فيس بوك حرّك "الانتفاضة" ونتنياهو عاجز عن إيجاد "بلوك "جماعي

نتنياهو

خاص زمن برس / سعيد قديح

(خاص) زمن برس، فلسطين: عادت جنازاتُ الشهداء لتكون جموعها هائلةً كما الهتافات وأكثر، ورجع الملثمون بحجارتهم وزجاجات المولوتوف جماعاتٍ إلى نقاط المواجهة مع الاحتلال عند المفترقات وعلى الشوارع، وبات الغضبُ يأخذ معناه الحقيقي على الأرض، لا في هتافات الشبان فحسب، بل وكتاباتهم على جدران الضفة وفيس بوك، وأخذت السكاكين تكتسب معنىً جديدًا غير الطبخ.

تُكمِلُ انتفاضة القدس في  يومها الخامس عشر رسمَ الصورة الطبيعية لشعبٍ لم يرضَ بالذل والهوان، في الوقت الذي تزدادُ فيه أعراسُ الشهداء في حارات القدس، ومدن الضفة، وعلى حدود غزة يومًا بعد يوم، وترتفع زغاريد الأمهات.

انتهى الشاب الفلسطيني محمد زيارة، من رفع مقطعٍ على حسابه المشهور بفيس بوك - يوثّق جريمة إطلاق إسرائيلي الرصاص على جسدِ طفلٍ بالقدس وتركه ينزفُ وسط ألفاظٍ قاسيةٍ يوجهها مستوطنٌ للطفل في غمرة ألمه. ليحصل المقطع على عدد مشاهداتٍ وصل إلى أكثر من مليوني مشاهدٍ خلال وقتٍ قصيرٍ مع تعليقاتٍ انهمرت من أنحاء العالم تندد بالجريمةِ، وتدعو إلى استمرار الانتفاضة.

وأخذ زيارة يوضّح لمتابعيه الأجانب كيف أن إسرائيل باتت تجهّز تهماً للشهداء، الأطفال منهم والشبان والنساء قبل إعدامهم بدمٍ باردٍ كما حدث مع هديل الهشلمون في الخليل، وفادي علون وحسن مناصرة في القدس، في صورةٍ تبرز مدى أهمية وسائل الإعلام الإجتماعي لتوضيح الأحداث وتوجيه الرأي العالم العالمي لخدمة القضية الفلسطينية.

الأمر عند طارق الفرا، يأخذ شكلًا آخرًا في التعبير، فهو يعتبر من الصور تحديدًا مادةً حيةً تؤثر أكثر من النص في أذهان الناس داخل وخارج فلسطين وتفضح جرائم المحتل بالدليل والبرهان القاطع، فللتو رفع صورةً على تويتر لشابٍ فلسطيني يواجه سياسة الاحتلال كما غيره، يحمل في يدٍ حجرًا وفي الأخرى كتاب، وكتب " جيل متعلم ، جيل مقاوم" ، قائلًا لزمن برس:" إن شعبنا حينما يقاوم يملك الإنسانية، ليس شعبًا يهمه القتل والهجوم، نحنُ نقاوم من باب الدفاع عن الأرض والشرف، وهذا ما نريد أن نوضحه للعالم من خلال مواقع التواصل الإجتماعي كنافذة يرى من خلالها الكل".

أما الشابة هدى العف، وهي تعمل في حقل الصحافة، أثناء تحديثها لصفحتها الرئيسية على فيس بوك وجدت خبرًا يقفزُ أمامها مفاده أن " المخابرات الإسرائيلية أطلقت خمسة آلاف حساب عربي على الموقع لتتبع منشوراتٍ محرضّة " لتسخر قائلةً :" لم ينجحوا في تتبّع الأبطال على الأرض، ويريدون تتبع ما يكتبونه، لن ينجحوا في ذلك، لأننا أوعى منهم، والأيام علمتنا".

وأضافت:" لاحظتُ أثناء تصفحي على الموقع لقطات لرسائل وردت لشبان من حسابات جديدة بأسماءٍ عربية تسألهم عن أسماء ناشطين في المواجهات، أو تطلب منهم معلومات بحكم العمل المشترك، يستعرضُ الشبان عضلاتهم بأنهم اكتشفوا هذه الخديعة، وهذا وحده مؤشر جيد على وعي مستخدمي الموقع الفلسطينيين".

جدير بالذكر أن صحيفة هآرتس العبرية كشفت قبل فترة قصيرة أن جيش الاحتلال جهّز لأول مرةٍ في تاريخه وحدةً خاصةً بمراقبة الحواسيب، مهامها تدريب المجندين على أحدث الوسائل التكنولوجية لرصد المعلومات التي من شانها تشكيل خطرٍ على مصالح إسرائيل الأمنية وتحديدًا فيس بوك وتويتر وفق الصحيفة.

وأعلنت شرطة الاحتلال اليوم اعتقالها طفلةً بدويةً من بئر السبع تبلغ من العمر 15 عامًا بحجة " كتابتها منشورًا على حسابها بفيس بوك تحرّض فيه على تنفيذ عمليات ".

ويرى هادي العجلة الباحث في السياسات والدراسات أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تربةً خصبة للشبان الفلسطينيين تقّرب البعيد وتوصل الأحداث القريبة لمناطقٍ أبعد، واستثمارها بشكلٍ جيّد ينتج مكاسب رائعةً لصالح القضية وعدالتها، محذرًا في الوقت نفسه من الإشاعات التي وصفها بالعدو الأخطر قائلًا لزمن برس:" إن خطر الإشاعة لهو أخطر من العدو نفسه، لقدرتها على نشر البلبلة وترهيب الناس وزرع الأكاذيب، وإسرائيل لا تضيّع وقتًا من أجل العمل على هذا".

وكان الشهيد بهاء عليان، ابن مدينة القدس، الذي استشهد برصاص شرطة الاحتلال ترك على حسابه بفيس بوك منشورًا بـ "وصاياه العشر قبل أن يكون شهيدًا"، لتتناقله آلاف الصفحات على الموقع،  حتى والده دخل حساب ابنه الشخصي، ونسخ وصاياه هذه ليطبعها على لافتةِ كبيرةٍ علقها على واجهة بيت عزاء الشهيد.

وكانت  القناة العاشرة من التلفزيون الاسرائيلي قد كشفت أن جهاز المخابرات الاسرائيلية "الشاباك" نقل الحرب على  "المهاجمين المنفردين" إلى الانترنت وتحديداً على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

واضطر الشاباك لهذه الخطوة بعد الصعوبات التي يواجهها بحسب المراسل العسكري للقناة العاشرة ألون بن دفيفد، في تحديد هوية الأشخاص الذين يقررون تنفيذ هجمات منفردة.

وقال ضابط  في الشاباك" نلاحق توجهات الفلسطينين من خلال صفحات التواصل الإجتماعي (فيس بوك ) ووحدة أمنية إسرائيلية تتابع هذا الملف، الذي يعد أحد الطرق المهمة في إفشال العمليات الفردية!.

وأضاف الضابط " التحقيقات تشير إلى أن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت دائرة التعبئة الرئيسية لتغذية العمليات الفردية".

ومما يؤكد أن الفيسبوك وبقية مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً في معركة الشعب الفلسطيني الآن ضد الاحتلال، هو اهتمام غالبية المسؤولين الإسرائيليين في التطرق إلى ما ينشر عبره، وتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي للحديث عنه، ووصف ما ينشر عليه من قبل الفلسطينيين بالتحريض، ولو كان بإمكان الحكومة الإسرائيلية لوضعت "بلوك" بلغة الفيسبوك، لحسابات كل الفلسطينيين على الفيسبوك. 

اقرأ أيضًا: إسرائيل ترصد الفضاء الافتراضي العربي 

حرره: 
م.م