بدلتك جميلة ولكن انصرف إلى بيتك

كاتب

بقلم يوئيل ماركوس

معظم المقاعد في مركز العالم، عفوا في مركز القاعة، كانت شاغرة. ليس هذا فقط، كان الانطباع ان الكراسي نفسها كانت تتثاءب. وكان بوسع حادي النظر ان يروا سفيرة الولايات المتحدة تبتلع التثاؤبات. وحتى تصفيقات الجمهور اليهودي الذي جند لملء المقصورات بدت هي ايضا تعبة. وحتى سيدنا شيلدون لم يظهر متحمسا. وتوقع المراسلين ان بيبي سيخطب أمام عاملي النظافة وتوريد الطعام، كاد يتحقق. ومع ذلك فان بيبي، لغرض التغيير، ليس مذنبا في انه أفرز للخطابة بعد ان كان معظم عظماء العالم عادوا إلى ديارهم.

من ناحية فنية طمح نتنياهو في ان يلقي خطابا تشرتشليا. والفارق الصغير كان في ان تشرتشل أعطى املا لأبناء شعبه، حتى في الايام التي ترددت فيها أمريكا في الانضمام للحرب ضد المانيا. كما انه لم يكن بحاجة إلى القاء الخطابات كي يقنع روزفلت وبالتأكيد لا ان يمتشق رسومات وصورا على طريقة اوري غالر.

أمريكا تفهم جيدا جدا ماذا يحصل في العالم؛ وهي لا تحتاج لان تنتظر عرض السحر السنوي لبيبي، والذي أساسه هذه المرة كان داعش، ايران والنازيون. باراك اوباما، الذي بذل جهودا غير قليلة لان يطلق من جديد في منطقتنا محادثات سلام حقيقية لا بد ليس سعيدا حين يأتي بيبي إلى واشنطن كي يحرض الساحة السياسية ضده قبل شهر من الانتخابات للكونغرس وسنتين قبل نهاية ولايته. السنتان هما زمن طويل.

لم يفهم رؤساء حكومات في إسرائيل دوما لغة الرؤساء على أجيالهم. فعندما يقول رئيس لرئيس وزراء I see your point ، فمعنى الامر: «افهم ما اردت ولكنه ليس واردا». وعندما يحدد رئيس ساعة و 40 دقيقة للقاء مع بيبي، بما فيها ربع ساعة لفرصة تصوير، فمعنى هذا هو: «ليس لدينا ما نتحدث فيه، ولكن إذا لم تأخذ برأيي، فلا داعٍ، سلامتك».
لقد رسم بيبي صورة المخاطر التي تحدق بإسرائيل وبالعالم من جانب الاسلام المتطرف. «داعش هي حماس وحماس هي داعش، هذان فرعان من ذات الشجرة السامة». وما كان لازما ان يقوله لاحقا، هو ان إسرائيل ستعمل على الوصول إلى تسوية سلمية كي تعطل هذا التهديد. وبدلا من ذلك يقول بيبي ما ينبغي لأمريكيا و/ او العالم كله ان يفعلاه: تفكيك الإسلام المتطرف والبرنامج النووي الايراني. وهو يعظ ولا يفهم أو يجعل نفسه لا يفهم، بان حكومة الليكود، وهو نفسه أساسا، لا يريدون إظهار المرونة اللازمة لتحقيق التسوية.

أين هم الزعماء السابقون الذين قالوا: «الجرأة إلى التغيير قبل المصيبة». ليس صدفة في ان قلة عندنا يؤمنون بان رحلة بيبي وعقيلته ستغير وضعنا الذي لا يطاق في نظر العالم. «ما كانت حاجة للسفر إلى الولايات المتحدة من اجل التباكي»، قالت زهافا غلئون.

وعلى سبيل التغيير، فانها محقة. فبقدر ما يواصل بيبي السيطرة، يصعب التحرر من الاحساس بانه يعشق ذاته. وقد لاحظ بعض من حادي النظر بان شعره ناعم جدا وبلون باهت نوعا ما، إصلاح من النوع الذي اختص فيه كتب القيادة. ولكن هذا ليس المكان للانشغال بالتوافه. فالاهم هو ان بيبي أخذ لنفسه في هذه الزيارة دور الزعيم العالمي الذي يزايد على أمريكا واوروبا. مويشه غروس. لغة جسده تقول بأي حق لا تتفقون معي؟ «يصعب علي ان العب دور شمشون المسكين»، كان يقول ليفي اشكول.

الحقيقة هي انه بعد كل هذه السنوات، إسرائيل هي دولة حدودها غير معترف بها من معظم العالم وهي لا تزال هدفا للكراهية والتهديدات ولا تفهم بانه لا يمكن استبدال الفلسطينيين بالسعودية أو بالاردن. ولإجمال وضعنا: لن ترحمنا أي دولة دون ان نجبر انفسنا اولا على السير نحو صفقة مع الفلسطينيين. بدلتك جميلة، ولكن انصرف إلى بيتك.

هآرتس 

حرره: 
س.ع