إستحقاقات قانون الانتخاب.. الأحزاب اليسارية والقومية تستفتي قواعدها
ناشد منير حمارنة ، الناطق بلسان أحزاب المعارضة ، الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني ، عضو لجنة الحوار الوطني ، ناشد رأس الدولة ، جلالة الملك ، صاحب القرار بأعمال سلطاته الدستورية ، وإجراء المقتضى ، والتدخل المباشر لعدم التوقيع ، على مشروع قانون الأنتخابات بهدف عدم إقراره ، كي نخرج من حالة الأصطفاف والتوتر ، لننتقل إلى حالة الأنفراج والأنفتاح على الأمل ، كي يتواصل قطار الأصلاحات السياسية في بلادنا ، ويتواصل مساره التدريجي ، بدون عرقلة ، وبدون توقف .
مناشدة الحمارنة الشخصية المرنة والمتوازنة في قيادة المعارضة الأردنية ، تعكس رغبة الأحزاب اليسارية والقومية ، وقطاع واسع من التيار الليبرالي والشخصيات المستقلة ذات الوزن ، ورهانها على تدخل صاحب القرار في اللحظة الحرجة ، لعله يدفع بالمشهد السياسي الأردني ، نحو الأنفراج ، وكسر حدة الأصطفاف والمواجهة .
فقد عملت الأحزاب اليسارية والقومية ، ما بوسعها أن تعمل ، كي لا تصل إلى الحائط ، وإلى الطريق المسدود ، ورفضت التجاوب مع دعوات حركة الأخوان المسلمين ، وطلباتها الملحة ، بإتخاذ قرار يدعو إلى مقاطعة الأنتخابات النيابية المقبلة .
ففي إجتماع لجنة التنسيق للأحزاب المعارضة ، المكونة من الأحزاب اليسارية والقومية الستة ( الشيوعي ، الشعب حشد ، البعث الأشتراكي ، البعث التقدمي ، الوحدة الشعبية ، الحركة القومية للديمقراطية المباشرة ) مع حركة الأخوان المسلمين ، في إجتماعها الأخير على مستوى الأمناء العامين ، يوم الأثنين 16 تموز ، طالب الأخوان المسلمون ، الأحزاب المشاركة ، بإتخاذ موقف موحد من عملية المشاركة أو المقاطعة ، للأنتخابات النيابية المقبلة ، وفق القانون المعد " صوت للدائرة المحلية ، وصوت للدائرة الوطنية " ولكن الأحزاب المشاركة ، بإستثناء حزب الوحدة الشعبية ، لم تتجاوب مع توجهات حركة الأخوان المسلمين ، وأثرت التريث ، وتأجيل البت في إتخاذ القرار ، إنتظاراً لتطورات محتملة على المستويات الحزبية الداخلية ، والمحلية الوطنية .
لجنة التنسيق لأحزاب المعارضة ، لم تكن المبادرة لهذا الموقف ، موقف الأنتظار والتريث ، بل سبقها موقف مماثل لقيادة الجبهة الوطنية للأصلاح برئاسة أحمد عبيدات والمشكلة من ثلاثة أطراف رئيسية ، هي اولاً أحمد عبيدات وجماعته من الشخصيات المستقلة التي تدين له بالولاء وفضل المشاركة ، ثانياً حركة الأخوان المسلمين ، وثالثاً الأحزاب القومية واليسارية ، والتي رفضت في إجتماع لجنتها التنفيذية يوم الأحد 15 تموز ، ( رفضت ) الأستجابة لأقتراح الأخوان المسلمين بالإعلان عن رفض المشاركة في الأنتخابات النيابية المقبلة ، وأجلت إتخاذ قرار محدد ، وحجتها المعلنة أن الأحزاب اليسارية والقومية المشاركة لم تستكمل مشواراتها الداخلية بعد ، وهي بصدد إستفتاء قواعدها الحزبية حول المشاركة من عدمها .
الأحزاب اليسارية والقومية ، بإستثناء الوحدة الشعبية ، الذي يتبع حركة الأخوان المسلمين في أغلبية خياراته السياسية وتحالفاته النقابية ، ويلعب خارج ملعبه ، كما يقول أحد الحزبيين ، فإن الأحزاب الخمسة ، تقع بين موقفين ، لا تحسد عليهما ، إزاء التعامل مع قانون الأنتخابات ، بين أن تتخذ قرار المشاركة ، ترشيحاً وإنتخاباً ، لأنتخابات مجلس النواب السابع عشر ، وفق قانون " صوت للدائرة المحلية ، وصوت للدائرة الوطنية " وبين أن تتخذ قرار المقاطعة ، لأنها لا تجد فيه ومن خلاله الرافعة السياسية المناسبة للتقدم الجدي إلى الأمام بإتجاه الأصلاحات والتحولات الديمقراطية .
ولذلك تواجه هذه الأحزاب ، حالة إرباك وتردد ، ولديها عدم وضوح في الرؤية ، إنعكاساً لحالة الأستقطاب الحادة السائدة ، بين الحكومة وبين الأخوان المسلمين ، وعدم قدرتها على إستنباط رأي ثالث يجعلها في صلب موقع صنع القرار الجماهيري ، كي تقوده وتحظى بثقته ، إعتماداً على عدة عوامل منها ، موازين القوى السائدة بين القوى المحافظة وبين قوى الأصلاح ، ومنها توقف قطار الربيع العربي في المحطة السورية ، وعدم قدرة النظام والمعارضة السورييّن على حسم الموقف لصالح أي منهما في ضوء المعطيات المحلية والأقليمية والدولية ، ومنها عدم قدرة المعارضة الأردنية على توحيد صفوفها بين المكونات الثلاثة 1
- حركة الأخوان المسلمين ومن يتبعها 2
- الأحزاب اليسارية والقومية ومن يؤيدها 3
- قوى الحراك الشعبي والشبابي ومن يساندها وهي تتحسس طريقها ، وبلورة شخصيتها المستجدة غير محددة الهوية والعنوان ، وإنعكاس ذلك على عدم التوصل إلى أجندة متفق عليها ، وغياب الفعاليات الموحدة ، والنشاطات ذات الهدف الواحد بين مكوناتها الثلاثة ، فتتوه الشعارات والفعاليات ما بين المطالب والأحتجاجات ، وتتوه من خلفهم الحلقات الشعبية المتحفزة للعمل والمتحفظة من الشعارات ، مما أدى إلى فشل الحراكات الأسبوعية والموسمية من أن تكون جاذبة للأردنيين ، وأن تقتصر النشاطات على الحزبيين والنشطاء وأصدقائهم .
حركة الأخوان المسلمين قادت المعارضة ضد قانون الأنتخابات ووظفت إصطفافات ضده ، رغم عدم مشاركتها أصلاً في لجنة الحوار وتحفظها من مشاركة قوى يسارية وقومية وليبرالية في صفوفها ، ورفضها لنتائجها ، وتسعى إلى خلق أوسع جبهة مقاطعة للأنتخابات ، بهدف نزع شرعيتها الشعبية بتغييب مواصفات التعددية عنها ، وصولاً إلى كسر الأرادة الرسمية ، وجعلها لينة تستجيب إلى تطلعات حركة الأخوان المسلمين ، في أن تكون شريكاً في صنع القرار سواء تم ذلك بالرضى الرسمي قبل إجراء الأنتخابات ، أو بالرضوخ نزولاً عند نتائج الأنتخابات ، كما يقول أحد الأمناء العامين للأحزاب السياسية المعارضة في تشخيصه للوضع السياسي المحلي السائد " للرأي " ، وحالة التعارض القائمة بين موقف الحكومة ومن طرف ، وموقف الأخوان المسلمين من طرف أخر .
أحزاب المعارضة اليسارية والقومية ، التي لا تستجيب لمنطق وتكتيكات حركة الأخوان المسلمين ، ترى من جهة أن القائمة الوطنية التي تم إفرازها من قبل صناع القرار السياسي عبر لجنة الحوار وعملت على تحقيقها عبر التعاون الحكومي البرلماني ، هذه القائمة كانت هدفاً سعت إليه الأحزاب اليسارية والقومية ، وقد تحقق لنا هذا الهدف في هذا القانون كما يقول المهندس هشام النجداوي عضو المكتب السياسي لحزب البعث العربي الأشتراكي " للرأي " ولكن المشكلة المعيقة كما يقول أن نسبة القائمة الوطنية ، نسبة متواضعة مقارنة مع عدد مجلس النواب المقترح ، حيث لا تتجاوز نسبة القائمة الوطنية عن خمس المجلس ( 27 مقعداً من أصل 150 ) وهو ما تراه الأحزاب اليسارية والقومية أنه بعيداً عن إقتراحها بالمناصفة ( خمسين بالمائة للوطنية وخمسين بالمائة للدائرة المحلية ) ، إضافة إلى أن المقترح الحالي لا يلبي الهدف السياسي المرجو منه وهو الوصول إلى حكومات برلمانية حزبية منتخبة ، ولذلك تجد أن الحكومة أمعنت في عدم إستجابتها لمتطلبات التغيير والأصلاح المنشود ، مثلما ترى أن حركة الأخوان المسلمين تسرعت في إتخاذ قرار المقاطعة ، ووضعت الأحزاب اليسارية والقومية أمام خيار صعب ، إما اللحاق بها أو اللحاق بالموقف الحكومي وفي الحالتين ترى الأحزاب القومية واليسارية أنها بموقع حرج لا تحسد عليه ، وعليها أن تتصرف بمسؤولية وطنية وأن لا تقع تحت طائلة الضغط وأن لا تتسرع بالأنحياز للأخوان المسلمين أو للحكومة ، ولذلك قرر البعثيون الأعتماد على صواب خيار قواعدهم وإستفتائهم حتى لا يكون القرار متسرعاً سواء بإتجاه المقاطعة أو بإتجاه المشاركة ، وهو الموقف نفسه الذي إتخذته قيادات باقي الأحزاب اليسارية والقومية بإستثناء الحزب الشيوعي الذي نجح كما يقول نضال مضية عضو المكتب السياسي " للرأي " بعقد الكونغرس الحزبي السنوي ، الذي أعاد القرار لمؤسسات الحزب كي تتخذ القرارالمناسب ، وكلف اللجنة المركزية والمكتب السياسي ، بإتخاذ القرار في ضوء دراسة المعطيات الجارية ، بمقاطعة الأنتخابات أو المشاركة فيها .