الموت بـ"الطَقِشْ"... تحركي يا حكومة؟!!
"الطَقِشْ" (هو مخلفات إسرائيل المدنية والعسكرية التي تد خل أراضينا عن طريق مافيات وتعود إليهم نظيفة بعد أن تخلف لنا موت الأرض والإنسان). قبل سنتين وقف رئيس الوزراء د.سلام فياض وهو يسلم الزميل محمد رجوب جائزة فلسطين لحرية الصحافة، ويقدم له شيكاً مالياً عن تحقيقه الإذاعي المميز حول ورشات الطقش في المناطق الجنوبية الغربية في محافظة الخليل المجاورة لجدار الفصل العنصري. في حديثه آنذاك أثنى رئيس الوزراء والجهة المنظمة للجائزة وهي مكتب الإعلام الحكومي على هذا الاستقصاء ووعد بإنهاء المشكلة..بعد عامين أضحت المشكلةُ أخطرَ مما كانت عليه؟!! مجموعة من الأسئلة نطرحها ونترك الإجابة عنها للمسؤولين علّهم يوقفون زحف الموت الرابض فوق صدورنا: - مَن المسؤول عن تصحّر مساحات من أرضنا الزراعية في جنوب غربي الخليل؟؟ - من المسؤول عن ارتفاع عدد حالات السرطان وأمراض الجهاز التنفسي والحساسية هناك ؟؟ - من المسؤول عن ظاهرة بتر الأصابع وعمالة الأطفال ؟؟ - من المسؤول عن تهتك رئة طفل لم يتجاوز الشهرَ التاسع ؟؟ - من المسؤول عن إحضار مادة الديكستين المسرطنة وهي من بين إحدى عشرةَ مادة مصنفة عالمياً على أنها تسبب السرطان؟؟ - من المسؤول عن تدفق مادة ثنائي كلورايد الأثنيل من مئات آلاف شاشات الحواسيب المدنية والعسكرية الإسرائيلية منتهية الصلاحية وأصبحت أرضُنا مدافنَ لها ؟؟ - من المسؤول عن إحضار مادتَي الكروم والباريوم من الثلاجات المستخدَمة لتستقرّ بين بيوتنا ؟؟ سُلطاتنا الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية هي مسؤولة يجب ان تتحرك لوقف الكارثة لأن الصمتَ سواء عن علم او بدون سيّان، وعدم قدرتها على الفعل تحت أي سبب كان يجعلنا قادرين على مطالبتها بالرحيل.
على امتداد الطريق من بلدة إذنا وحتى قرى الكوم وبيت عوا ودير سامت وعشرات القرى المجاورة تنتشر ورشاتٌ تُشاهدُ فيها جبالٌ من الخردة والمخلفات التي تنقلها شاحنات الموت الإسرائيلية التي يقودها فلسطينيون يحملون الهوية الزرقاء (الإسرائيلية) وتدخل بتسهيلات خاصة من المعابر والحواجز الإسرائيلية لتستقرَّ بين ايدي اطفال وشبان يقومون باستخدام المطارق لتحطيمها من أجل استخراج المعادن منها مثل النحاس والالمنيوم والحديد .. بمعنى آخر تنظيف أوساخ المحتل وإعادتها نظيفةً إليه. في الماضي كنا نقول إن عمالنا يبحثون عن العمل في إسرائيل، ولم نتصور أن يأتي العمل الإسرائيلي الينا ولكن على شكل نفايات ومواد كيماوية ومشعة تحمل الأمراض القاتلة. ثلاجات، غسالات، شاشات حواسيب مستخدمة ومنتهية الصلاحية، هياكل سيارات، براميل زيوت، كابلات من كافة الأنواع، مواد بلاستيكية، قذائف مدفعية، رصاص، ذخائر عسكرية، محركات دبابات يقال إنها كانت تستخدم للتدريب باستخدام القذائف التي تحتوي على اليورانيوم المنضب، وغيرها من المواد التي تشكل هذه المخلفات.
بعد فرز الأوساخ الإسرائيلية التي تدخل يومياً بعشرات الأطنان، تبدأ مأساة ثانية وهي حرق كميات من هذه المخلفات لتنظيفها من مادة البلاستيك والمطاط. مصادر طبية أكدت ان عمليات الحرق التي تتم في مناطق "ج" التي تقع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية وتتم بين البيوت تخلف سحباً من الغيوم يكون لونها مع بداية الاحتراق أسود، يتحول بعد فترة زمنية الى الأزرق المصفر، وفي اليوم التالي يصبح لون الدخان المتصاعد أبيض، مع العلم انه في بعض الأحيان يتواصل انبعاث الدخان من المواد المحترقة لمدة شهر، بعد سؤال الأهالي أكدوا ان عمليات الحرق تتم لرخص تكاليفها، فمثلاً تنظيف طن واحد عن طريق الكشط اليدوي باستخدام الأدوات الحادة يكلف 250 دولاراً أميركياً بينما الحرق لا يكلف إلا 10 دولارات للطن، تجار الموت الهادفين للربح لا يكترثون بنتائج عمليات الحرق. بعد معاينة المناطق التي يتم فيها الحرق، لاحظنا أن الأراضي المحروقة تصبح قاحلة تماماً وتنقرض الحياة النباتية فيها ... حتى لو أُعيدت زراعتها لا ينبت فيها شيء. الحقول المجاورة مثل الزيتون وكروم العنب واللوزيات بمختلف أنواعها متراكمٌ على أوراقها طبقات شبه بلاستيكية تؤدي في النهاية الى ضعف شديد في الاثمار وربما الموت التدريجي...
ينابيع المياه وخاصة السطحية قد لا تكون آمنة ... اتصالات مع السفارة البلجيكية لإجراء بحث وفحص آثار إعادة تنظيف القاذورات الإسرائيلية البيئية والصحية بل الوجودية للبشر والحيوانات والنباتات في هذه المناطق كان من المفترض أن يتم خلال الأشهر الماضية...ولكن لماذا توقفت ؟!! هذا سؤال آخر. السلطة التنفيذية ممثلة بجهاز الشرطة غير قادرة على الوصول الى مناطق الحرق... مجموعة من الحارقين الذين تم تحويلهم للقضاء يحكم عليهم بغرامات لا تتجاوز 50 دولاراً !! السلطة التشريعية مغيبة بالكامل!!! نختم مقالتنا بما اكده وزير شؤون البيئة يوسف أبو صفية بأن الشاحنات المحملة بالمخلفات فور اجتيازها الحواجز الإسرائيلية لا يسمحون لها بالعودة ولو بعد ثانية، مؤكدين أن القوانين الإسرائيلية لا تسمح بدخول المخلفات او النفايات ولو كانوا هم مصدرها. ملاحظة ثانية أن سلطات الاحتلال تخصم من ضريبة المقاصة الإسرائيلية تخصم 65 مليون شيكل، أي ما يعادل 22 مليون دولار سنوياً لأن وادي جنوب الخليل تقع على جانبيه عدة محاجر تلوث الوادي، ويصل جزءٌ من هذا التلوث الناتج عن غبار الحجارة الى المناطق الفلسطينية في الداخل "إسرائيل". غبار الحجارة يتقاضون عنه 22 مليون دولار، فماذا عن عشرات آلاف الأطنان من المواد الكيماوية والمخلفات العسكرية والمدنية الإسرائيلية الصلبة التي تصب في الأراضي الفلسطينية يومياً ؟!! تحركي يا حكومة قبل فوات الأوان.