هزيمة الأخوان المسلمين

شخص جلالة الملك أوضاعنا الحزبية والسياسية الوطنية ، بشكل عملي ، مستجيباً للأحداث ونبض الشارع ، والمصلحة العليا للدولة . شخص الوضع الحالي وخلفياته وتطلعاتنا جميعاً نحو نظام ملكي دستوري مرافق لحكومات برلمانية حزبية مقبلة ، على قاعدة خطوات متتالية تدريجية ، بادر لها إستجابة لروح التغيير وإحتياجاته عبر التعديلات الدستورية ، والهيئة المستقلة ، ونقابة المعلمين ، والمحكمة الدستورية ، وقانون الأنتخابات وفي قلبه القائمة الوطنية ، ومع ذلك ، ومع أنها خطوات مهمة ونقلات نوعية ، لم يقفل جلالة الملك الباب ، وقال أن هذه التعديلات ليست نهائية ، ويمكن للبرلمان المقبل أن يجري التعديلات المطلوبة ، لأنه بكل بساطة صاحب القرار في التشريع ، وصاحب الصلاحية الدستورية بفعل ذلك ، سواء شمل ذلك مضمون الدستور بتعديل مواده أو أي قانون وفي مقدمته قانون الأنتخابات .

جلالة الملك حدد عبر تشخيصه وسائل التغيير من خلال وسيلتين هما أولاً الشارع والثاني البرلمان ، ولذلك قالها بوضوح : " القانون ليس مثالياً ، ولكنه يحقق إعادة التوازن ، وقانون الأنتخابات يمكن أن يتغير من داخل البرلمان القادم ، وعليه إن كان الأخوان المسلمين يريدون تغيير الدستور والقوانين ، فالأفضل أن لا يتم ذلك في الشارع ، بل من خلال مجلس النواب " الأخوان المسلمون فشلوا في إجراء التغيير عبر الشارع ، طوال أشهر الربيع الأردني المنصرمة ، وذلك لأن حراك الشارع تميز بعاملين هما :

أولاً : إن الحراك ذات طابع حزبي ، وإقتصر على الحزبيين وأصدقائهم ، ولم يتحول إلى حالة شعبية جاذبة للأردنيين ليكون أداة ضغط أقوى على صاحب القرار كي يستجيب إلى مدى أوسع مما تحقق ، من تعديلات وقوانين وإجراءات ، فالفعل على الطاولة تم إنعكاساً للفعل على الأرض ، والفعل على الأرض كان متواضعاً محدوداً ، أثمر على تحقيق ما تحقق إلى الأن .

ثانياً : لم يكن الحراك موحداً وتوزع بين ثلاثة عناوين لم تتوحد في شعاراتها وتوقيتها وأماكنها ، فقد توزعت بين 1- حركة الأخوان المسلمين ومن يتبعها 2- الأحزاب اليسارية والقومية 3- الحراكات الشبابية المستجدة والتي تتلمس طريقها وتجتهد في وضع برنامجها بمعزل عن تقاليد الطرفين الأخوان المسلمين والأحزاب القومية واليسارية .

فشل حراك الشارع ، في أن يكون جاذباً لما يكفي ، وفشل حركة الأخوان المسلمين في أن تقود الشارع وقوى المعارضة بما يكفي ، سبب رئيسي ، في أن التغيير لم يطل المواد 34 و 35 و 36 كما يرغبون ، وأن القائمة الوطنية التي ضغط جلالة الملك لزيادة مقاعدها توقفت عند 27 مقعداً ، وهي غير كافية ، ولكنها مقدمة ضرورية نحو الأفضل .