ابعاد الانقسام في الواقع الفلسطيني

بقلم: 

على الرغم مما يعانيه شعبنا وما تمر به قضيتنا الوطنية في ضوء استمرار الاحتلال وما يراغفه من سياسات عنصرية واحتلالية،يبقى سيف الانقسام الفلسطيني سيد الموقف ويفرض نفسه على نحو يفوق خطورة الاحتلال ذاته،حيث يشكل عامل اخر اضافة الى جملة من العوامل التي تسهم في استمرار الاحتلال وتواصل سياساته وتقديم الخدمات المجانية له.

;بلا شك لا يمكن تجاهل حجم الفائدة التي يجنيها الاحتلال جراء استمرار الانقسام الذي طرا على المشهد السياسي الفلسطيني والذي شكل احلك واخطر فصل من فصول قضيتنا ومن مراحل صراعنا وصمودنا تحت نير هذا الاحتلال. اذ ان هذا الصراع الثانوي الذي نشا على الساحة الفلسطينية خلق حالة تناقض سياسية وفكرية على حساب البعد الوطني بل واكثر من ذلك، خلق صراع مشاريع متعارضة تقوم على الايديولوجيا الاسلامية من جانب والعلمانية الوطنية من جانب اخر،اي بكلمة اخرى؛ أنشأ معادلة تسمى الثنائية(نحن و هم) بما يعنيه ذلك من غياب وحدة الموقف والهدف والاستراتيجية والتكتيك سواء كان سياسيا او عسكريا او حتى اداريا في الحياة السياسية والفصائلية من جانب وفي الحالة الصراعية مع الاحتلال من جانب اخر.

يعلمنا التاريخ وهو ما يجدر الاستناد اليه في محاكمة واقعنا، ان الانقسام وسيادة فرق تسد هي من أخطر واذكى ما تفتق عن عقلية المستعمر والمحتل في كافة الاحتلال التي شهدتها مختلف شعوب العالم، حيث أن هذه السياسة تعرقل أهداف ومشاريع التحرر والتنمية وتسهم بشكل أو بآخر في منح المحتل هامش للمناورة والتأخير والتدخل في مسارات الشأن الداخلي واللعب على وتر هذا التناقض وهو ما ينطبق على معادلة الضفة وغزة.

ولنا ان نتساءل في هذا السياق،هل من المنطقي توقع جلاء الاحتلال وتحقيق اللنتصارات السياسية او النضالية في مواجهاتنا حياله وسيف الانقسام يفرض نفسه بقوة على المشهد الحياتي والحزبي وعلى النسيج الفلسطيني ؟

بكل تأكيد ان الحديث عن مثل هذه السيناريوهات في ظل حالة الانقسام يعكس حالة انفصالنا عن الواقع وتخبطنا وتيه حالتنا الفلسطينية التي أدخلتنا في دهاليزها وظلماتها الحسابات الحزبية .

لعل من الجدير بحركة فتح كما من الجدير لحركة حماس ،ان تدركا أن غياب عامل الوحدة وافتقار مواجهتنا مع المحتل استراتيجية موحدة تعكس الوحدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يشكل معول هدم وتدمير للمنجز الوطني والمكتسب السياسي ويذهب بتضحيات شعبنا الى مهب الريح وبالتالي تبقى اسرائيل الرابح الاكبر والمستفيد الوحيد من استمرار هذه المعادلة لا سيما في ظل ما تشهده المنطقة من انهيارات سياسية وصراعات داخلية قلبت الاولويات وخلطت الاوراق في المنطقة.

;شخصيا ؛ انا على يقين بان حركتا فتح وحماس تدركان ما تناولته اعلاه بيد ان الحسابات التي فرضها واقع الانقسام تفرض نفسها على عقلية ومنطق الفصيلين ،حيث ان الصراع الداخلي يعكس في حقيقته صراع صفري يقوم على معادلة الاحتواء ، ان لم يكن الالغاء في بعض الحسابات والابعاد التي تقوم عليها هذه المعادلة . يبدو واضحا في ضوء فشل وتعثر كافة محاولات اصلاح ذات البين في غضون ثماني سنوات عجاف ان الانقسام بات قضية لا تقل تعقيدا عن تعقيدات انهاء الاحتلال نظرا للتشابكات الاقليمية والدولية التي عكست نفسها وحضورها ،وبالتالي يبقى الحال على حاله على الاقل في المديين المنظور والمتوسط ، ليس على صعيد الانقسام وحسب وانما على صعيد الاحتلال بكل ما يعنيه ذلك من ضياع ما تبقى من بقايا الوطن تحديدا في القدس والضفة اللتين تفتحان شهية الاستيطان الذي يواصل بمنهجية توراتية التهام وابتلاع كل ما تقع عليه اليد الطولى وسياسة السرقة والمصادرة لارضنا وشجرنا وحجرنا وبيوتنا.

 اخيرا ؛ يصدق القول في وصف حالتنا : (ان اسرائيل تستند الى التدبير ونحن نعتمد الى التقدير، وان اسرائيل تاخد اللباب لنفسها في حين نحن نلتهي بقشور لا تسمن ولا تغني من جوع).