خنزير في يوم الغفران

صورة توضيحية

الأصوليون ليسوا خطرين على وجودنا مثلما يفعل نفتالي بينيت وشركاؤه
بقلم أوري أفنيري

 

قصتنا مع الاصوليين تشبه الارجوحة. مرة هم فوق، ومرة هم تحت. قبل سنتين، عندما توجنا يئير لبيد جميل الوجه، كانوا تحت. أخذنا منهم كل ما استطعنا. والان، عندما أصبح لبيد منكفئاعلى الوجه، بات الأصوليون مرة اخرى فوق. أعطيناهم كل ما أخذنا منهم، مضاف اليه الفائدة المضافة.

بعد 67 سنة ونيف، لعلنا نقرر أخيرا ما الذي نريده منهم؟ فهم يوجدون هنا. هم لم يكونوا هنا قبلنا. إذن ما الذي نريده؟ من الافضل أن نسلم بالواقع: هم هنا، ونحن ايضا هنا. هم لن يختفوا، ونحن ايضا لن نختفي. نمط حياتهم لن يتغير، نمط حياتنا لن يتغير (آمل). ماذا نفعل، هل نرفعهم إلى الطائرات نحو بروكلين؟ نبقيهم هنا ونهاجر إلى برلين؟

اقترح ان نسلم بهذا الواقع ونقنعهم هم ايضا بالتسليم به. يمكن أن نتعاطى معهم كالغيتو اليهودي. الغيتو الذي يحمي جمرته في الدولة الإسرائيلية. دولة هي في نظرهم ليست سوى واحدة من دول الاغيار. هم لن يخدموا في جيشنا. الف لبيد (شعلة – لبيد يعني شعلة) ستشتعل وتخبو ـ وهم لن يخدموا.

وبيننا وبين أنفسنا، حسن الا يخدموا. يكفينا الحاخامون العسكريون وذوو جنون العظمة، ممن يسعون إلى ان يؤدوا في الجيش الدور الذي أداه الكوموساريون الشيوعيون في الجيش الأحمر. هم لن يخدموا، لاهم يعيشون في الغيتو، مغلقون من كل جهة، محميون من كل روح جديدة، محفوظون من كل اتصال بالإسرائيليين الدنسين، وكذا من كل اتصال مع الإسرائيلية الدنسة أضعاف؛ ان الطلب من الاصوليين التجند للجيش هو مثله كمثل مطالبتهم بان يأكلوا لحم الخنزير. وليس في يوم عادي، بل في يوم الغفران. هذا ببساطة لن يحصل.

الطائفة الاصولية لا تسير من نصر إلى نصر، كما يخيل للعلمانيين، بل العكس. فهي تشعر بأنها محوطة ومهاجمة. تقاتل في سبيل مجرد بقائها. شبابها من شأنهم أن يقفزوا خلف السور وهجرها هي ومعتقداتها هي ونمط حياتها. وقد سبق للجموع ان فعلوا ذلك منذ قيام الدولة. على كل تائب، هناك دزينة «مرتدين» بصمت.
بسبب الولادة الهائلة فيها، فان عدد المقاعد للمعسكر الاصولي في الكنيست كان يفترض أن يرتفع بانتظام من انتخابات إلى اخرى. هذا لم يحصل. منذ قيام الدولة، تتراوح القوائم الاصولية الاشكنازية حوالي 6 ـ 7 نواب.

الشاب الذي يتجند للجيش ـ والويل للفكرة الدنسة، الشابة التي تتجند للجيش ـ يضيع من الطائفة. فالاتصال بالاغيار الإسرائيليين يفسدهم إلى الابد. الجيش الإسرائيلي هو عالم غريب، مليء بالمغريات، لانه لا يوجد فيه عودة إلى ما بين الاسوار.

وهو الحكم بالنسبة لمن يخدم الخدمة الوطنية. في نظر الطائفة الاصولية، كل اتصال بالعالم الغريب هذا خطير. خطير ومرغوب. وهو الحكم بالنسبة لـ «الخروج للعمل». العمل بين الاغيار! هو الحكم بالنسبة لـ «تعلم المواضيع الاساسية». ما يتعلمه الاغيار!

اقترح ان ندعهم، بشرط واحد: ان يدعونا. نعمل من أجلهم، نتجند للجيش ونحميهم، ولكن لا نستسلم لهم.

نعطيهم ما يلزم لوجودهم المختلف والمنفصل من خلف الاسوار التي بنوها، شريطة الا يجتاحوا من بين الاسوار كي يفرضوا أمرهم علينا. نعيد لهم مخصصات الاولاد. صحيح، معدل الاولاد لديهم عال، ولكن هل جدير أن نسمح لاولادهم ان يتعفوا بلا شروط معيشة بالحد الادنى؟

الاصوليون ليسوا خطرين على وجودنا، مثلما يفعل نفتالي بينيت وشركاه، ممن يدفعوننا نحو مصيبة وطنية. الاصوليون ليسوا خطرين.

فلعيشوا هم حياتهم ولنعش نحن حياتنا، ويحل الخلاص على إسرائيل.

هآرتس 

حرره: 
س.ع