاخيرة. وفي نهاية النقاش وعد نتنياهو ان الاسابيع المقبلة سوف تشهد مصادقة الحكومة على اقتراح لخطة شاملة، تستند إلى النقاشات التي تمت وعمليا التي لم تستكمل. ليس في الاعلان اي تفاصيل حول ميزانية هذه الخطة، ولا عن مبادئها او تفاصيلها، فيما عدا الوعد ان «لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة تتابع تنفيذ الخطة وتضع الحلول للمواضيع المختلفة». يبدو ان هذه خطوة إلى الامام، على خلفية الجدال الذي تم خلال الاشهر الاخيرة حول الجهة الحكومية التي ستأخذ على عاتقها مسؤولية تنفيذ الخطة. وبهذا الصدد يقول احد المسؤولين في احدى الوزارات الحكومية: «لم يكن هناك اي شخص متحمس ومعني بحبة البطاطا الساخنة تلك». على اية حال، واجب الاثبات حول ذلك ملقى على كاهل نتنياهو الذي سيبدأ في هذه الايام ولايته الرابعة على رأس الحكومة.
عملية بلورة سياسة حديثة، بادرت اليها وزارة الاستيعاب، اعتبارا من كانون الثاني / يناير 2014، وفي إطارها تم عقد لقاءات، محلية وقطرية، شارك بها حوالي الف مشارك، والذين مثلوا العديد من وجهات النظر، والمصالح والمعرفة. شملت العملية ايضا تدشين موقع انترنت، الذي ركز اقوال المشاركين، احيانا خلال النقاشات نفسها، والتمكين من الرد عليها.
في هذا الاطار من الممكن ايضا ايجاد خرائط هي الاولى من نوعها، حول الميزانيات والخطط للاثيوبيين في خمس من الوزارات الحكومية. وتبين انه في العام 2012 بلغ مجموع الميزانيات 312 مليون شيكل، استخدم منها فعليا 248 مليون شيكل. وهذا يعني، ان متوسط الاستثمار للفرد هو 1907 شيكل. حول مسألة اذا كان هذا مبلغ منخفض من الممكن ارجاء ذلك للحظة، فاساسا وعلى خلفية الاستنتاج لمنظمي التوكيل انه «عمليا هناك مجالات يوجد بها ازدواجية في عناصر تنفيذ الميزانية» وانه «لا توجد سياسة دعم واحدة بين الوزارات الخمس المختلفة». ارتباك ـ وفقا للتحليلات ـ فيما يتعلق بتوزيع المبالغ والصلاحيات، بالاضافة إلى غياب المعلومات الاحصائية الموثوقة، وهي من بين الميزات البارزة في متابعة اوضاع الاثيوبيين في إسرائيل.

التعليم

من بين المواضيع المختلفة في السياسة الجديدة، يبدو ان الموضوعين اللذين اثارا ردود الفعل القاسية والغاضبة جدا كانت تلك المتعلقة بالتعليم والشرطة. وتقول نائبة مدير قسم التعليم في وزارة المعارف، مونيكا شبيط، في احدى الاجتماعات: « وصلت قبل حوالي الشهر إلى سجن «اوفيك» ومنذ ذلك الوقت لم اعرف النوم في الليل، حوالي 40 بالمئة من الاولاد المجرمين (في سجن اوفيك) من عمر 14-18 هم من الطائفة الاثيوبية. 80 طفلا من اصل 200. والكثيرون منهم يعودون للسجن اكثر من مرة، انه امر حزين جدا.الحقيقة هي اننا فشلنا، ويجب علينا ان نفحص اين فشلنا، الا انني لا اعرف الاجابة».

جيلا نجار، مساعدة مديرعام في وزارة المعارف، كانت معبرة اكثر، وبدأت في رسم مواطن الفشل. وقالت: « وزارتنا ليست كاملة، انا لا اناور لقد ارتكبنا العديد من الاخطاء، يجب ان يتم تأهيل جذري للمعلمين والمعلمات، وليس فقط بالنسبة للاثيوبيين. فإذا دخلت مربية اطفال إلى حضانة، ولم تجيد ان تتعامل مع الاولاد على اساس انهم مختلفون باللون، والمظهر والتفكير، فهناك مشكلة بالمربية… فيجب تزويدها الادوات للتعامل مع الاختلافات. انا اعرف انهم يقومون بذلك الان اكثر من اي وقت مضى، انا ارى الالعاب بالوانها المختلفة، الا ان ذلك لم يقم بالمطلوب لغاية الآن».

في النقاش الذي دار حول الاطر المنفردة للطلاب الاثيوبيين ولقدامى الإسرائيليين، يبدو ان صوت المشاركين من الاثيوبيين، واغلبهم من النشطاء الاجتماعيين، كان واضحا وقاطعا. يجب وضع حد واسقاط ظاهرة الفصل في رياض الاطفال، والمدارس وجميع الاطر التي تتسبب بمعاناة اولئك الاولاد، لانه بذلك يتم إدامة التصنيف واحداث الفجوات بين طائفتنا وبين السكان «الإسرائيليين» «البيض» اذا اردتم». ويقول يتسحق بلينش، إلى جانب»معاقبة وادانة اولئك الذين يتصرفون بصورة عنصرية تجاه تلاميذهم ويشجعونها». فيما طالبت ايلانة المجصد، وقف «ادخالنا إلى الفقاعة، التي تمنعنا من الاندماج في المستقبل وبالتالي تخلق عداء تجاه الآخر «الابيض». يجب ايضا وقف جميع البرامج التعليمية التي من شأنها «انقاذنا». نحن لا نريد انقاذ، فقط نريد دعمنا في الاندماج».

بخصوص الصفوف المنفردة، قالت البروفيسورة إستر هرتصوغ من كلية بيت بيرل ان» الفصل ادى إلى مستويات منخفضة جدا من التعليم، لغياب الرقابة على المعلمات، واللواتي تلقين تعليمات سرية بذلك ان الحديث يدور عن طلاب غير مؤهلين للوصول إلى انجازات مهمة ولذا يجب ان يتم الاستثمار بهم من خلال تعليمهم العبرية بشكل اساسي. هكذا تم توجيه الاولاد لمسار من الانجازات المنخفضة طوال فترة تعليمهم وفي امتحانات البجروت فيما بعد. لا يدور الحديث عن قدرات عقلانية منخفضة للطلاب بل حول توجيه الجهاز التعليمي للطلاب إلى مسار ضعيف جدا وبدون مستقبل اكاديمي».

الاقل ايلاما، هو توجه الطلاب من اصل اثيوبي إلى اطر تعليم خاصة. على الرغم من ان مسؤولي وزارة المعارف لم يتطرقوا إلى ذلك ـ من الممكن ان هناك حدود لتطورهم ـ الا ان التوجيهات التي تم نشرها من قبل مكتب الاحصاء المركزي قبل عدة سنوات تشير إلى ان مشاركة هؤلاء الاولاد في الاطر الخاصة المتباينة اكبر من مشاركتهم من السكان. حسب اقوال اليس شاحر دادون، الباحثة في جامعة حيفا والمتخصصة بسيكولوجيا التعليم: «هذه المجموعة من السكان وصلت في مرحلة مبكرة من التعليم الخاص، وبقيت هناك».

الصحة

المطالبة بان يجتاز اعضاء الهيئة التدريسية دورات تأهيلية في مجال متعدد الثقافات، تسري ايضا على موظفي الجهاز الصحي، وتوافقها الرأي ايضا شلوميت آفني، مديرة قطاع تقليص الفجوات في وزارة الصحة وقالت «ليس من شك اننا بحاجة للتأكيد الهام على تعليم المعالجين والمديرين لتأهيل ثقافي، ولتعميق التنظيم، ولممارسة النقد الذاتي في الاماكن التي يوجد بها اعداد كبيرة من الاثيوبيين. ولنشر النتائج من اجل ان يشاهدوا ويجعلوا الاخرين يشاهدوا. علاوة على ذلك، حسب آفني، «البطن اللين هو موضوع جهاز الصحة النفسية عندنا. هناك اخطاء صعبة من سوء الفهم، الفحص الخاطئ، وكثرة المعالجين الذي لا مجال لمنعهم». وفي نقاش آخر اعترفت ان « موضوع الموائمة الثقافية للصحة النفسية يزداد مع الوقت، ونحن بإختصار، نعاني».
وتطرقت مريم يوسف، العاملة الاجتماعية في لواء الشمال في وزارة الهجرة والاستيعاب، إلى الخدمات الطبية للاثيوبيين، فقالت « الاطباء لا يفهمون لهؤلاء، انهم بحاجة إلى تأهيل لمدة خمس سنوات، فلقد ناضلنا كثيرا من اجل ان يستخدم الاطباء خدمات سد الفجوات، الا انه ليس جميع الاطباء على استعداد لذلك او لديهم القدرة على الاحتمال، فهم ببساطة قلائل. وهذا جزء من ميثاق الاطباء: «انك لا تستيطع علاج الانسان الذي لا يفهمك».

الرفاه الاجتماعي

بالمقارنة مع مجالات التعليم والصحة، التي ما زالت تدار، بهذا المستوى او ذاك، من قبل الدولة او مؤسساتها، فإن مجال الرفاه الاجتماعي اجتاز، منذ عدة سنوات، الخصخصة المطلقة تقريبا. من هذه الناحية، يبدو ان المشاكل التي تحدث عنها بشجاعة المتحدثين السابقين ببساطة لن يتم الكشف عنها. ومع ذلك، وحتى في مجال الرفاه الاجتماعي من الصعب الاشارة إلى نجاح استثنائي. «خمس سنوات كانت «الخطة الخمسية» (احد اذرعة الحكومة الرئيسية لمعالجة الاثيوبيين) ولم نتوصل إلى الانجازات التي اردناها». هكذا تقول، نيلي درور، مديرة قسم موارد الطائفة في وزارة الرفاه. ساره كوهين، مديرة خدمات الرفاه في وزارة الاستيعاب، تحدثت انه في إطار «رعاية الشباب» «ليس دائما نستطيع التعامل مع الاثيوبيين. فهم يخلقون فقاعة، متعددة المجموعات. لا نعرف كيف نتصرف معهم ومع اولياء امورهم. انهم موجودون منذ سنتين برعاية الشباب، وهناك الباب الدوار: فنفس الشاب يخرج ويدخل مرة اخرى. وهكذا الامر في سجن «اوفيك».
وتحدث يوسي سيلمان، مدير عام وزارة الرفاه، في احدى النقاشات فقال: « انه يقلقني جدا اننا نرى في المدارس الداخلية زيادة في نسبة الاثيوبيين. انه نوع من التعامي عن هذه الظاهرة او البحث عن حل لها».

الاسكان

جزء كبير من الاثيوبيين يقيمون في مدن الضواحي. والاسباب لذلك متعددة، ولكن وفقا لاقوال رونين كوهين، نائب المدير العام في وزارة الاسكان، «لقد توصلنا إلى استنتاج مؤلم إلى حد ما، بأن خطة المساعدة الحالية فشلت من النظرة الاسكانية.
ليس بسبب النوايا، انهم تعمدوا تصعيب ذلك، بل في الاختبار العملي هي قد فشلت. فالحكومة وافقت على تخصيص ائتمان (لشراء شقة) الكثير من المال، 100 مليون شيكل في السنة. كان من الممكن ان يوصل الف عائلة إلى حل ازمة السكن.
واليوم نحن امام 120 عائلة». علاوة على ذلك، وفقا لاقوال كوهين، حتى ولو نجج الاثيوبيين بتوفير المبالغ المطلوبة «ليس دائما يمكنه تحقيق ما له، واحيانا يتواجه بنقص التعاون لاسباب مخزية تماما. لم نر لدى الاثيوبيين ان هناك الكثير من الاشخاص الذين لا يعيدون القروض. لذا، فالحديث يدور عن اسباب مخزية، عنصرية».

هآرتس

 

حرره: 
م.م