"عام التبوير"..فوائد ومضار على المزارع والمستهلك

عام التبوير

سماح عرار

(خاص) زمن برس، فلسطين: تستمر معاناة المواطنين منذ شهرين بسبب الارتفاع غير المسبوق على أسعار الخضروات، الذي يأتي جراء حلول "عام التبوير" اليهودي إضافة إلى فرض سلطات الاحتلال قيوداً مشددة على دخول المنتجات من قطاع غزة والخارج إلى الضفة الغربية لتلبية حاجات المواطنين من الثمار، فيما رجح خبراء انخفاض أسعار الخضروات قريباً.

ووفقا للتعاليم الدينية عند اليهود فإن "عام التبوير" يحلّ هذا العام في نهاية أيلول حتى أيلول القادم 2015، وفيه يمتنع اليهود عن فلاحة الأرض وقطف الثمار عن الأشجار ويتركونها على الأراض ليتناولها من يرغب، لذلك يعتمدون في الحصول على غذائهم من الخارج حيث يستوردون البضائع من فلسطين ومن الدول الأخرى.
وأوضح، الخبير الزراعي ماهر الجنيدي، أن هناك علاقة قوية بين "عام التبوير" وارتفاع الأسعار حيث يعتمد الإسرائيليون على الاستيراد من المزارعين الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو في داخل الخط الاخضر من أجل تلبية احتياجاتهم من الغذاء.
وأضاف الجنيدي أن عامل ارتفاع الأسعار أثّر به أيضا توقيت الاستيراد مع الانتقال من الموسم الصيفي إلى الشتوي إذ أن إسرائيل استوردت كميات كبيرة لسد العجز لديها من المزارعين الفلسطينيين ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
وأوضح الجنيدي، أن إسرائيل أبرمت اتفاقات مع المزارعين الفلسطينيين وأخرى ضخمة جدا مع المزارعين في الأردن؛ بهدف تزويدها بالخضروات بأقل سعر ممكن، وفي ظل عدم دعم المزارع الفلسطيني في الضفة الغربية فإنه يضطر لعقد تلك الاتفاقات من أجل تحقيق الربح،  بحسب الخبير الزراعي.
وأضاف الى تلك الأسباب، أكد الخبير الزراعي، "أن تعرض منطقة الأغوار- التي تعد سلة فلسطين الغذائية، إلى نكسات عالية جداً أرهقت المزارعين مادياً ومعنوياً وكان عليهم كمية ديون هائلة جدا، ما دفع الكثير منهم إلى ترك زراعة الخضار والاتجاه إلى زراعة النخيل والعنب، ما انعكس على كميات المنتجات الأخرى التى تزرع في الأغوار".
من جهة أخرى، قال المهندس محمد اللحام مدير دائرة الخضراوات في وزارة الزراعة إن المشاكل السياسية التي تعرضت لها فلسطين لهذا العام بنشوب  "حرب غزة" والتي خلقت عجزاً في المنتجات التي تستورد من القطاع لتسد حاجة السوق وهذا العجز خلق مشكلة أدت إلى ارتفاع الأسعار.
وقال مدير دائرة الخضراوات لـِ زمن برس، إن عام التبوير هو عام يزيد العبئ علينا كفلسطينيين، بكيفية تغطية احتياجات السوق لديهم"
وأوضح اللحام كيفية تصدير المنتجات الفلسطينية لإسرائيل والتي إما أن تكون بشكل مباشر ما بين التاجرالإسرائيلي والمزارع  بعيداً عن الاجراءات الرسمية، أو "يقوم إسرائيلي بشراء المنتج الفلسطيني من السوق والذي بدوره يشكل عبئاً علينا".
وفسّر اللحام ارتفاع الأسعار  بسبب قانون العرض والطلب الذي يخضع له السوق حيث كلما زاد الطلب على السلعة تقل كميته وبالتالي يزيد سعره.

وفيما يتعلق بكيفية حماية  المزارع الفلسطيني وأيضاً المستهلك، إذ يعتبر تصدير المزارع للخضراوات إلى إسرائيل في هذا العام " عام التبوير" يعود بأرباح لربما بحاجة إليها المزارع في ظل انتكاسات بتعرض لها كونه يعيش في دولة غير مستقرة سياسيا واقتصادياً، ولكن في المقابل لا يمكن تجاهل أن هذا النفع الذي يحققه المزارع يتحمل نتائجه المستهلك الفلسطيني!.
وفي هذا الإطار قال المهندس محمد اللحام إنه" يجب أن يكون هناك عملية توازن، بإعطاء السعر المعقول الذي لا يهلك المزارع ولا المستهلك، وهذا يتطلب تنازلات من قبل المزارعين".
أما عن الدور الذي تقوم به جمعية حماية المستهلكين، قال رئيس الاتحاد عزمي الشيوخي، إن أغلب الأراضي الفلسطينية الزراعية تعتبر مناطق  c ونتيجة الهجمات الإسرائيلية لمصادرة الأراضي والاعتداء على الأرض والمزروعات والمزارعين، اصبحت الكميات التي تنتج لا تكفي أصلا للسوق المحلي، وفصل القطاع عن الضفة، القطاع الذي يشكل نسبة عالية من الانتاج الفلسطيني الذي نحتاجه في الضفة من الحمضيات والعديد من المنتوجات الزراعية التي كانت تأتينا من قطاع غزة أصبحت لا تصل إلى الضفة، وعدم وصولها أدى إلى انخفاض العرض وزيادة السعر.
وتابع الشيوخي لـِ زمن برس، إن المزارع يحتاج إلى مزيد من الدعم لتثبيته في أرضه ويحتاج إلى برامج عملية وحقيقية للعودة إلى الأرض ونحن بحاجة إلى "انتفاضة بذور" وأشتال"وانتفاضة زراعية"، لتزيد من الانتاج حتى نصل إلى أسعار عادلة ، فالأسعار الموجودة في الأسواق غير عادلة، أصبحت أسعار الفواكه "أسعار جنونية" في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، جيوب فارغة وبطون خاوية وارتفاع البطالة والفقر وتآكل الأجور".
وتابع الشيوخي قائلاً:" هذه الأسعار لا تطاق إذا ما قارنا  دخل الفرد في إسرائيل من 5-10 أضعاف دخل الفرد في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، حتى لو كانت الأسعار متدنية، المستهلك مظلوم وبحاجة إلى دعم وعدالة في الأسعار وأيضاً المزارع بحاجة إلى تثبيته في أرضه ومزيدا من الدعم المادي والمعنوي والإرشاد والتوعية بأهمية البذور والأشتال، في ظل اتساع الهجمة الاستيطانية على الأرض.
وفيما يتعلق ما إذا عام التبوير انعكس ايجاباً على المزارع الفلسطيني قال:" إن عام التبوير في إسرائيل يخلق حالة من زيادة في الطلب على المنتوجات الزراعية بكافة أشكالها من المناطق الفلسطينية، مما يزيد من أسعار المنتجات وهذا يسبب عدم عدالة في الأسعار الموجودة، ولكن ايجابيات عام التبوير لا يستطيع المزارع الفلسطيني الحصول عليها بالكامل؛  لأن العديد من الموردين هم الذين يتحكمون بالأسعار، فالمورد يشتري المنتج من المزارع بأسعار زهيدة ويتحكم بها ويحتكرها ومن ثم يبيعها بأسعار تزيده غناء وترفا على حساب معاناة المزارع".
وأضاف رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك" نحن نرفع صوتنا عالياً لتحقيق العدالة للمزارعين والمستهلكين على حدٍ سواء، لكن لا عدالة في ظل الاحتلال ولا تنمية حقيقية ، بحاجة إلى اقتصاد مقاوم يعتمد على الزراعة والاقتصاد المنزلي، ويجب أن تعمل وزارة الزراعة جاهدة لدعم المزارعين لأن ما تقدمه غير كافٍ، على حد قوله.
وفيما يخص مدى التدخل بمنع المزارعين من تصدير الخضراوات إلى إسرائيل عزا الشيوخي انتشار ظاهرة التهريب لعدم وجود سيطرة فلسطينية على المعابر والحدود، والتي بدورها تخلق مشكلة للسوق الفلسطيني بوجود المنتجات والبضائع الإسرائيلية.

 

حرره: 
م.م