"بير زيت" ... بهدوء

انتخابات جامعة بيرزيت

لازلنا بين التشنج والتخبط وكيل الاتهام،مجموعة من ردات فعل،وصخب، و نعاود من بعد كل مرة ومرة البحث عن قضية أخرى وأخرى،نمارس فيها
سخطنا ونواصل تراكمياً فشلنا في القراءة كما في الادارة ونفترق بعيداًعن بوصلة العقل وارادة الفعل ونغرق برومانسيتنا الحالمة،أن كانت لنا كلمة
في الفشل تكفل لنا البراءة منه؟

بير زيت عملية انتخابية طلابية دورية سنوية وكغيرها من الجامعات والكليات الفلسطينية،تشهد تفاعلات للحراكات الشبابية باطرها الطلابية وفق تحولات
ومؤشرات اجتماعية "خدمية" وبنسبة أقل"سياسية" ،فمجالس الطلبة ،قطاع خدمي اجتماعي بالدرجة الأولى تتناوب على قيادته كتل طلابية ذات توجهات
سياسية ،وليست أحزاباً سياسية وإن لا تخلو نتائجها من دلالات حزبية، والقول الفصل في الصوت الانتخابي مقدار الخدمة التي ينبغي أن يوفرها
أي اطار طلابي لجمهور الطلبة "المتلقي" كأولوية تسبق الانتماء السياسي عند الجمهور الأوسع لشريحة الطلبة،،نعم ،هناك نسبة
مؤطرة حزبياً وسياسياً داخل الاطر الطلابية ولكنها ليست الحالة العامة.

حيث لاتزيد هذه النسبة في أفضل حالاتها عن 40% من مجموع الطلبة،وتتبقى الكثلة الاكبر 60% من المجموع العام المتنافس عليه خدمياً
لاسياسياً ، القول الحسم في نتائج الانتخابات ،العامل الخدمي ،وهو ما يشرح التقلبات في التمثيل النسبي خلال كل عام دراسي ،
وللتدليل على ذلك ففي انتخابات العام 2013م وكذلك 2014م حازت الشبيبةعلى 23 مقعد والكثلة الاسلامية 20 مقعداً واليسار مجتمعاً
8 مقاعد،وفي الانتخابات الأخيرة 2015م تقدمت الكثلة الاسلامية 6 مقاعد وتراجعت الشبية 4 مقاعد واليسار 2مقعد،فهل يعتبر ذلك تراجعاً سياسياً
يعبر عن حالة عامة ،ام تراجعاً خدمياً داخل أسوار الجامعة فقط؟؟

فلو سلمنا جدلاً أنه تراجع سياسي عام، فقد نراه أمراً مبرراً لأسباب عدة بالنسبة للشبيبة الطلابية كجزء من حركة فتح التي تتحمل كرهاً وزر أخطاء
وخطايا متعددة سواء للسلطة أو الشخوص والقيادات والخلافات.....الخ، ولكن هل الأمر ايضاً يطال اليسار "سياسياً" كسبب لتراجعاته؟

وهل حركة حماس بكل مجموع الأخطاء والخطايا والفشل الساحق في ادارة الشأن السياسي الداخلي القائم على تكريس الانقسام والاقصاء وعدم تقبل الاخر في غزة وغيرها وفشل ادارة العلاقات والتحالفات الاقليمية والدولية والتخبط والانتهازية والسذاجة والعشوائية في علاقاتها العربية، وكوارث ادارة القطاع وتدميره العبثي واخيراً مشروع الامارة والهدنة المجانية لامتناهية الزمان ،هل كل ذلك يعتبر "تمدداً سياسياً" وسبباً لتقدم الكثلة الاسلامية في انتخابات بيرزيت؟ ان الأمر في شقه الأكبر يتعلق في جانب المنتج الخدمي المقدم للطلاب والذي يجيئ بدوره.

انعكاساً لمجموعة من الأسباب،يجب وضعها على سلم أولويات تقييم التجربة المؤسفة واراها تتمثل فيما يلي:-

1- الوضع البنيوي الخاص والعام لاطار حركة الشبيبة الطلابية واحتكار هيئاتها
القيادية واطرها من قبل أشخاص وعائلات بعينها خارج معايير السن وتدافع
الأجيال والكفاءة.

2-حالة الاحتقان والاختلاف الداخلي التي ألقت بظلالها على المشهد
الفتحاوي العام على شكل استقطابي متنافر ،ومشاهد متبادلة "لإلقاء"
العصي في الدواليب المتحركة .والتشهير والتخوين والتجريم المتبادل
يومياً على كافة المواقع الالكترونية ووسائل الاعلام المختلفة .

3- تغليب البعد الشخصي والاجتماعي والجهوي على بعدي التنظيم والكفاءة
عند الاختيار والتكليف.

4- التراجع العام للدور الاجتماعي الفتحاوي عن حاضنته الجماهيرية لدرجة
اقتربت فيه العلاقة الى شبه حالة من الاغتراب شغلت مساحاته اتجاهات
الاسلام السياسي وعاقبت خلاله الجماهير حركة فتح على تراجعها ،
وهي التي كانت به اكثر التصاقاً.

5- غياب الادارة والاشراف والرقابة التنظيمية عن كافة مفاصل الحياة
التنظيمية والاطر الحركية بحيث اضحت اقطاعيات احتكارية خارج المحاسبة
تمارس كل قيادة منها تكليفها التنظيمي على شكل "مراكز قوى" متنفذة
كبديل للاخوة التنظيمية.واحتلال الشخص لمكانة وهيبة ورمزية التنظيم
واحلال العلاقة الشخصية كبديل للعلاقة التظيمية ومحاربة الكفاءات الناهضةوتهميش دورها.

6- تسفيه الرموز والقيم الفتحوية النبيلة والاصيلة ومواصلة الهدم اليومي
لكل مقومات المناعة الذاتية وتفتيت اركان الوحدة والتلاحم ،وانتظار نتائج
مغايرة !

7- الاىستغلال الفردي السيئ لصفحات الفيس بوك والتواصل الاجتماعي
والعمل كناطقين اعلاميين ومحللين ومخونين ولاعنين باسم فتح والحرص
عليها ومشروعها الوطني ،في حالة هي الفوضى بذاتها والانزلاق قيمياً
ووطنباً وتنظيمياً الى أدنى مستويات الفكر والأخلاق،كما حدث في صورة
الفتاة الأخيرة.

وأخيراً فإن نتائج بير زيت ليست سوى أنموذجاً واضحاً وصارخاً على تراجع
خدمي للمنتج الفتحوي كنتيجة حتمية لتراجع مكونه الاساسي
"العضو التنظيمي" ،والذي أبداً لن يسترد مكانته ان استمرت مدخلات
النظام واجراءاته وعملياته على ذات النهج والمنوال.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.