داعمو إسرائيل في أميركا مرتعبون

بقلم: 

 

يبدو أن اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة أصبح مصاباً بالذعر. ففي الأسبوع الماضي، ألغى متحف نيويورك للتراث اليهودي حديثاً لكبير محرري صحيفة "نيو ريبابليك"، جون جوديس، حول كتابه الجديد بعنوان "التكوين: ترومان، واليهود الأميركيون، وأصول الصراع العربي الإسرائيلي". معتبراً أنه مثير للجدل كثيراً. وقد تسبب الكتاب الذي صدر مع دعاية كبيرة من أريك التارمان من مجلة "ذا نيشن" في إغضاب اليمين من خلال إلقائه نظرة جادة على التاريخ الاستعماري للصهيونية، والأسوأ من ذلك افتراض أن مكامن القلق الفلسطينية هي بنفس أهمية مكامن القلق الإسرائيلية. ويقول جوديس إنه استقى من تقاليد "الإصلاح اليهودي" فكرة أنه يجب على اليهودي الأميركي أن يكون مهتماً بحقوق العربي الفلسطيني بقدر ما يهتم بحقوق اليهودي الإسرائيلي. وذلك ليس رأياً يمكن أن تجده اليوم لدى العديد مما تدعى المنظمات الموالية لإسرائيل، أو لدى الكنائس الإنجيلية التي تدعو إلى غزو يهودي ليهودا والسامرة (الاسم العبري للضفة الغربية المحتلة) لكنها وجهة نظري، وهي التي تشكل الخط المرشد لهذا التأريخ. ومن الثابت أن هذه الشمولية العالمية الأخلاقية الأساسية تنطوي على الكثير من إلهاب المشاعر بالنسبة للمجموعة اليهودية.

ثم جاءت الأخبار بعد ذلك بأن مؤسسة مختلفة، المتحف اليهودي في نيويورك، قد ألغى حديثا عن "كافكا" لمؤيدة حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل، جوديت بتلر، التي انسحبت وسط الضجيج المؤيد لإسرائيل. وقال بيان صادر عن المتحف أن "المناقشات حول سياساتها حولت الانتباه، مما جعل من المستحيل تقديم الحديث عن كافكا كما أريد له".

في الاثناء، ثمة "تحدي جيه ستريت: الهالة المغوية للسلام في زماننا"، وهو فيلم وثائقي يميني جديد، والذي يصف -إذا كانت المراجعات على الموقع العنكبوتي والمراجعات المبكرة دقيقة، يصف مجموعة جيه ستريت المؤيدة لإسرائيل والمؤيدة للسلام بأنها تتكون من أعضاء مجانين معادين للسامية. وقال منتج الفيلم، آفي غولدوازر، للصحافة اليهودية أن الفيلم قد صنع "استجابة لما شعرنا أنه بحث أحادي الجانب، يهيمن عليه الناطقون بلسان جيه ستريت، عن العلاقة بين المجموعة الأميركية اليهودية وإسرائيل".

يحق لمؤيدي اليمين الإسرائيلي أن يقلقوا. فالأميركيون اليهود ليبراليون في سوادهم الأعظم، كما أنه يصبح من الصعب على نحو متزايد إجراء مصالحة بين الليبرالية والصهيونية المتزمته فعلاً. وفي الأثناء، لا يجري النقاش الفاصل، وخاصة في صفوف اليهود الشباب، بين اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة "آيباك" وبين جيه ستريت، وإنما يجري بين جيه ستريت حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل، ويبدو أن "آيباك" وحلفاءها لا يستطيعون تقرير من هو الجانب الذي يكرهونه أكثر ما يكون. وتشكل حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل تهديداً وجودياً، والذي يجعل القادة الإسرائيليين مرتعبين. لكن وفي نفس الوقت، فإن هذه المجموعات الأشد تأييداً لإسرائيل هي التي تكون الأعلى صوتاً عندما يشعر اليهود أنهم تحت حصار. ومن الجدير بالذكر أن جيه ستريت تلتزم بسلامة وتعمير الدولة اليهودية، لكن اليمين يجد أن مطلبها بقيام دولة فلسطينية إلى جانبها هو أمر لا يمكن تحمله، كما أن المجموعة تهدد هيمنة صقور إسرائيل في الحياة الأميركية اليهودية. ويعد ذلك صحيحاً بشكل خاص في وقت عانت فيه "آيباك" وحلفاؤها من هزيمة دبلوماسية أثناء الدفع الفاشل من أجل فرض عقوبات جديدة على إيران.

من جهته، بعث رئيس منظمة جيه ستريت، جيريمي بن عامي، برسالة إلكترونية من القدس قال فيها: "أعتقد أن هناك تحولاً رئيسياً يجري في المجموعة الأميركية اليهودية وفي سياستها". وأضاف: "إنه تحول جيلي وسيستغرق وقتاً، لكنه بالتأكيد يشكل تحدياً لكل تلك المنظمات والأشخاص الذين خبروا فقط علاقة ’إسرائيل مصيبة أو مخطئة‘ بين المجموعة الأميركية اليهودية وبين إسرائيل". ونتيجة لذلك، يضرب أولئك الأشخاص والمنظمات في كل مكان.

بل ان منظمة "آيباك" تحاول استئجار "مدير اتصال مع الجماهير القومية اليسارية" على أمل شق طرق داخلية تفضي إلى اليسار. لكنها لن تفعل. ذلك أن فك الارتباط الليبرالي المتنامي ليس مشكلة علاقات عامة، ولا يمكن حله عبر تكميم الأفواه المنتقدة ومضاعفة الرهان على التزمت. سوف يتخلى الأميركيون اليهود عن إسرائيل ما لم تتخل إسرائيل عن الاحتلال، ولن تغير هذا الوضع أي كمية من الرقابة والدعاية.

المصدر: 
(ذا نيشن)