"السبب الحقيقي" وراء وقف التمويل الإيراني للجهاد

الجهاد الاسلامي

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين: كشفت مصادر مقربة من الجهاد الإسلامي لزمن برس أن أزمة مالية حقيقية تعاني منها الحركة، وذلك عقب توقف الجمهورية الإيرانية وهي الداعم الرئيسي للحركة عن تمويلها منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، موضحةً أنه لم يتم الإعلان عن هذا الأمر في بدايته لاعتبار الحركة أن الأمر مؤقت ولن يستمر.

ورجحت المصادر" أن أسباب وقف الدعم المالي "الفجائي" للجهاد التي أصيبت بالصدمة ليست سياسية، كما يشاع بين أوساط المحللين السياسيين وقادة بعض الفصائل، منوهة إلى أن الحصار الاقتصادي الذي تعاني منه إيران في مواجهة المربع الخليجي الذي يغدق بالأموال لمحاربتها في الإقليم هو السبب الرئيسي، إضافة إلى ترتيبات تجريها الجمهورية لسد كافة التزاماتها تجاه أصدقائها".

وقالت المصادر التي فضلت الاحتفاظ باسمها لزمن برس:" إيران لم توقف دعمها للجهاد الإسلامي على الرغم من موقفها الواضح بما يتعلق بالملف السوري، واستمرت في دعمها بسخاء ظهرت ذروته في الحربين الأخيرتين على قطاع غزة، ولكن الأمر أن الأحمال الثقيلة التي تعاني منها إيران هو ما يزيد من أعبائها المالية، ولكي تعمل على توزيعها على الإقليم فإنها تعجز على الالتزام تجاه حركة الجهاد".

وكشفت المصادر عن وجود اتصالات بين  الحركة والجمهورية الإيرانية كانت نتيجتها " طمأنة" إيرانية للجهاد بأن الأمر لن يطول إذا ما وقعت الجمهورية على اتفاقية الملف النووي وهو ما سوف يدر عليها أموالا كثيرة ستعمل من خلالها على استعادة دعمها لكافة حلفائها في المنطقة في مقدمتها الجهاد الإسلامي، التي تعتبرها إيران السند الأساسي لها مع حماس لمواجهة اسرائيل".

فيما ظهرت مؤشرات على الساحة الفلسطينية تؤكد" أن إيران أوقفت دعمها للجهاد الاسلامي بغية الضغط عليها للظهور ببيان واضح من موقفها من عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد اليمن وهو ما رفضته الجهاد، وتُعاقب عليه ماديا حاليا وفق أنباء غير مؤكدة".

من جانبهم رفض عدد من قيادات الصف الأول للحركة التعقيب على هذا الموضوع، وذلك وفق أوامر عليا أصدرتها الحركة بالتكتيم على هذا الموضوع بالتحديد، لحين وضوح الصورة النهائية للأزمة.

ومن المعروف أن الجهاد الإسلامي تعتمد اعتمادا كليا منذ تأسيسها على الدعم الإيراني، دون وجود بدائل أخرى تستطيع من خلالها تأمين نفسها إذا ما حدث أي طارئ أو خلافات تفضي إلى توقف الدعم المالي لها، مما يهدد وجودها وحراكها السياسي والعسكري.

ويظهر ذلك  جلياً من خلال إغلاق تلفزيون فلسطين اليوم التابعة للحركة  مكاتبه في كل من القدس  ونابلس والاكتفاء بمكتبها الرئيسي في رام الله، فيما تم تقليص عدد من الموظفين في مكتب غزة، في الوقت الذي تواجه كافة مؤسساتها الإعلامية تهديدا حقيقيا في التوقف عن العمل منها اذاعة القدس، واذاعة الأسرى، ومركز أطلس للدراسات، وكذلك كافة المؤسسات الاعلامية التابعة للحركة.

الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني استبعد أن تطول الأزمة المالية التي تعاني من الجهاد الإسلامي جراء توقف إيران عن دعمها ماليا في هذه الأيام، مؤكدا في الوقت ذاته أن توقف الدعم يسيء لإيران كثيرا مهما كانت الأسباب وجيهة بالنسبة لها.

وقال الدجني لزمن برس:" مهما كانت الأسباب وجيهة بالنسبة لإيران إلا أنها تفضح موقفها من المقاومة، خاصة وأنها داعم رئيسي لها في غزة سواء كان على صعيد الجهاد الإسلامي أو داعم قوي لحماس، وهذا ما يدلل على أنه هنالك أجندة تسعى لتحقيقها من خلال تمويلها للمقاومة".

وأرجع الدجني  إيقاف إيران دعمها المادي للجهاد لسببين الأول يرتبط بتوازن القوى داخل حركة الجهاد الإسلامي ومحاولة الجمهورية الإسلامية الضغط على أطراف داخل الحركة لتبوء مناصب قيادية في الحركة يكون لها أثرها على الساحة الاقليمية، بينما يرى أن السبب الآخر ربما يرتبط بحركة الصابرين وتعزيز مكانتها على الساحة الفلسطينية والتي خرجت من رحم الجهاد الإسلامي.

وفي الحالة الثانية يعتقد الدجني بأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بتفريق وتمزيق الجهاد الإسلامي، خاصة وأنه معروف بوحدته الداخلية ومواقفه الوطنية وهو سيكون القناع الذي تنزعه إيران عن وجهها الحقيقي من وراء دعمها لفصائل المقاومة الفلسطينية وخاصة الجهاد الإسلامي.
من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن انحسار الدعم الإيراني عن الجهاد الإسلامي غير مرتبط بموقف "الجهاد المتوازن" من كل الصراعات الاقليمية، "وانما مرتبط بزيادة أحمال إيران في الاقليم خاصة وأنها تخوض حرب استنزاف في سوريا وخصوم أصدقائها (السعودية) يدفعون بالمليارات للقوى التي يدعمها، وايران تدفع بالمقابل، وتحمل الاقتصاد السوري، إضافة إلى دفعها لليمن خاصة وأن ذات الأطراف فتحت نيرانها تجاهه وهو ما ساهم في تخفيف الانفاق على الجهاد الإسلامي".

"لكن كل من يتفهم الصراع في الاقليم وحجم قوة القوى الداعمية للمحور المعادي لطهران ماليا لا يمكن أن يفهم أن تكون فلسطين هي الضحية بالنسبة لإيران" يضيف عطا الله لزمن برس، مشيرا إلى أنه اذا ما فعلت الجمهورية الايرانية ذلك فإنها تُسقط كل الشعارات التي رفعتها منذ الثورة حول فلسطين ومشروع التحرير خاصة وأن القدس ليست عدن أو الرقة بل هي التي وضعها الامام الراحل أمانة في أعناق الورثة وأصبحت جزء من ثقافة الشعب الايراني على حد تعبير عطا الله.

واتفق كلا من عطا الله والدجني على أن هذه الأزمة لن تطول كثيرا، وخاصة وأن مصالح مشتركة تربط الجمهورية الايرانية مع قوى المقاومة أهمها الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأن المقاومة الفلسطينية هي القادرة على مقارعة الاحتلال في الداخل وتشكيل سد منيع يمنع اسرائيل من محاربة حزب الله أو توجيه ضربة عسكرية للمشروع النووي الايراني.

وبالعودة للمصادر المقربة من الجهاد فهي استبعدت في تصريحاتها لزمن برس أن تبحث الحركة عن ممولين بديلين لها عن ايران، وهو ما دفع قادتها للصمت في الوقت الحالي على حد تعبيرها، وذلك على أمل أن تحل المشكلة في القريب العاجل.

وقالت المصادر:" الجهاد الاسلامي تختلف عن حماس في تعدد مصادر تمويلها على الرغم من خطورتها التي ظهرت على الحركة بعد توقف تدفق المال عليها، لكنها على الاقل تحافظ على وحدة هويتها ولا تسمح لنفسها أن تكون لعبة سياسية يتفاذفها الاقليم السياسي كل حسب مصالحه السياسية".

بدورها ما زالت حركة حماس تعاني أزمة اقتصادية خانقة على صعيد الحركة  والحكومة، وهو ما دفعها الى استحداث ضريبة التكافل بغية منها تسديد الحد الادنى من متطلباتها المالية القادرة على تثبيت وجودها في المرحلة المقبلة، خاصة بعد توقف الدعم الايراني عقب موقفها من الوضع في سوريا وكذلك موقفها من عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد اليمن.

حرره: 
م.م