تحليل: هل من صراع بين "حماس" الداخل والخارج؟
بيروت: ترفض مصادر في "حماس" الحديث عن صراع داخلي حول قيادة الحركة، بل تضع ذلك في إطار المنافسة المشروعة "على السلطة" عند كل محطة انتخابية، مقرة في الوقت نفسه بأن هذا التنافس يحمل بعدين: جغرافي وسياسي.
فعلى المستوى الجغرافي، تعتبر "حماس" بزعامة إسماعيل هنية في غزة، أنها هي التي كرست مكانة الحركة في ابعادها السياسية، نظراً لما قدمته من تضحيات، لاسيما في حرب الـ2008، وبالتالي فان دورها يجب أن يكون أكبر مما هو عليه".
في المقابل، فإن "حماس" الضفة الغربية، هي العنصر الأضعف في تركيبة الحركة، وهي الاقرب إلى التسوية الفلسطينية الداخلية، التي تبقى في الوقت نفسه هدفاً لإسرائيل التي تزج معظم قياداتها في السجون، لانتفاء المصلحة الإسرائيلية بوجود قيادة "حمساوية" وسطية.
وفيما ترتبط "حماس" غزة بجماعة "الأخوان المسلمين" في مصر، تمد "حماس" الضفة الغربية جسوراً مع جماعة "الأخوان المسلمين" في الاردن الذين ينقسمون بدورهم إلى قسمين: "أخوان" شرق الأردن، و"أخوان" من أصول فلسطينية. "أخوان" شرق الأردن ميّالون نحو "أردنَة" التنظيم، ويريدون فك الارتباط مع "أخوان" الضفة ("حماس")، في حين يعتبر "الأخوان" من الأصول الفلسطينية أنفسهم و"حماس" الضفة، تنظيما واحداً. فيما يقول بعض المصادر أن فلسطينيي الأردن من "الأخوان المسلمين" المقيمين في الخليج، انضموا إلى حركة "حماس".
أما "حماس" الخارج التي يمثلها رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، فهي أقرب إلى جماعة "الأخوان" كقيادة عالمية، أي مع المرشدية العامة لـ"الأخوان" ومقرها القاهرة، والتي ترى أن "حماس" هي رأس حربة مشروعها. وفي ظل هذا الواقع، يبقى الأكثر بروزاً، هو التنافس بين "حماس" غزة ومشعل، والذي يشكل نمطاً جديداً للصراع بين الداخل والخارج.
وبانتظار ما يمكن أن تؤول إليه الاوضاع، لاسيما في ظل ما يدور في المنطقة، فإن حركة "حماس" بمختلف شرائحها تعتبر ما يسمى بـ"الربيع العربي" ليس الا ربيعاً إسلامياً، وتدلل على الموضوع بما حصل في مصر وتونس والمغرب، حيث تولى رئاسة الحكومة شخص من حركة "الأخوان المسلمين" أو يدور في فلكها. وبالتالي لا يمكن للحركة أن تكون ضد "الأخوان المسلمين" في سوريا، في وقت يحاول النظام السوري وضع "حماس" أمام معادلة "إما معنا، أو ضدنا".
وفي هذا السياق، أكدت مصادر في "حماس" لموقع "لبنان الآن"، أن الحركة قامت قبل الأحداث الجارية في سوريا منذ اكثر من 16 شهراً، بأكثر من محاولة لتقريب وجهات النظر بين النظام السوري وجماعة "الأخوان المسلمين" في سوريا، وكانت إحدى نتائج ذلك، خروج "الاخوان" في العام 2009 من "جبهة الخلاص" التي شكلتها المعارضة السورية من الخارج في العام 2006، والتي شارك فيها نائب الرئيس عبد الحليم خدام المنشق عن النظام.
وأمام معادلة النظام السوري: "إما معنا، أو ضدنا"، حاولت "حماس" ان تتعامل مع الأمر بـ"براغماتية"، ورغبت ان تكون في الوسط، وتحركت طيلة أشهر من عمر الأزمة لرأب الصدع بين النظام والمعارضة السورية، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، فما كان إلا أن خرجت من العاصمة السورية وبشكل تدريجي، حيث لم يبق أيٌّ من قياداتها في دمشق، باستثناء المناصرين الذين يعملون تحت رايتها لتولي شؤون من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية هناك. المصادر في "حماس" لا تتردد في التأكيد على أن دوراً كبيراً ينتظرها في المستقبل القريب.. دور يهدف الى وأد المخاوف من تداعيات الأزمة السورية على الساحة الاسلامية ككل.
وأشارت المصادر نفسها الى أنه ولهذه الغاية، تبقى "حماس" على تواصل مستمر مع "حزب الله" لتنظيم الخلاف بشأن الأزمة السورية، وهي في الوقت نفسه تعمل على خط مد الجسور بين "حزب الله" وبعض التيارات السلفية في لبنان، بانتظار اللحظة الملائمة لمد الجسور كذلك بين حركة "الأخوان المسلمين" من جهة، وإيران و"حزب الله"، من جهة أخرى، يمكن أن تؤدي في السياق العام إلى رأب الصدع الإسلامي السني الشيعي في المنطقة ككل، وإلا فإن أي تداعيات طائفية مذهبية ستؤثر سلباً على جوهر الصراع العربي الإسرائيلي.
لبنان الآن
_______
آ ج