أوجه الكراهية

مستوطنون

اودي سيغل

الابتسامة الاكثر اثارة للجنون هي نفس الابتسامة. الابتسامة على وجه حفيد الحاخام كهانا؛ ابتسامة الاثنين اللذين احرقا المدرسة ثنائية اللغة، اللذين غنيا معا بعد الحكم عليهما بالسجن سنتين؛ الابتسامة التي ظهرت من كلمات جلعاد كلاينر الذي فرح بموت شيرا بنكي، الفتاة البالغة 16 سنة والتي قتلت في مسيرة الفخار؛ هي نفس الابتسامة التي أثارت جنون دولة كاملة قبل عشرين سنة على وجه يغئال عمير الذي مثل أمام المحكمة بعد اطلاقه ثلاث رصاصات على ظهر رئيس الحكومة اسحق رابين.

الابتسامة مقلقة لأنها ساخرة ومتعالية ومنقطعة عن الواقع. ابتسامة تعكس بدون كلمات المواقف التي لا نصدق أنها توجد بيننا. المواقف التي تقول ان هناك اشخاصا يجب ان يموتوا ولا يجب الاسف على موتهم، وان وصية «لا تقتل» لا تشملهم. بل العكس ـ يستحقون الموت، هذا واجب. انها ابتسامة تسخر من القانون العلماني والقيم العلمانية الفارغة، متعالية فوق الدولة وتعتبرها امرا مؤقتا قياسا بالتوراة. هذه الابتسامة تسخر منا، وتعتبر ان الصراع العلماني على شكل الدولة مجرد زبد صدفي على وجه الماء. ابتسامة تقول ان أي صعوبة او ضغط خارجي يجب مواجهتها حسب الاصول الدينية وان كل شيء هو امتحان الهي للشعب المختار، واننا سنخرج في نهاية المطاف اكثر قوة.
هذه الابتسامة توجد على وجه الدولة. انها لا تسخر منا فقط بل تحرض ضد كل العالم.
حكومات اسرائيل من اليسار واليمين تعمل منذ عقدين على اقناع العالم بحقيقتنا الداخلية ـ ان الاسرائيليين يريدون السلام وان اليد التي مدت لجيراننا بقيت وحيدة. هذه سياسة اسرائيل دائما وابدا، التي تمنحنا اعتمادا دوليا محدودا للعمل ضد الارهاب، هي التي تمنع الامريكيين من الانضمام إلى الطلب العام بالضغط على اسرائيل وعدم بيعها السلاح، هي القبة الحديدية السياسية الدعائية ضد دعوات المقاطعة. هذا ما يمنح اسرائيل الوقت والمساحة للمناورة وايضا يمنحها عدد من الاصدقاء.

في العالم

وعندها ياتي هؤلاء المبتسمون، باروكات شعر مجعدة، قبعات كبيرة وابتسامة تعكس السخرية من امم العالم، غير اليهود، وجميع العجلات الفارغة الغير محملة بالحمل الروحاني والديني الصحيح. يشعرون انهم فوق الجميع. صادقون ومخلصون ومنتصرون. الحقيقة هي انهم مخطئون، خائنون لقيم الدولة وعادة ما يخسرون، لكنهم انتصروا هذا الاسبوع للحظة ونحن خسرنا كثيرا.
الضرر السياسي بعيد المدى هو بقاء صيغة ان اسرائيل والفلسطينيين حالة ميئوس منها، وانه لا توجد فرصة للتفاهم بينهم، وان الاستنتاج هو ضرورة فرض الاتفاق او ممارسة الضغط الخارجي الذي يدفعهم على الانفصال إلى دولتين منفصلتين.
الضرر السياسي هو الافضلية الوحيدة لليمين السياسي في اسرائيل في مواجهة العالم. الموقف اليميني المسيطر لدينا بسيط: العرب يريدون القضاء علينا، حاولنا التوصل معهم إلى حل وسط لكن ذلك لم ينجح. يجب التمسك جيدا والحفاظ على ما عندنا دون تنازل. العالم لا يقبل ذلك. موضوع القضاء لا يؤثر فيهم، وبالذات في المواجهة الاخيرة التي قتل فيها ستة اسرائيليين مقابل 2000 في غزة. ايضا موضوع الحفاظ على ما هو موجود، غير مقبول. جميع دول العالم باستثناء واحدة (هي ايضا تفكر بهذا السؤال منذ اربعة عقود) تؤمن انه لا يوجد مبرر للابقاء على المناطق التي احتلت قبل نحو خمسين عاما، وترفض بالطبع قبول المستوطنات.
هناك ادعاء واحد يسمح للعالم بأن يستمع لمن يتلعثم ايضا ـ الادعاء اليميني الذي يتعامل مع الفلسطينيين كامر واقع، ويعترف بهم كمتساوين ويقول ان الحل الوحيد هو التعايش المشترك. اليسار في اسرائيل يريد الانفصال عن العرب، ونحن نريد احتضانهم.
هنا نفهم ان هذا كذب، قد يشتبهون قليلا في العالم لكنهم مستعدون للاستماع. حتى وان كان هذا الاقرب لحل جنوب افريقيا من وجهة النظر الدولية.
وعندها ياتي المبتسمون، يضحكون في وجه اليمين الايديولوجي، لنفرض ان رئيس الدولة رؤوبين ريفلين وتسيبي حوطوبلي يضحكان باستخفاف من فكرة المساواة او المواطنة للعرب ويؤججون الكراهية ويرفضون فكرة التعايش المشترك. سيمنحون العالم الدليل على ان هذا غير ممكن وان هذه مجرد مسرحية مزيفة وانه يجب الفرض على اسرائيل التخلص من العرب. هذا احد اسباب ان رئيس الحكومة دعا الكابنت وقرر استخدام الاعتقال الاداري ضد اليهود ايضا، وقد صادق المستشار القانوني يوم الثلاثاء الماضي على ثلاثة اوامر كهذه.
هذه الابتسامة الساخرة من السلطة الاسرائيلية ومن وجود الدولة تجد تعبيرها في الوثيقة التي عرضها «الشباك» امام هذا الحفيد للحاخام كهانا، الذي يتحدث عن السلطة الاسرائيلية بمفاهيم يستخدمها الإيرانيون وناطوري كارتا: النظام الصهيوني والصهاينة. تحدث نتنياهو عن الذين يضعضعون السلطة ولا يحترمون شيء: «سمعت عن وجود من يقولون ان هناك قانون الهي فوق قانون الدولة، وانا اريد القول انه لا يوجد قانون فوق قوانين الدولة ومن يخل بهذه القوانين سيدفع الثمن». قال. وهذا مهم وضروري لكن الضرر السياسي قد وقع.
مصادر اجنبية تتحدث في نقاشات مغلقة ان هذا نتيجة الاهمال الاسرائيلي المتعمد. أبو مازن يقول لهم ان نتنياهو يريد الانتفاضة لتجنيد العالم ضد الفلسطينيين ومنع الضغط على اسرائيل. في الامم المتحدة يخرجون جميع التقارير حول عنف المستوطنين. ويدفع الفرنسيون بانشاء جهاز دولي لاعادة الاطراف إلى المفاوضات. واسرائيل التي تقاوم المقاطعة من خلال تقليص في وزارة الخارجية ومنع الميزانيات عن جلعاد اردان، بقيت مع هذه الابتسامة الهازئة.

معاريف