لماذا من المهم أن ندرس القانون الدولي في فلسطين؟

بقلم: 

السؤال الاستنكاري لطالبة لي في إحدى محاضرات مساق "القانون الدولي العام" حول مدى فائدة دراسة القانون الدولي لنا في فلسطين بالرغم من انتهاكه بشكل متكرر من قبل إسرائيل، وفي ظل غياب المحاسبة الدولية، لا زال عالقا في تفكيري.هذا سؤال يكرره الآلاف من الناس. هو سؤال قصير لكن إجابته طويله.ومع ذلك سأحاول اختصار الإجابة في النقاط التالية:

1- في فلسطين يوجد أكبر عدد من المنظمات الدولية، خاصة وكالات الأمم المتحدة، في العالم. كل هذه المنظمات تحتاج إلى خبراء في القانون الدولي للعمل فيها. فالمختص بالقانون الدولي سيسهل عليه إيجاد فرصة عمل. يعني: القانون الدولي=مصاري!

2- الشعب الفلسطيني هو أكثر شعب في العالم لديه لاجئين (بعدنا يأتي السوريون). نحتاج لخبراء للعمل على تحسين حياة اللاجئين والمطالبة بحقوقهم (ليس حق العودة فقط). فحتى اللاجئ الذي لم يعد إلى وطنه، له حقوق علينا معرفتها كي نطالب بها سواء في العلاقة مع إسرائيل أو في الأماكن التي لجئوا إليها في أكثر من 150 دولة في العالم. لدينا عدد قليل جدا، قد يعد على أصابع اليد الواحدة، من الخبراء الفلسطينيين في مجال قانون اللاجئين.

3- إسرائيل تدعي أنها لا تخالف القانون الدولي بالاحتلال والاعتقال الإداري والمستوطنات والطرد وهدم البيوت وقتل الأطفال. العالم في معظمه للأسف يصدق إسرائيل. أحد الأسباب هو قلة وجود خبراء لدينا لتعريف العالم بالمخالفات الإسرائيلية ضد فلسطين والفلسطينيين، خاصة خبراء يتقنون القانون الدولي باللغة الإنجليزية.

4- في حالة رغبتنا في التفاوض من أجل المطالبة بحقوقنا مع الجانب الإسرائيلي، فإننا نلجأ للخبراء الأجانب في معظم الأحيان. السبب في ذلك هو قلة أو غياب الخبراء في مجال القانون الدولي لدينا. والحل هو دراسة القانون الدولي.

5- فلسطين انضمت في السنوات الأربع الماضية لأكثر من أربعين اتفاقية دولية جماعية. كل اتفاقية تحتاج لمجموعة من المختصين للعمل على تطبيقها من خلال تعديل التشريعات الفلسطينية وتطبيق الاتفاقيات في المؤسسات الحكومية وفي القضاء (كقضاة ونيابة وباحثين ومستشارين ومحامين وموظفين). هذا يتطلب معرفة بالقانون الدولي.

6- فلسطين انضمت للمحكمة الجنائية الدولية عام 2015 ويمكننا الآن تحريك قضايا أمام تلك المحكمة لأول مرة في التاريخ. السلطة معذورةفي أن تلجأ لخبراء أجانب لتحريك القضايا أمام المحكمة ومعظم الذي يعملون في هذا المجال هم من الأجانب ومن الإسرائيليين ويتقاضى بعضهم ملايين الدولارات من أجل قضية واحدة. فلماذا لا يكون لدينا خبراء في هذا المجال؟ إذن يجب أن نتعلم القانون الدولي.

7- نريد إقامة دولة فلسطينية والدولة تحتاج إلى مطارات وموانئ واستيراد وتصدير وسفارات وقنصليات وعضوية في منظمات وأجهزة عالمية وعقد آلاف الاتفاقيات الثنائية والجماعية. كل هذه الأمور وغيرها تحتاج إلى متخصصين وموظفين وممثلين لفلسطين في مجال القانون الدولي. دراسة القانون الدولي تتيح لنا المساهمة في بناء الدولةبالاعتماد على أنفسنا، لا على خبراء من الخارج.

8- في كل جامعة إسرائيلية يوجد مجلة قانونية دولية تصدر أبحاث علمية تنشر في جميع أنحاء العالم باللغة الإنجليزية. في فلسطين توجد 10 كليات حقوق ولا يوجد لدينا أي مجلة قانونية علمية محكمة لا بالإنجليزي ولا حتى بالعربي (باستثناء "كتاب فلسطين السنوي للقانون الدولي" الذي يكتب 90% من أبحاثه أشخاص غير فلسطينيين لأنه لا يوجد عدد كاف من الفلسطينيين مستعدين أو قادرين على الكتابة في مجال القانون الدولي). السبب هو قلة علمنا بالقانون الدولي والحل هو دراسته.

وكأن الذين يتجاهلون القانون الدولي يقولون، دون قصد، دعوا مصيرنا في يد الخبراء الأجانب كي يقولوا لنا ماذا نعمل أو لا نفعل وفقا للقانون الدولي.في الحقيقة أن العيب ليس في القانون الدولي، وإنما العيب هو الجهل بالقانون الدولي. أولى خطوات احترام وتطبيق القانون الدولي هي فهمه عن طريق الدراسة.