ما "الإرث" الذي سيتركه الرئيس عباس لخليفته؟

أبو مازن

سماح عرار

(خاص) زمن برس، فلسطين: أحد عشر عاماً مضت منذ تولي الرئيس محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية خلفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات، في مهمةٍ لم تكن سهلةً وحملت معها تطورات وتغييرات كبيرة ستسجل في تاريخ الشعب الفلسطيني، وليس في سجل الرئيس عباس وحده، سواء كان الحديث هنا عن إخفاقاتٍ أو إنجازات، فالفترة طويلة وكانت حُبلى بالأحداث.

وما بين الانجازات والإخفاقات تعددت التحليلات حول الإرث الذي سيخلفه الرئيس عباس لخليفته سواء كان ذلك اليوم أو بعد سنة أو أكثر...

وقال المحلل السياسي أكرم عطاالله، إنه من الصعب الحديث عن "إرث" في ظل أن الرئيس قائم على رأس عمله، وقد يحدث تغيير في اللحظات الأخيرة من الحكم تقلب الموازين وتضيف إلى هذا السجل ما يجعله مختلف تماماً عن السيرة كلها.

وأضاف بأنه يمكن تقسيم مرحلة أبو مازن إلى جانين وهما الجانب السياسي والجانب الإدراي. واعتبر" بأن أداء الرئيس على الصعيد الدولي كان قويا ورائعًا، استطاع من خلال سياسته ودوره الدبلوماسي أن يكون لفلسطين حضورًا دوليًا لم تشهدها من قبل في المؤسسات الدولية على عكس إسرائيل والتي أصبحت في عزلة دولية".

أما على الصعيد الإداري" فإن أداء الرئيس أبو مازن شابه الكثير من الاخفاقات بنشوء خلافات مع حركة حماس وكذلك خلافات بذات الفصيل كالذي حدث مع القيادي في حركة فتح "محمد دحلان" عندما قام أبو مازن بفصله، ثم الخلافات مع رئيس الوزراء السابق "سلام فياض"، والتي أدت إلى إضعاف الداخل الفلسطيني" على حد قول عطا الله.

أما المحلل السياسي عبد الستار قاسم فقد كان له رأي مغاير، فقد حمل الرئيس عباس مسؤولية حالة الانقسام الفلسطينية المتواصلة منذ سنوات، قائلاً" إنه لم يضع حد لردع المشكلة وإنما أخذ موقفا قبليًا لفصيله ودار ظهره للفصائل الأخرى".

وأشار عبد الستار في حديث ل"زمن برس"، بأن الإرث الذي سيتركه من بعد انتهاء عهده هو سوء توزيع المسؤوليات في المجتمع من خلال حصر الوظائف والمراكز الأساسية لحركة "فتح"، ما يسود الكراهية والبغضاء بين الناس ما يؤثر سلبًا على قيم العمل الجماعي".

ورغم أن الرئيس محمود عباس قد نجح في مساعيه بانتزاع  اعتراف دولي بفلسطين، وأنها أصبحت دولة غير عضو في الأمم المتحدة، إلا أن قاسم لم يرى في هذا الأمر إنجازاً، وفسر ذلك قائلاً:" الدول ذاتها اعترفت بفلسطين منذ عام 1974 وذلك عندما اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، والتي لم تجدي للقضية الفلسطينية نفعًا وهكذا حال "الدولة غير العضو" في الأمم المتحدة".

وتابع قاسم:" الانجازات هي في البحث عن عمل حقيقي في إجراءات محاربة إسرائيل، وليس البحث عن أصوات".

كيف يرى الإسرائيليون حكم الرئيس عباس؟

من جانبه، قال المحلل في الشأن الإسرائيلي فايز عباس، إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وخاصة اليمينية ترى بأن أبو مازن هو المسؤول عن تدهور وضع إسرائيل السياسي على المستوى الدولي، والمتمثل بمقاطعة إسرائيل بشكل أساسي.

ووفقاً لوجهة النظر الإسرائيلية أيضاً، فإن الرئيس عباس هو المسؤول عن اعتبار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولاً عن فشل المفاوضات" يضيف عباس.

وأضاف المحلل في الشأن الإسرائيلي:"  إسرائيل تعتبر الرئيس عباس "أخطر عدو" حتى أن وزير خارجيتها السابق أفيغدور ليبرمان قال: أبو مازن يمارس "الإرهاب السياسي" ضدّ إسرائيل، وهذا مصطلح جديد وغير معروف دولياً. بالنسبة لإسرائيل، ويعني مقاومة إسرائيل على المستوى الدولي".

وأشار عباس:" إسرائيل  لا تفضل "الرجل السياسي" كالرئيس عباس، فهو أكثر خطرًاً من "الرجل العسكري" كالرئيس الراحل ياسر عرفات، لأن إسرائيل تفضل الرجل المتهم على المستوى الدولي بالإرهاب "ياسر عرفات" وليس رجل سلام كما "عباس" وفقاً للمصطلحات الإسرائيلية.

من ناحيته قال، د. صالح النعامي الباحث في الشأن الإسرائيلي، إن الرأي الإسرائيلي في عهد رئاسة أبو مازن للسلطة الفلسطينية غير متجانس، فهناك عدّة مستويات منها ما اعتبرته شريكا لإسرائيل ومنها ما اعتبرته المحرض على العنف وآخرين اتهموه بالتفريط بحقوق الشعب الفلسطيني.
وأشار النعامي في حديثٍ مع "زمن برس"، إلى أن أبرز ما جاء في هذا المجال ما قاله المعلق الإسرائيلي البارز "رفيف دروكز":أكثر خبراء القنوات المتعددة ليس بإمكانهم أن ينتجوا شريكاً لإسرائيل مثل أبو مازن"، ما يعكس التقدير العام لأبو مازن، على حد قوله.

وأضاف، أن معظم الإعلاميين والنخب الإعلامية يروا في أبو مازن شريكا وأثبت جدارته وأنه جاء في مسألة عدم السماح بتغيير القواعد مع إسرائيل من خلال "التعاون الأمني" ومن خلال عدم الرغبة في عمليات المقاومة على عكس اليمين المتطرف الذي اتهم عباس بالتحريض.
حيث عبر رئيس الوزاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلقه مؤخرا من امكانية أن تنهار السلطة، كما تحدثت قادة أجهزة الاحتلال عن الدور الإيجابي لأبو مازن في استقرار الأوضاع "الأمنية". على حد قول النعامي.

ومن جهة أخرى اتهمت مجموعة مهمشة الرئيس عباس بالتفريط بحقوق الشعب الفلسطيني من خلال عدم اتخاذ اجراءات ضدّ إسرائيل.
ومن أبرز ما قيل في هذا المجال ما قاله المعلق الإسرائيلي البارز "رفيف دروكز":أكثرخبراء القنوات المتعددة ليس بإمكانهم أن ينتجوا شريكا لإسرائيل مثل أبو مازن"، ما يعكس التقدير العام لأبو مازن، بحسب النعامي.

وبالعودة إلى مرحلة ما بعد الرئيس، والمهام التي ستوكل لخليفته، قال المحلل عبد الستار قاسم" إن الرئيس القادم سوف يتأثر بالإرث السياسي الذي سيتركه الرئيس عباس لأننا متورطون في الكثير من القضايا مع الجانب الإسرائيلي كالبنوك والقروض والكهرباء والتنسيق الأمني".
وأضاف:" ستكون على عاتقه مسؤولية التخلص من الاختراقات الأمنية التي ازدادت حدتها بعد قدوم السلطة إضافة إلى إعادة تأهيل الشعب الفلسطيني من أجل العيش معاً".

من جهته، اعتبر المحلل السياسي أكرم عطاالله أن من يتولى الرئاسة بعد أبو مازن سيبني على هذا الإرث، حيث أن الرئيس حقق انجازات سياسية تسهل على من بعده العمل على المستوى الدولي".
وأشار، بأن مهمة الرئيس القادم" هي إنهاء مجموعة من الخلافات الفلسطينية الفلسطينية والغوص من جديد في إطار حل النزاعات الداخلية".

أما من وجهة النظر الإسرائيلية فقد أشار الباحث في الشأن الإسرائيلي فايز عباس إلى أن إسرائيل ستكون الرابح الأكبر من رحيل الرئيس أبو مازن، لأنها تعتبره "الشيطان الأكبر"، مضيفاً أنه لن يكون لخليفته وزن سياسي كالذي يتمتع به الرئيس عباس، على حد قوله.
 

حرره: 
م.م