رد نصرالله

حسن نصر الله

بقلم: عاموس هرئيل

انتظروا في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أمس خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. منذ القصف الجوي الذي نسب لإسرائيل والذي قتل فيه سمير قنطار بالقرب من دمشق، نشرت وسائل الإعلام المقربة من حزب الله إعلانات الحداد والتضامن.

نصر الله اكتفى بأقوال عامة مثل، قنطار كان "واحدا منا"، ووعد بالانتقام لموته في الزمان والمكان المناسبين.
زعيم حزب الله لم يقدم أي تفاصيل أخرى ولم يحدد الخطوط التي توجه العمل الذي ينوي القيام به. هل سيكون انتقاما في مستوى إشعال الحرب من جديد مع إسرائيل؟ أغلب الظن لا. يبدو أن هناك إشارة إلى ذلك في وصية سمير قنطار التي نشرها التنظيم حيث طلب فيها الانتقام لدمه بحكمة من دون الانجرار إلى حرب لا يستطيع حزب الله السيطرة عليها. لكن يجب التعامل مع أقوال نصر الله بجدية: في أغلبية المرات التي هدد فيها إسرائيل، كان هناك رد من قبل تنظيمه حتى ولو كان الأمر بقوة محدودة.
هذه هي المرة الثانية التي يسود فيها التوتر في هذه السنة على الحدود الشمالية على خلفية تصفيات منسوبة لإسرائيل. في المرة السابقة حدث هذا عندما قتل جهاد مغنية وجنرال إيراني وخمسة مقاتلين في قصف الجولان السوري في كانون الثاني. وامتنع نصر الله في حينه عن الظهور العلني الفوري، لكن تنظيمه هدد بأنه سيصفي الحساب مع إسرائيل. وقد نفذ تهديده بعد عشرة ايام في كمين صواريخ ضد المدرعات في هار دوف حيث قتل ضابط وجندي من كتيبة جفعاتي.
سمير قنطار ليس جهاد مغنية، رغم كل المديح الذي يكيله حزب الله في هذه الأثناء. ويبدو أن قنطار لم يعمل في السنة الاخيرة تحت مظلة حزب الله. فحسب مصادر مختلفة، التنظيم الشيعي كان يفضل تقليص علاقته مع المخرب الدرزي منذ عام بعد فشل الخلية التي ترأسها في الجولان. منذ ذلك الوقت عمل قنطار بشكل مباشر تحت إمرة حرس الثورة الايراني في سورية ولبنان من خلال ضابط ايراني برتبة كولونيل. وقالوا في اسرائيل مؤخرا إنه على خلفية الخلية التي ترأسها فقد شكل قنطار "قنبلة موقوتة". وإذا كان قتل على أيدي إسرائيل فيبدو أن هذه هي الخلفية لقتله.
في المقابل، حزب الله لا يتملص من صلته مع قنطار. اطلاق سراحه من السجن الاسرائيلي بعد 29 سنة في صفقة لتبادل جثث جنود من الجيش الاسرائيلي في أعقاب حرب لبنان الثانية، كان انجازا كبيرا للتنظيم وقد احتفل به في بيروت. تجربة الماضي تشير الى أن حزب الله يتعامل بجدية كبيرة مع مسائل الاحترام والصورة في ميزان الردع الاسرائيلي. لذلك يصعب القول إن حزب الله سيمتنع تماما عن الرد العسكري. حتى لو بدا نصر الله مثل اسحق شمير لبنانيا في تصريحاته حول "الزمان والمكان".
بعد مقتل قنطار ببضع ساعات تم اطلاق ثلاثة صواريخ كاتيوشا على الجليل الغربي من الجبهة الشعبية/القيادة العامة، وهو تنظيم مقرب من سورية وأسسه احمد جبريل. ويصعب القول إن هذا هو الانتقام الذي يدور الحديث عنه. لقد نفذ قنطار عمليته الاولى حيث قتل أبناء عائلة هران وشرطيا في نهاريا سنة 1979 من قبل جبهة التحرير الفلسطينية التي انشقت عن تنظيم احمد جبريل. يبدو أن اطلاق صواريخ الكاتيوشا كان من اجل التضامن مع المخرب القديم، ومن غير الواضح اذا تم التنسيق أصلا مع حزب الله.
إن الرد في لبنان وسورية يرتبط كما يبدو، أولا وقبل كل شيء، بايران، سواء نفذ الانتقام حزب الله أو بقايا تنظيم قنطار في شمال هضبة الجولان، فان القرار النهائي على الاغلب سيتم اتخاذه في ايران. اولا لأن سمير قنطار كان تابعا لإيران في الاشهر الاخيرة. ثانيا لأنه توجد للايرانيين مصالح معقدة في المنطقة منها العلاقة مع القوى العظمى على خلفية الاتفاق النووي، الجهود لابقاء نظام الاسد في سورية، الاتصالات لانتخاب رئيس جديد في لبنان. كل ذلك له أهمية أكبر من موضوع قتل سمير قنطار. في هذا السياق الانطباع في اسرائيل هو أنه لم يكن أحد من حرس الثورة في المبنى، والمصابون هم القنطار ونائبه والمتحدث بلسانه شعلان وحارسه الشخصي.
في جميع الحالات فان الجاهزية الاسرائيلية تستند الى فرضية خطيرة تقول إن الرد يمكن أن يكون أخطر مما هو متوقع. ففي جولة صغيرة على طول الحدود اللبنانية أمس برز التواجد الضئيل لقوات الجيش الاسرائيلي هناك، الامر الذي لا يشير الى جاهزية الوحدات. يمكن أن يكون العدد القليل للمدرعات العسكرية قرب الحدود يهدف الى منع حزب الله من الوصول الى أهداف. في الماضي تصرف الجيش الاسرائيلي خلافا لذلك الامر الذي كلفه الخسائر.
في العام 2014 قتل برصاص القناصة اثنان من فنيي الاتصال تم إرسالهما لاصلاح أحد الانتينات على سطح موقع نوريت العسكري على الحدود، رغم التوتر الذي ساد في أعقاب قتل أحد قادة الجهاد الاسلامي الفلسطيني في لبنان والذي نسب إلى إسرائيل. وبعد الكمين في بداية العام تساءل الجيش اذا كان من الضروري اجراء جولة لضباط جفعاتي خصوصا في ظل التوتر الذي كان سائدا.

حرره: 
م.م