مانديلا فلسطين

البرغثي

يوسي ملمان

طلبت فدوى، الزوجة النشطة لمروان البرغوثي، المتواجد في السجن في اسرائيل، ان تزور غزة مؤخرا. ومع أنها لم تقل هذا صراحة، إلا ان هدف طلبها كان فحص المزاج في القطاع قبيل منافسة زوجها على منصب رئيس فلسطين بعد انهاء حكم ابو مازن. فرفض الجيش الاسرائيلي طلبها. اسرائيل لا تريد أن تساعد البرغوثي في حملته الانتخابية.
البرغوثي حتى اليوم الوحيد من بين كبار رجالات فتح و«م.ت.ف» بمن كانت لهم الجسارة للاعلان رسميا عن نيته التنافس على المنصب. لقد كان البرغوثي من مؤيدي اتفاق أوسلو، والزعيم الكاريزماتي للتنظيم وكتائب شهداء الاقصى في الانتفاضة الثانية. في 2001 اعتقل، وفي 2004 حكمت المحكمة المركزية في تل أبيب عليه (مجرد عقد محاكمته في محكمة مدنية وليس عسكرية في الضفة كانت خطوة شاذة ونادرة) بالسجن لخمس مؤبدات متراكمة على قتل خمسة اسرائيليين. ورغم وجوده في السجن، وربما بسبب ذلك لا يزال يعتبر أحد الزعماء الهامين والمحبوبين في الحركة الوطنية الفلسطينية.
قبل نحو سنة لم يكن يجري أي حديث في السلطة عن خليفة ابو مازن. والصحافيون الذين تجرأوا على التلميح بذلك وجدوا أنفسهم مستدعين للتحقيق في واحد من أجهزة أمن السلطة الخمسة. ولكن في نيسان 2015 كان ابو مازن ذاته هو الذي طرح الموضوع علنا حين أعلن عن نيته الاعتزال. ومنذئذ أصبح البحث في الموضوع يتجاوز الهمس ليكون حديثا يشغل بال القيادة والجمهور الفلسطيني. فابو مازن (82 عاما). وهو يدخن بانتظام، حتى ثلاث علب يوميا. صحته هزيلة. صحيح أنه كف عن الحديث عن الاعتزال الطوعي، ولكن هذا يمكن أن يحصل ايضا لهذا السبب أو ذاك في كل لحظة.
ثمة بضعة مرشحين للحلول محله. بعضهم مرشحون من تلقاء ذاتهم وآخرون بصفتهم قادة معسكرات وكتل. ومنهم من كتلة ابو مازن (رئيس المخابرات ماجد فرج)، جبريل الرجوب، محمد دحلان (الذي يسكن خارج المناطق) وغيرهم. اما ترشيح البرغوثي فينال الزخم. صائب عريقات، المسؤول في السلطة عن المفاوضات مع اسرائيل (في واقع الحال عن عدم المفاوضات) اعلن بانه سيدعم البرغوثي، وهكذا ايضا دحلان.
فدوى البرغوثي وآخرون يتحدثون اليوم عن زوجها بتعابير «نلسون مانديلا فلسطين». إذا ما وعندما يعتزل ابو مازن أو يذهب إلى عالمه والبرغوثي يعين أو ينتخب ـ في فلسطين لم تجر انتخابات منذ 2005 ـ فسيكون رئيسا يقيم في السجن. بالضبط مثل مانديلا، الزعيم بلا جدال للمؤتمر الوطني الأفريقي في عهد حكم الابرتهايد الأبيض في جنوب افريقيا، والذي ذوى في سجنه 27 عاما.
سيناريو يكون فيه البرغوثي خليفة ابو مازن ليس خياليا وهو يقض مضاجع قادة جهاز الامن. واضح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكذا لوزير الدفاع موشيه يعلون، بانه سيكون من الصعب مواجهة مثل هذا الوضع من ناحية سياسية وإعلامية. فالضغط الدولي للافراج عنه سيكون عظيما، ونتنياهو ويعلون سيجدان نفسيهما عالقين. حيال الضغط الدولي ستمارس عليهما عوامل جسيمة لا تقل، بل وربما اكثر تهديدا، من جانب اليمين الاسرائيلي، بعدم الافراج عن زعيم لوثت يداه بالدماء.
تلقينا هذا الاسبوع تذكيرا بالمصاعب المرتقبة لنتنياهو ويعلون من جانب وزرائهما إذا ما حاولا الخروج ولو ميلمتر واحد عن المقاييس اليمينية. فقد نشرت «هآرتس» بان قائد المنطقة الوسطى روني نوما واللواء يوآف فولي مردخاي منسق أعمال الحكومة في المناطق، أدارا بعلم رئيس الاركان جادي آيزنكوت وباقرار نتنياهو ويعلون محادثات مع قادة في أجهزة الامن الفلسطينية، عن امكانية اعادة الوضع في المناطق إلى ما كان عليه قبل 2002. أي ان تعاد أريحا ورام ا لله إلى سيطرة فلسطينية شبه تامة، سياسيا وامنيا.
اللقاءات بين القيادات العسكرية العليا وبين القادة الفلسطينيين، هي أمر اعتيادي. فرغم التوتر، تواصل أجهزة الامن التنسيق مع المخابرات والجيش الاسرائيليين وتساعد على منع تعاظم العمليات. فقد أحبطت هذه الاجهزة حتى الان عشرات محاولات الافراد ومبادرات حماس للخروج وتنفيذ العمليات. ففي السنة الاخيرة عقد 80 لقاء على مستوى قادة الالوية (عقداء)، ونحو 60 لقاء للتنسيق الامني التفصيلي. بعض من الاحباطات كانت في أعقاب معلومات نقلت من المخابرات الاسرائيلية، وبعضها كان بمبادرة أجهزة الامن. هكذا مثلا، تم اعتقال فلسطينيين، نشروا على الـ«فيسبوك» او «التويتر» نواياهم للعمليات ضد اسرائيل.
ولكن مجرد النشر عن المباحثات للعودة إلى الوضع ما قبل حملة السوق الواقي في 2002، اثار حفيظة من عينوا أنفسهم حماة الحمى من اليمين. فقد سارع الوزيران الكين وبينيت للرد بان مثل هذه الاتصالات كانت من خلف ظهر الحكومة المصغرة وانهما لن يسمحا في واقع الأمر بأي خطوة سياسية.
مستوطنات على بؤرة الاستهداف
انعدام اليمين بالنسبة لمستقبل القيادة الفلسطينية يتطور على خلفية الإرهاب اليومي. فالعنف أدى في نصف السنة الاخيرة إلى مقتل 34 اسرائيليا و 188 فلسطينيا (139 مخرب و 24 آخر قتلوا في اعمال الاخلال بالنظام في الضفة و25 على حدود القطاع) في 208 عمليات (147 في الضفة و61 في اسرائيل).
بين الضفة وغزة يوجد جدال على الاسم الرسمي لما يحصل على الارض. في حماس يتحدثون عن انتفاضة ثالثة، وهو اسم يعبر عن امنية: حماس تسعى إلى السيطرة على موجة الإرهاب وحرفها نحو مواجهة مسلحة. بالمقابل، في الضفة وفي السلطة يصفون الاحداث بانها «هبة». في كل الاحوال، في اسرائيل وفي فلسطين ايضا يتفقون على أن في هذه المرحلة لا يزال الحديث ـ والتشديد على لا يزال ـ عن ثوران شعبي، حتى وان سجل ارتفاع طفيف في استخدام السلاح الناري. ثمة أيضا اعتراف في اوساط الخبراء في اسرائيل بان السلطة لا تحرض حقا على العنف، وان كانت ليست راضية عنه.
ظاهرا، النقاش على تعريف العنف هو نقاش في الدلالة. ولكنه يشهد في واقع الامر على الارادات المتضاربة للاعبين المشاركين. فحماس تسعى لتنظيم كفاح مسلح في الضفة دون أن ينتقل إلى غزة، بينما السلطة تريد أن تنهي الاحتلال عبر كفاح شعبي، دون أن تنحل أو تحل بخطوة عسكرية من جانب اسرائيل. حركة فتح هي الاخرى، الاساسية في م.ت.ف، تؤيد الكفاح الشعبي في ظل الرغبة في الحفاظ على استقرار السلطة.
الجمهور الفلسطيني في الضفة، وبقدر ما يمكن تقدير مزاجه معني بانهاء حكم الاحتلال الاسرائيلي دون أن يتفتت نسيج حياته.
فالى جانب الكفاح الشعبي تواصل السلطة خطواتها السياسية التي تستهدف تحدي حكومة اسرائيل وعرضها عن حق كمن هي غير معنية بمفاوضات جدية وكل غايتها كسب الوقت.
تبذل السلطة جهودها لتدويل النزاع. وهي تركز على خطوات مركزية ولكن لا توقعات لها بان تنجح. احدى هذه الخطوات هي ملفات الدعاوى في جرائم الحرب لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي. خطوة اخرى هي انعقاد مؤتمر سلام دولي في الصيف، حسب المبادرة الفرنسية. خطوة اخرى هي قرارات في مجلس الامن تدعو إلى اقامة دولة فلسطينية. كل هذه الخطوات تثير القلق في إسرائيل، ولكن الامر الذي تخشاه حكومة نتنياهو على نحو خاص هو فكرة جديدة ولامعة وضعها عريقات.
يعتبر عريقات لدى جهاز الامن كمن يقود الخط الاكثر استفزازا لاسرائيل، كمن يبادر إلى قرارات متطرفة. فهو ينظم الان طلبا من السلطة لمجلس الامن لاتخاذ قرار ليس ضد الاحتلال وليس مع اقامة دولة فلسطينية بل ضد المستوطنات. ولما كان اجماع دولي جارف ومئات القرارات السابقة في كل محفل محتمل بان المستوطنات ليست شرعية وتتعارض مع القانون الدولي، فان احتمال ان يتبنى مجلس الامن مثل هذا القرار هو احتمال كبير.
اذا ما رفع مشروع القرار بالفعل، فان حكومة نتنياهو تخشى جدا ان تمتنع الولايات المتحدة عن التصويت والاسوأ ربما ان تنضم اليه. في كل الاحوال، هناك احتمال معقول ألا تستخدم الولايات المتحدة الفيتو أن تهدد باستخدامه مثلما فعلت في الماضي. وقرار من مجلس الامن ليس لعبة اطفال.
أزمة حماس
التنسيق الامني والتعاون بين اجهزة الامن الفلسطينية والجيش الاسرائيلي، والمخابرات الاسرائيلية ومكتب منسق الاعمال، هو أحد الأدوات الاهم في صندوق الحكومة والتي تسمح لها «بادارة» النزاع. الأدوات الأخرى هي اقتصادية اساسا. وفي جهاز الأمن يصنفونها بمفاهيم «عوامل لاجمة للإرهاب».
يسكن في الضفة نحو 2.7 مليون فلسطيني و 300 الف آخرون يعيشون في شرقي القدس. نحو 160 الف فلسطيني يعملون في السلطة في وظائف إدارية، الوظيفة الحكومية، التعليم، الصحة وغيرها. نحو 30 ألفا يخدمون في أجهزة الامن، نحو 60 الف فلسطيني يعملون بتصاريح في اسرائيل. ويوصي جهاز الامن بزيادة عددهم. ومثل هذا العدد، وهذا تقدير فقط، هم متسللون أو يعملون في المستوطنات بلا حاجة إلى تصاريح بل مجرد اذن دخول من مسؤولي الامن في المستوطنات.
ان ارتباط اقتصاد الضفة باسرائيل مطلق. كل توريد الكهرباء والمياه مصدره اسرائيل. كل شهر تنقل اسرائيل إلى السلطة استرجاعات ضريبية تجبى من الفلسطينيين نحو 655 مليون شيكل، تشكل نحو 50 في المئة من الميزانية الاجمالية للسلطة (440 مليون شيكل آخر مصدرها جباية محلية للضرائب، ونحو 240 مليون شيكل تبرعات دولية). الناتج المحلي الخام للفرد في السنة هو نحو 2.400 دولار مقابل نحو 40 الف دولار للفرد في اسرائيل.
بالتأكيد، بالمقارنة مع غزة وضع الضفة ممتاز. الازمة في القطاع لا تطاق. في العقد الاخير، منذ فك الارتباط، ارتفع عدد سكانه بـ 600 الف ليصل إلى 1.8 مليون نسمة. مساحة القطاع 365 كيلو متر مربع والاكتظاظ السكاني، 4.822 للكيلو متر المربع هو بين الاعلى في العالم. وحسب تقرير الأمم المتحدة، فان عدد السكان في السنوات الاربع المقبلة سيصبح 2.3 مليون.
نحو 500 غزي غرقوا في السنوات الاخيرة لدى محاولتهم الابحار في قوارب صيد صغيرة والوصول إلى شواطيء الامان في البحر المتوسط. على خلفية الازمة والاكتئاب، يوجد ارتفاع في عدد المنتحرين أو احداث القتل داخل العائلة. معدل البطالة بين الشباب يصل إلى 60 في المئة. نحو 90 في المئة من المياه في غزة غير صالحة للشرب. ونهل زائد للمياه الجوفية، تلويثها وتسلل مياه البحر إلى الخزان الجوفي يتسبب بملوحة المياه في غزة لدرجة أن الزوار الاجانب يفرشون اسنانهم بمياه معدنية. توفر اسرائيل نصف كهرباء غزة، ولكن هذا لا يكفي. يوجد نقص 50 في المئة في الكهرباء، والقطاع يعاني من توقف للكهرباء لساعات طويلة.
المسؤولية عن معاناة سكان غزة ملقاة أولا وقبل كل شيء على حماس، التي بدلا من أن تستثمر في البنى التحتية ومن التخفيف في الازمة تواصل التسلح، انتاج الصواريخ وحفر الانفاق. احد الاسباب لذلك هو أنه تعززت في السنة الاخيرة مكانة الذراع العسكري الذي تقوده قيادة ثلاثية تضم يحيى السنوار (مثابة وزير دفاع)، مروان عيسى ومحمد ضيف (رئيس الاركان) على حساب القيادة السياسية في غزة برئاسة اسماعيل هنية وفي الخارج برئاسة خالد مشعل.
من يمنع حماس من بناء منشأة لتحلية المياه؟ لقد سبق لاسرائيل أن أعلنت بانها توافق على توريد الغاز إلى القطاع. كما تحاول اسرائيل السماح للطلاب من غزة بالخروج إلى التعليم إلى أي دولة توافق على استيعابهم. حتى الان خرج عبر الضفة إلى الاردن نحو 250 طالبا. وقد تعمقت الضائقة في غزة في اعقاب الجرف الصامد في صيف 2014. نحو 130 الف بيت هدم او تضرر. والاسرة الدولية وعدت بتبرع نحو 5 مليارات دولار للاعمار، ولكن لم يصل حتى الان سوى مليار ونصف فقط. اكثر من النصف جاء من قطر والباقي من السعودية، دول الخليج، الاتحاد الاوروبي وغيره.
يمر المال عبر السلطة. ومن اجل الرقابة لكي لا تسيطر حماس على توريد العتاد والمواد، بادر مكتب منسق الاعمال لمنظومة محوسبة وموجهة لنقل الاسمنت، الحديد ومواد البناء الاخرى. وهذه الخدمة، ويا لها من رمزية، توجد في اوسلو. واقرت السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة البرنامج المحوسب، والامر يجسد كم هي اسرائيل في واقع الامر تسيطر على ما يجري في القطاع.
منحت اسرائيل تراخيص لعدد من الموردين في غزة ممن هم مخولون بتلقي وتخزين مواد البناء للاعمار. احتياطاتهم توجد تحت رقابة الكترونية دائمة من اسرائيل. كل من يشتري منهم المواد يسجل ايضا في الحاسوب. فهكذا يوجد لاسرائيل توثيق لكل كيس اسمنت أو كيلو غرام حصمة او حديد يدخل إلى غزة وعلى الاستخدام الذي يتم له. نحو 100 مراقب، 20 منهم اجانب والباقي غزيون، يزورون مواقع البناء ويفحصون إذا كانت المواد تستخدم لغايتها حقا. المراقبون هم اكثر الناس المكروهين في غزة. كل مبنى يقام او يبنى من جديد يصور وينقل إلى مخزون المعلومات. اسرائيل لا تصادق لرجال حماس المعروفين بتلقي مواد البناء، وقد رفضت طلبات لاعمار مبان على مقربة من الحدود خشية أن تشكل تمويها لبناء الانفاق. أما المورد الذي يحاول الغش فتسحب رخصته.
المخزون المحوسب هو ذخر استخباري ومعلوماتي هام للغاية. وحماس تعرف ذلك ولكن يديها مكبلة. وخلافا لهستيريا السياسيين المحبين للنشر، فانه بسبب نظام الرقابة يصعب على حماس وضع يدها على الاسمنت لبناء الانفاق. فهي تشتري بتقنين الاسمنت في السوق السوداء او تهربها بكميات صغيرة من سيناء. والنتيجة هي ان الانفاق التي تحفر وتعزز بالاشجار وتتسرب اليها المياه الجوفية ليست مستقرة بما يكفي وفي الاشهر الاخيرة انهارت 10 منها وقتل 14 من الحافرين ورجال حماس.
تعيش حماس ضائقة استراتيجية. ليس لها حلفاء في العالم العربي (لا السعودية، لا قطر ولا حتى إيران). وهي توجد بين الذراعين الشديدين لاسرائيل ومصر، التي تهدم انفاق التهريب. حماس مردوعة. وهي لا تريد المواجهة في هذا الوقت. منذ الجرف الصامد لم يطلق رجالها ولا رصاصة واحدة نحو اسرائيل.
الفلسطيني الجديد
هذا الشهر عقدت امسية مشوقة لاحياء 75 سنة على ميلاد الشاعر الفلسطيني الرائع محمود درويش. والقى الشاعر حاييم غوري ابن الـ 93 كلمة في الحدث. روى بانه التقى بعد توقيع اتفاق السلام مع مصر مع كتاب ومفكرين، قالوا له ان مخابراتكم فشلت في فهم مصر إذ لم يحصل ما انشده الشعراء وكتبه الكتاب.
في مكتب تنسيق الاعمال يفهمون هذا. المعلومات الاستخبارية هامة، ولكن هاما بقدر لا يقل وربما أكثر فهم «روح الزمن». اناسهم يقرأون ما يكتب في الشبكات الاجتماعية ويلتقون مع علماء الاجتماع، المستطلعين والصحافيين. والصورة التي تنشأ عن هذه المحادثات هي أنه في الضفة وفي غزة ايضا يوجد «فلسطيني جديد» ـ شاب، مثقف، ولكن ايضا عاطل عن العمل ومحبط من انعدام المستقبل والافق الشخصي والوطني. هو ابن لجيل يخاف اقل من اسرائيل مما كان أبواه. نظرته موجهة غربا نحو الديمقراطية، المجتمع والثقافة في اسرائيل كنموذج للاقتداء. وليس شرقا أو جنوبا نحو القاهرة أو دمشق. الشاب الجديد يريد التغيير. وهو ايضا يريد انهاء الاحتلال.
لسنوات، يتحدثون في اسرائيل عن منظمات الإرهاب ـ في الماضي م.ت.ف واليوم حزب الله او حماس ـ بتعابير «ذراع عسكري» متطرف و«قيادة سياسية» معتدلة نسبيا. اليوم هذا ينطبق بقدر لا يقل على اسرائيل، وان كان بتبادل للادوار. في الجيش وفي المخابرات الاسرائيلية يفهمون بانه لا تكفي كل الجزرات الاقتصادية التي تحاول اسرائيل اغداقها على الفلسطينيين. فبدون خطوة سياسية وحلول وسط، فان مصير تكتيك «ادارة النزاع» من مدرسة نتنياهو ويعلون الفشل.
آذان القيادة السياسية صماء. وهي تواصل كونها أسيرة الفكر الايديولوجي والايمان بان الفلسطينيين سيسلمون بالاحتلال. حكومة اسرائيل ترفض أن تفهم بانها ببساطة معجزة ان تكون موجة الإرهاب الحالية محتملة حتى اليوم. ولكن هذا لن يدوم.
معاريف 
 

حرره: 
م.م