" روجر ووترز" يفضح عورتنا الاعلامية !!!

بقلم: 

 

 

تعلمنا في الجامعات وسمعنا من إعلاميين ومحللين سياسيين مرات عديدة على شاشات التلفزة بأن" العالم" سيقى منحازا لإسرائيل طالما أن وسائل الإعلام الدولية مسيطر عليها صهيونيا، هذه العبارة صحيحة إلى حد كبير، لكن الخطأ هو في تكرارها والتعاطي معها كمسلمة من المسلمات، كيف ذلك؟

كثيرة هي الدراسات التي تحدثت مؤخرا عن تراجع شعبية القنوات الفضائية عالميا، فيما تقدمت وسائل الإعلام الاجتماعية، نعم لقد بتنا في عصر الاعلام الاجتماعي، لكن كثير منا لا يريد الاعتراف بذلك؛ كون الاعتراف بهذه المقولة ينطوي عليه الحديث عن آليات التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعية، وكيف لنا أن نقدم القضية الفلسطينية خلالها، والتي للأسف لم ندركها بعد كما يدركها الإسرائيلييون.

بالأمس أعلن مطرب البوب الشهير" روجر ووترز" مواقف شجاعة تجاه حملة المقاطعة الدولية لإسرائيل على صفحته على الفيس بوك، وهو يعتبر من أشهر رموز مناهضي جدار الفصل العنصري منذ أكثر من عام، ومثله أيضا مطرب البوب الشهير أيضا" ستيفن ووندر". كلاهما لا زال يتعرض لحملات تحريضية من مؤيدي الصهيونية خصوصا على صفحاتهم على الفيس بوك والتي تضم كل منها ما يقرب المليون معجب... تخيلوا معي وقع موقف كهذا على معجبي كل منهما، وكم من الممكن استثمار مثل هذه المواقف لخلق تأييد وتعاطف دولي أوسع مع القضية الفلسطينية.... للأسف، من المعيب بل ومن العار علينا أن تكون غالبية التعليقات على صفحات الفيس بوك لهؤولاء المشاهير تهاجمهم و تؤيد إسرائيل، وقليلة هي التعليقات التي تثني على مواقفهم وتدعمهم. من هنا أتساءل:  أليس من المعيب أن لا نشكر من يقف إلى جانب معاناة الشعب الفلسطيني ويفضح جرائم الإحتلال دوليا؟ آلا يستحق هؤولاء المشاهير أن نقف إلى جانبهم ضد ما يتعرضون له من اتهامات بمعاداة اليهود والعنصرية؟ أين هي المؤسسات الرسمية الفلسطينية من الإعلام الاجتماعي؟ أين هم متخصصو الإعلام الاجتماعي الفلسطينيين القادرين على مخاطبة الجمهور الأجنبي؟ أين هي المؤسسات الإعلامية الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني من ذلك؟

للأسف أكتب هذه الكلمات بحرقة شديدة وأنا اتابع التعليقات على صفحة" روجر ووترز". ضعف المشاركات الفلسطينية، أضطرني أنا وزملائي المتطوعين في" حملة فضح جرائم الإحتلال عبر وسائل الإعلام الاجتماعي"

Campaign of Exposing Israeli Crimes via Social Media

أن نناشد جمهور الصفحة على الفيس بوك وهم في معظهم من الأجانب المؤيدين للقضية الفلسطينية أن يشاركونا في الرد على حملة التحريض الصهيونية ضد" ووترز"، وفعلا هذا ما تحقق بمشاركة عدد من النشطاء.

بناء على ماسبق، لا يكفي أن نلوم المؤسسات الرسمية والإعلامية الوطنية على هذا التقصير، الشباب الفلسطيني الذي يجيد اللغة الإنجليزية ولغات أجنبية أخرى، وبعضهم  يستعرض قدراته في الحديث باللغة الإنجليزية على حساب اللغة العربية، لهم نقول يكفي أن تقضوا دقائق فقط على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي لمشاهيركم وما تحبون وأن تضعوا مشاركات فلسطينية، من قبيل تحميل روابط لاعتداء جنود إسرائييلين على أطفال ونساء فلسطينيات، أو حتى تعليق مكتوب...  لن تتخيلوا حتى تجربوا حجم ردة الفعل على مشاركة واحدة على صفحة أحد المشاهير، أو صفحات إخبارية عالمية أو غير ذلك من الصفحات والتي يصل جمهور بعضها إلى ملايين المعجبين.. حتى لو لم يعلق كثيرون عليها يكفي أن يشاهدوها، وبتكرار المشاهدات تتولد ردات الفعل.

التاريخ لن يرحمنا طالما نملك أن نفعل القليل ونتوانى عن ذلك، نسبة مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعية في فلسطين هي الأعلى في العالم مقارنة بعدد السكان (40%)، ومع ذلك أقولها للأسف بأن حجم حضورنا في الدفاع عن قضايانا الوطنية مخيب للأمال، ولولا جهود النشطاء الأجانب الذين يسترون جانبا من عوراتنا، لكادت الساحة تخلو تماما للنشطاء الإسرائيليين ومؤيديهم. الفرصة لا زالت قائمة، بإمكاننا أن نفضح جرائم الإحتلال عبر شبكات التواصل الإجتماعية كالفيس بوك وتويتر، وخير دليل على ذلك، الجهود الكبيرة التي بذلها نشطاء فلسطينييون وأجانب لفضح جرائم إسرائيل في العدون الاخير على غزة، وفعلا تحققت نجاحات كبيرة، لكن للأسف سرعان ما تراجعت في مقابل الجهود المنظمة والمؤسسة للإسرائيليين. لذلك لا بد من قرار فلسطيني بتشكيل مجموعات عمل ممنهجة ومتخصصة في فضح جرائم الإحتلال عبر شبكات التواصل الإجتماعي، وحتى ذلك الحين لا بد للجهود الفردية بأن تتظافر سويا وأن يقوم كل مقتدر فلسطيني يجيد استخدم لغة أجنبية أو اكثر بفضح جرائم الإحتلال... من لا يعي اللعبة الإعلامية فليترك الآخرين يعملون، ويتجنب انتاج المقولات الكبرى المحبطة في علاقتنا بالآخر اعلاميا ... ما أعمق جهلنا إن كنا قادرين على العمل، و لم نعمل بجد. 

أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت وناشط عبر شبكات التواصل الاجتماعي