أين العقل؟ عملية ضد الذات

بن ـ درور يميني

في لحظة صحوة وعي قرر رئيس الوزراء إلغاء قرار وزارة الدفاع بالباصات المنفصلة للفلسطينيين. ولكن القرار الاول، الذي نشر في غضون ساعات في ارجاء العالم، يثير علامات استفهام وتعجب. احيانا ينبغي للمرء أن يفرك عينيه لمشاهدة سخافة أصحاب القرار. هذا لم يبدأ اليوم ولم يبدأ أمس. فهم يعرفون بأن اسرائيل تقف امام دعاية فظيعة. وهم يعرفون بان حملة الابرتهايد آخذة في التعاظم. فلماذا إذن؟
«الباصات المنفصلة» هي رمز. سلاح ممتاز لمروجي ادعاءات الابرتهايد. على المستوى الموضوع، لنفترض، توجد معاذير ممتازة ومبررات رائعة. غير أن الضرر كبير، هائل لدرجة أن رؤساء حملة الـ BDS يجدون صعبة في التصديق بان حكومة اسرائيل تصر على منحهم هدية رائعة بهذا القدر.
لإسرائيل الحق في اتخاذ كل وسيلة كي تدافع عن نفسها في وجه موجة إرهاب جديدة او منفذين مستقلين للعمليات. هنا وهناك، ينبغي الاعتراف، هذا يفترض اتخاذ وسائل تمس بحقوق الانسان. هذا اضطرار لا يمكن بدونه. ولكن الباصات المنفصلة؟ فمجرد هذا الاصطلاح يدفع كل ذي رأي او نشيط مبتدىء إلى المطارح الظلماء لجنوب افريقيا وجنوب الولايات المتحدة. فهم ينتظرون الفرصة كي يهتفوا «ابرتهايد». وها هو قرار واحد من وزارة الدفاع يمنعهم بالضبط ما يطلبوه.
هذه المرة، لغرض التبذير، فان المبررات مشكوك فيها ايضا. فكم مسافرا في مثل هذه الباصات اصاب بأذى يهودا في السنة الاخيرة؟ في السنتين الاخيرتين؟ سألت الناطق بلسان وزارة الدفاع. فأرسلني الناطق إلى مكتب الوزير. مكتب الوزير ارسلني إلى الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي. الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي أرسلني مجددا إلى وزارة الدفاع. لا يوجد جواب. يوجد حرج. ولكن هذا لم يمنع القرار بالخطوة التي هي في اساسها رمزية. رمز للتمييز. رمز للابرتهايد. رمز لانعدام الحس لدى أصحاب القرار.
هيا لا نوهم أنفسنا. اسرائيل بعيدة عن أن تكون كاملة. توجد ايضا حالات شاذة. شارع الشهداء في الخليل، الذي يتضمن فصلا بين اليهود والفلسطينيين، يلحق ضررا هائلا باسرائيل، اكثر بكثير من منفعته الامنية. هذا ليس أبرتهايد. انه بالاساس سخافة تسمح بازدهار ادعاء الابرتهايد. وما هو محزن أكثر، فان هذا السلوك يوضح بان الفكرة لم تصل. فهل هم لا يفهمون ما يفعلون؟ هل هم لا يفهمون بان مثل هذا القرار سيدفع مئات آخرين من الطلاب، بينهم الكثير من اليهود إلى نحو المعسكر المناهض لاسرائيل؟ هل هم لا يفهمون بان الراحة للمستوطنين لا تستحق واحد من الف من الضرر الاستراتيجي الذي يلحق باسرائيل؟ السخافة اكبر مما يخيل، لان احدا لم يتشاور مع وزارة الخارجية التي تعارض، ومع وزارة العدل التي تعارض، ولا حتى مع الكثيرين من اليمين ومن المستوطنين، الذين هم ايضا يعارضون. المواساة الوحيدة هي أن رئيس الوزراء تدخل ومنع ضررا أكبر بكثير. ولكن هذه مواساة فقراء. فثمة الكثير من الخطوات التي يمكن تنفيذها لتحسين حياة الفلسطينيين دون المس باحتياجات الامن. يمكن تنفيذها. يجب تنفيذها. فلعل احداً ما من فوق يصحو ويفهم بأنه حان الوقت لتنفيذها. هذه ليست فقط مصلحة فلسطينية. هذه بالاساس مصلحة وطنية وصهيونية.

يديعوت

حرره: 
م . ع
كلمات دلالية: