ماذا بعد إقرار القانون ؟
بعد صدور الإرادة الملكية، بالمصادقة على قانون الانتخابات "صوت للدائرة المحلية وصوت للدائرة الوطنية"، يكون القانون قد إستكمل إجراءاته الدستورية ، وتكون رهانات التغيير على حلول دستورية وقانونية قد استنفذت أغراضَها، ولم يعد ما يمكن الحديث عنها، مع "بداية العد التنازلي لاجراء الأنتخابات". ا
لمشكله بالأساس، ليست دستورية وليست قانونية، المشكله بالأساس سياسية، وأطرافها العناوين السياسية، فالحكومة تتصرف ليست فقط بدواعي الاستحقاق الدستوري للأردنيين بل لتحقيق نتائج سياسية تتمثل ببقاء سيطرة المحافظين على مجلس النواب.
وأطراف المعادلة في الموقع المقابل هي أطراف سياسية، في المعارضة وجناحها حركة الأخوان المسلمين أولاً والأحزاب القومية واليسارية وبعض الليبراليين والمستقلين ثانياً، وكذلك في الموالاة أيضاً أطرافىوأحزاب سياسية لها تبايناتها واجتهاداتها المستقلة وغير المستقلة .
إذن أطراف المعادلة الأردنية أطرافاً سياسية ، والخلاف المعلن على القانون هو خلاف سياسي ، كل من جهته يقرأ القانون قراءة سياسية ، فالحكومة ترى أن تغيير القانون بإتجاه الصوتين للدائرة المحلية يعطي الأخوان المسلمين أكثر مما يستحقونه ويحصلوا على الأغلبية البرلمانية وهذا سيغير قواعد اللعبة المحلية ، ولذلك ترفض الحكومة ومعها دوائر صنع القرار التغيير بإتجاه الصوتين للدائرة المحلية ، ويرفضون مكافأة الأخوان المسلمين أو تقديم التنازلات المجانية لهم.
والإخوان المسلمون يصرّون على الصوتين للدائرة المحلية، ويحرضون على مقاطعة الانتخابات حتى تفقد شرعيتها الحزبية والشعبية ليصل المشهد السياسي إلى أن المعارضة قاطعت الانتخابات وليس حركة الأخوان المسلمين فقط، ولذلك إذا كان الحديث عن فقدان الانتخابات لشرعيتها الشعبية بالمقاطعة، فإن إختصار المقاطعة على الأخوان المسلمين بدون البعثيين والشيوعيين واليساريين وباقي القوميين تفقد المعارضة قيمتها السياسية لأنها ستقتصر على حركة واحدة تقاطع الأنتخابات، مهما كبرت ولكنها اللون الواحد، من هنا دوافع الأخوان المسلمين بدفع المعارضة اليسارية والقومية للمقاطعة وإحراجهم لدفعهم نحو المقاطعة.
والأحزاب اليسارية والقومية رغم تواضع إمكاناتها وعدم وحدتها، فقيمتها أنها تساهم في إعطاء الشرعية إما للحكومة أو للأخوان المسلمين، وهي لا تحبذ لا هذه ولا تلك وتتمسك بالقائمة الوطنية وتعتبرها إنجازاً وطنياً تسعى لتثبيته وتطويره، ويستغربون لماذا لا يتوقف الاخوان المسلمون أمام أهمية القائمة الوطنية ولا يطرحونها كشعار لتوسيع وتكبير القائمة بدلاً من الحديث المضلل حول الصوت الواحد، مع أن القانون ليس صوتاً واحداً بل هو صوتان واحد للمحلية وواحد للوطنية. الأحزاب القومية واليسارية في مأزق، ولهذا لم تتخذ قرارها بعد، بالمقاطعة أو بالمشاركة .